صرح قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ”النهار” عن نتائج التحرك الذي قام به من أجل تأمين رواتب العسكريين: “قلنا للمعنيين ما يجب ان يقال ولسنا في معرض المزايدة علنا في هذا الملف الحيوي. لكنني أعود وأكرر انه من غير الممكن ان نتحمل أي تسويف او تطويل في موضوع رواتب العسكر وما حُرموه منه حتى الساعة بفعل التأخير الحاصل يكفي ويزيد ولذا نشدد على ضرورة ايجاد المسلك السريع والسريع جدا لتأمين دفع الرواتب اليوم قبل غد وهذه مسؤولية السلطات المعنية التي تبلغنا منها ادراكها لدقة هذا الموضوع وسعيها الى حله بأسرع وقت وهذا ما نأمل في ترجمته في الساعات المقبلة لا أكثر”.
وذكرت “النهار” ان ثمة صيغة جرى تداولها بين الرئيسين نبيه بري وتمام سلام ووزير المال علي حسن خليل والامين العام السابق لمجلس الوزراء سهيل بوجي لـ”ترتيب” مخرج يسمح لخليل بامراره على شكل يشبه صدور مرسوم، بعد تلقيه رسالة من سلام في هذا الخصوص يطلب فيها تسهيل ايصال الرواتب الى العسكريين والموظفين في القطاع العام.
وقال بري امام زواره: “لا يعقل تأخير رواتب الموظفين ولا سيما منهم العسكريين وهذا ما قلته لقائد الجيش. واذا لم تنجح عملية اخراج الصيغ المتبادلة، سأطلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان يوفر المبالغ على ان ترد الى المصرف لاحقا”.
ونقلت صحيفة الجمهورية عن بري قوله انه “يجب إيجاد حل فوري لهذه المسألة لأنه لا يجوز ان يبقى العسكريون بلا رواتب”. وأضاف: “لو اضطررنا إلى الاستدانة لدفع هذه الرواتب سنفعل ذلك”، مشيراً إلى أنّه “إذا لم تنجح الجهود المبذولة حيالها فسأتدخل لدى حاكم مصرف لبنان لكي يتولّى تسديد الرواتب، على ان تعيد الدولة الاموال المستدانة الى المصرف لاحقا”.
واستغربَ بري “أن يلجأ البعض الى تحريض الجيش على الحراك العسكري”، واعتبَر “أنّ ذلك ينطوي على مخاطر تهدد ما تبقّى من الدولة ومؤسساتها”. وانتقد مواقف “الذين يرفضون البحث في مسألة الرواتب في الحكومة”، قائلاً: “يبدو انّ هناك مَن يدفع الى الانتحار البطيء عبر غرسِ السكّين شيئاً فشيئاً في جسم الدولة”.
وبحسب مصادر وزارية لصحيفة “الأخبار”، يجري البحث عن صيغة ما يتمكّن خلالها وزير المال علي حسن خليل من دفع الرواتب بطريقة قانونية، بعد رفض الرئيس نبيه بري اقتداء خليل بدفع الرواتب بما كان يحصل أيام الرئيس فؤاد السنيورة. وتشير مصادر وزارية إلى أن “الصيغة المقترحة قد تكون قراراً من رئيس الحكومة بدفع الأموال على مسؤوليته يصدر في القريب العاجل”.
وفي السياق، أشارت مصادر عسكرية لـ”الأخبار” الى أن “قائد الجيش العماد جان قهوجي تلقّى تطمينات من الرئيسين سلام وبري بأن أزمة رواتب العسكريين ستحلّ خلال ساعات”.
من جهتها، قالت مصادر عسكرية رفيعة لصحيفة “الجمهورية”: “إنّ ملف رواتب العسكريين لا يمكن أن يأخذ مسار بقيّة الملفات اللبنانية التي تدخل دوّامة التأجيل والمراوغة والمحسوبيات والطائفية والزبائنيّة، ومن هذا المنطلق، يجب أن تتحرّك القوى السياسيّة لحسم هذا الملف، لأنّ معاشات العسكر خطّ أحمر، ومعنوياتهم لا يمكن المساس بها، لأنّ المسّ بمعنويات الجيش هو مسّ بالوطن وبمن يدفع دمه لحماية الشعب والأرض”.
واوضَحت المصادر أنّ المبلغ الذي يجب تأمينه لسدّ رواتب الجيش حتّى نهاية السنة الحالية يبلغ 118 مليار ليرة لبنانيّة، وهو موجود، لكنّ شلل المؤسسات يمنع دفع الرواتب، ولفتت الى أنّ قهوجي سمعَ خلال جولته الاخيرة على المسؤولين كلاماً واحداً وهو أنّ صرف المبلغ المخصص للجيش يحتاج الى قرار مجلس الوزراء، وهنا كان قائد الجيش حاسماً، وأكد أن لا مساومة على رواتب العسكريين ويجب ان تدفَع فوراً ولا يجب أن تؤثر السياسة على الجيش ومعنوياته.
وإذ أكّدت المصادر أنّ جميع افراد المؤسسة العسكرية لم يقبضوا رواتبهم حتى اليوم، عناصرَ وضبّاطاً وعمداء، لفتت الى انّ الخطوات اللاحقة والضغط على السلطة السياسية إذا لم تحلّ القضية، يقرّرها العماد قهوجي مع القيادة، لأنه لن يسكتَ عن تركِ شريحة واسعة من اللبنانيين تواجه الفقر غير المبرّر، فالعسكري يضع روحه على كفّه ويعتاش مع عائلته من راتبه، فإذا لم يقبضه ماذا نقول له؟.
ولفتَت المصادر الى أن لا شيء مؤكداً أو نهائياً في المهَل والوعود التي أعطيَت للعماد قهوجي في شأن دفع الرواتب، خصوصاً أنّ بعضها تحدّث عن يوم أو 48 ساعة، وأخرى خلال هذا الأسبوع. وقالت إنّ تركيزنا اليوم هو على دفع الرواتب، أمّا بقية مصاريف الجيش من مازوت وصيانة وأمور أخرى فتحدّد في حينه.
الى ذلك أعلنَ وزير المال علي حسن خليل تفهّم صرخة قائد الجيش، مؤكّداً عبر تغريدة له على “تويتر” صباح الاحد أنّ “رواتب العسكريين والموظفين حق مقدّس، وعلى الجميع تحمّل المسؤولية”. وأشار الى أنّ “الوزارة أمّنَت المبالغ المطلوبة لرواتب العسكريين وحضّرت إجراءات الصرف، ولا يحتاج الامر إلّا صدور مرسوم عن مجلس الوزراء”.
وذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّ خليل اجرى اتصالات واستشارات طوال امس، سائلاً عن صيغة قانونية يمكن عبرها صرف الرواتب من دون وقوع وزارة المال في المخالفة.
وبعدما برَز من ضمن الاستشارات مع الخبراء رأي قانوني يقول إنّه يمكن اعتبار موضوع صرف الرواتب من ضمن مصلحة الدولة العليا، RAISON D ETAT، أجرى خليل مشاورات في هذا الإطار مع المعنيين وأبلغَ الى سلام حصيلة مشاوراته، وبدأ البحث في صيغة تتيح لرئيس الحكومة إصدار قرار استثنائي نيابة عن مجلس الوزراء، على أن يعرضها سلام على المجلس لاحقاً عند انعقاده.
وقد عرض خليل هذه الصيغة مع العماد قهوجي في اتصال جرى بينهما مساء.
واشار خليل لصحيفة “السفير” الى ان رواتب المؤسسات العسكرية والامنية والادارات الاخرى باتت مؤمنة لدى الوزارة، وقدرها 444 مليار ليرة، موضحا ان صرفها يحتاج فقط الى “كبسة زر” قانونية، تحوّل الأموال الى المؤسسات المعنية.
هذا، وقال وزير التربية الياس بوصعب لصحيفة “الجمهورية”: “أوّلاً، لقد أبلغنا إلى رئيس الحكومة أنّه حين تنضج الامور سيدعو الى جلسة تتعلّق بأزمة النفايات، ولن يدعو الى ايّ جلسة اخرى قبل بتّ هذا الملف، وبالتالي لسنا نحن من يعرقل الدعوة الى جلسة من أجل رواتب العسكريين. أمّا ماذا سيحصل في الجلسة المخصصة للنفايات، فلكلّ حادث حديث، لكنّه لم يدعُ بعد الى جلسة من أجل الرواتب.
ثانياً: في الجلسة التي انعقدت في غيابنا، وأقرّوا خلالها رواتب موظفي الدولة، السؤال المطروح هو: لماذا لم يقرّوا رواتبَ الجنود والضبّاط والعسكريين؟ فماذا تبدّلَ من حينه حتى اليوم؟ لماذا في ذلك الوقت أقِرّت كلّ معاشات موظفي القطاع العام، فيما لم تُقرّ رواتب العسكريين؟ هل وزارة الدفاع لم تُطلِع وزارة المال على الحاجة الحقيقية والأرقام الموجودة لديها والمطلوب نقلها من الاحتياط؟
هل هناك تقصير من وزارة الدفاع في هذا الموضوع؟ هذا سؤال يُسأل عليه المقصّر قبل ان نقول لماذا وصلنا إلى هنا، خصوصاً أنّنا نعلم جميعاً أنّ رواتب القطاع العام أقِرّت في جلسة استثنائية عقِدت في حينه”.
وكشفت صحيفة السفير عن اتصالات مكثفة جرت مساء الاحد من أجل إيجاد مخرج قانوني لصرف رواتب العسكريين، وشارك فيها كل من الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام والوزير علي حسن خليل وسهيل بوجي، وتم خلالها التداول بأكثر من اقتراح لمعالجة هذه المشكلة.
وفيما يرفض خليل تحمل تبعات أي صيغة غير محصنة قانونيا، ذكرت صحيفة “السفير” انه يجري البحث في مخرج سريع، لا يرتبط حكما بانعقاد مجلس الوزراء، الذي لم يتحدد بعد موعد التئامه، في انتظار اختمار خطة النفايات.
وتفيد المعلومات ان من بين الاقتراحات المتداولة ان يوجه الرئيس تمام سلام رسالة أو إحالة الى وزير المال علي حسن خليل، يُضمنها تعليمات صريحة بصرف الرواتب استناداً الى حيثيات قانونية ودستورية، مطابقة لتلك التي يحويها المرسوم في العادة، على ان يتحمل سلام المسؤولية المباشرة عن هذه الصيغة التي يُفترض تصحيحها فور انعقاد مجلس الوزراء.