IMLebanon

الأسهم تراهن على استمرار «تجميد الوضع الحالي»

StockMarketAmerican3
جون أوثرز من لندن

لا الأسواق ولا البنوك المركزية تعمل في فراغ. فسلوكها يتغيّر ردّاً على إجراءات الآخر، والإجراءات المُستقبلية المتوقعة للآخر. وكلاهما عُرضة لإجراءات خارج نطاق نفوذه.

لنضع ذلك في الحسبان بعد مرور ثلاثة أشهر على تصحيح البورصة الأمريكية، ومن ثم التعويض عن جميع خسائرها، لأن الأسواق استعدّت لرفع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر) من قِبل الاحتياطي الفيدرالي، ومن ثم تخلّت عن أي أمل في رفع أسعار الفائدة هذا العام، بعد ذلك عادت إلى وجهة نظرها الحالية؛ أن رفع أسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر) احتمال بنسبة 50 في المائة. رد فعل البورصة هذا كان على خلفية أرباح الربع الثالث التي تُظهر انخفاضاً هامشياً، والتي لم تكُن أفضل مما كان متوقّعاً قبل ثلاثة أشهر.

على المدى القصير، أسعار الفائدة المنخفضة تعتبر أمراً جيداً بشكل لا لبس فيه بالنسبة لأسعار الأسهم. عن طريق تخفيض أسعار الفائدة بالمقدار الذي يجب أن يتم من خلالها خصم الأرباح المستقبلية، فإنها تُبرّر مُضاعِفات أرباح أعلى. ومن خلال جعل السندات أقل جاذبية، فإن ذلك يحثّ المستثمرين على الاستثمار في الأسهم.

إذن، ما الذي يجري؟ أولاً، المال يُعتبر من المنقولات، وسيتدفّق إلى المكان حيث يستطيع فيه تحقيق أفضل عائد. خارج حدود الولايات المتحدة، لا بد أنهم يشعرون بالقلق بشأن منطقة اليورو، حيث التضخم الشهر الماضي كان صفرا، وعائدات سندات الخزانة الألمانية لأجل عامين انخفضت إلى أدنى مستوياتها التاريخية: أقل من سالب 0.3 في المائة. تدفق مزيد من الأموال السهلة من البنك المركزي الأوروبي، كما أعلن رئيس البنك ماريو دراجي هذا الشهر، يبدو من الأمور المسلم بها. وهذا يرسل الأموال تجاه الولايات المتحدة.

ثم هناك اليابان، حيث قرر البنك المركزي بالأمس عدم زيادة تحفيزه النقدية، لكن التضخم المستمر بمقدار صفر يبدو أنه يجعل مثل هذا التحفيز أمرا لا مفرّ منه.

وأخيراً هناك الأسواق الناشئة، بقيادة الصين، التي عجلت من عملية البيع الفوري في البورصة الأمريكية في آب (أغسطس) من خلال تدخّلات سيئة التنفيذ في أسواق الأسهم والعملة. مع اهتزاز الثقة بالقيادة الصينية، أي عدد من السيناريوهات الجديدة المُثيرة للقلق أصبح مُمكناً.

ما الذي تغيّر منذ ذلك الحين؟ صححت الصين أي سوء تفاهم، وأمضت الاجتماعات السنوية للبنك الدولي هذا الشهر في طمأنة الجميع أن معدل نموها السنوي المقرر بنسبة 7 في المائة لا يزال هدفاً. استقرت بورصتها – بالدولار، ارتفع مؤشر شنغهاي المُركّب بنسبة 20.3 في المائة عن المستوى المُتدني الذي وصل إليه في آب (أغسطس)، وزاد بنسبة 2.78 في المائة للعام – كذلك العملة. بعد الانخفاض بنسبة 3.7 في المائة في غضون يومين، عوّض الآن 2.1 في المائة من الانخفاض، وإن كان بعد إنفاق جزء هائل من احتياطي النقد الأجنبي في الصين. كذلك أعلن بنك الشعب الصيني، هذا الشهر، عن تخفيض في أسعار الفائدة وتخفيف القيود على إقراض المصارف – تدابير تُطلق الأموال إلى الأسواق العالمية، حتى إن كانت تُظهر القليل من الثقة في الاقتصاد الصيني.

الاتجاهات لا تزال تبدو غير صحيّة، لكن مع تهدئة المعنويات تجاه الصين، أظهرت غيرها من الأسواق الناشئة، والمواد الخام التي تعتمد أسعارها على الطلب الصيني، انتعاشاً طفيفاً.

هذا في جزء كبير منه لأن الاحتياطي الفيدرالي استجاب لخطر أزمة من هذا القبيل من خلال اتخاذ قرار عدم رفع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر)، والاعتراف صراحة بأن مشاكل الصين كانت بمنزلة عامل من خلال إضافة جملة جديدة إلى بيانه: “آخر التطوّرات الاقتصادية والمالية العالمية قد تُقيّد النشاط الاقتصادي إلى حد ما ومن المرجح أن تضع مزيدا من الضغط على التضخم على المدى القريب”.

ما كان ينبغي للاحتياطي الفيدرالي أن يكون واضحاً للغاية بهذا الشأن، وفقد أصبحت اتصالاته مع الأسواق غير فعّالة. توقّعات رفع أسعار الفائدة تراجعت بعد أيلول (سبتمبر)، حيث العقود الآجلة في مرحلة ما لا تُشير إلى أي رفع في أسعار الفائدة حتى بعد آذار (مارس) المُقبل. بعد ذلك، ابتداءً من بيانات التوظيف الضعيفة في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، ارتفعت أسعار الأسهم الأمريكية. في البداية أدت هذه المكاسب إلى تخفيض التوقّعات بشأن أسعار الفائدة. لكن الاحتياطي الفيدرالي عدّل التوقّعات، من خلال إزالة الجملة المتعلقة بالتطوّرات العالمية من البيان الذي أصدره هذا الشهر، وتوضيح أنه يريد رفع أسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر). ومع ذلك، الأسهم لم تتراجع.

بعض من هذا يعود إلى موسم إعلان الأرباح. هناك أسهم أكثر قليلاً من المعتاد تغلّبت على توقّعات الأرباح الخاصة بها، التي كانت منخفضة، وتدعو لانخفاض في مرحلة ما على أساس سنوي يبلغ نحو 5 في المائة. والتغلّب على التوقّعات ساعد في دفع عملية البيع الفوري في آب (أغسطس).

لكن هذه الحجة تستطيع فقط أن تقطع شوطا محدودا. أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لا تزال تبدو كما لو أنها ستُظهر انخفاضا صريحا على أساس سنوي، فيما يتعلّق بالإيرادات التي تتراجع وبمستوى أقل من المتوقع. ووجود بورصة أعلى سيجعل من الأسهل على الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة. بالتالي هذا يفترض ضمنا أن الأسهم الأمريكية تعتمد على دوران الأموال في أرجاء المعمورة في الوقت الذي تكافح فيه البلدان الأخرى الانكماش. ومنذ ست سنوات وحتى الآن كانت لدينا دورة متكررة. لقد بقي الاقتصاد الأمريكي قويا بما يكفي لأن يتجنب الوقوع في ركود آخر، لكنه أيضا ضعيف بما يكفي لأن يحتاج إلى جرعات مستمرة من الأموال السهلة – أي تجميد الوضع الحالي. الرهان الذي تقوم عليه سوق الأسهم الأمريكية هو أن هذه الدورة مستمرة، بفضل الأحداث التي تقع بعيدا عن الشواطئ الأمريكية. وهذا الرهان يبدو عليه التفاؤل.