IMLebanon

“فاتكا” و”غاتكا”… إحكام الخناق على المصارف اللبنانية

associations-lebanese-banks
بالأمس “فاتكا” واليوم “غاتكا”. قوانين عابرة للحدود، ملزِمة، يهدف واضعوها لمواجهة التهرب الضريبي عبر إخضاع الأشخاص المتواجدين خارج حدود بلادهم للقوانين الضرائبية، وهو ما يُعرف بالإمتثال الضريبي والإبلاغ عن الأصول المالية، ولكن لهذين القانونين مفاعيلهما على مستوى المصارف اللبنانية.

المصارف اللبنانية التي وقّعت على قانون فاتكا (Fatca) Foreign Account Tax Compliance (وهو قانون الإمتثال الضريبي على حسابات الأميركيين الخارجية) الى جانب عشرات الدول، وبدأت بتنفيذه خلال العام 2014، وعلى الرغم من تحفظاتها تجاه تطبيقه، تتحضّر راهناً لتلقّف “كرة نار” أخرى، تعرف بقانون غاتكا (Gatca) Global Account Tax Compliance (وهو قانون الإمتثال الضريبي على الحسابات العالمية) وقد قطعت الدول الأوروبية أشواطاً في مجال وقف عملية التهرب الضريبي لمواطنيها في الخارج، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا وايطاليا والبرتغال.

إذن، على المصارف اللبنانية، في حال تم إقرار قانون غاتكا، الإلتزام بتطبيقه كما فعلت حيال قانون فاتكا، وتكون بذلك قد حمت نفسها من مخاطر السمعة وعزّزت الحوكمة، ورسّخت نظرة العالم بإلتزام لبنان القوانين والأنظمة المالية والمصرفية الدولية، ولكن مقابل ذلك تكون المصارف اللبنانية قد ساهمت في خرق سرية حسابات عملائها من حاملي الجنسيات الأوروبية كما خرقت حسابات حاملي الجنسية الأميركية في وقت سابق، وبذلك تكون قد خطت خطوة جديدة، بحسب الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، في اتجاه زوال السرية المصرفية.

وفي حين يرى فتوح في حديث لـ “المدن” أن قانونيّ فاتكا وغاتكا يمثّلان ضغوطاً دولية على المصارف العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، يؤكد أن “غاتكا لن يشكّل سوى مزيد من السيطرة الرقابية من قبل الأوروبيين، كما هي الحال مع فاتكا الذي يمارس السيطرة الرقابية من قبل الأميركيين”. وإذ يعترف فتوح بالفوائد التي يمكن أن يتركها قانونا فاتكا وغاتكا، لناحية تبادل المعلومات المصرفية من الناحية الإئتمانية، كما أنهما يعملان على تخفيف المخاطر على العمليات المالية، وبالتالي على الحد من عمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، يرى أن القانونين يهدفان بالدرجة الأولى الى تعزيز الإيرادات الضريبية لكل من الولايات المتحدة الأميركية ومن بعدها للدول الأوروبية، كما يجيزان الإطلاع على التحركات المالية كافة للأشخاص خارج أراضي الدولة.

بالنسبة الى لبنان، القانونان يمارسان خرقاً لقانون السرية المصرفية الذي يمتاز به القطاع المصرفي اللبناني الى جانب الضغوط الرقابية التي يمارسها فاتكا على المصارف اللبنانية العاملة بالدولار، والمرتقب أن يمارسها غاتكا على المصارف اللبنانية العاملة باليورو.
وللتذكير، فقانون فاتكا يُلزم جميع المصارف والمؤسسات المالية في العالم، بينها اللبنانية، الافصاح سنوياً لدى السلطات الضريبية في الولايات المتحدة الأميركية المعروفة بـ (IRS) عن حسابات عملائها الذين يحملون الجنسية الأميركية أو حق الإقامة على الاراضي الأميركية.
وفي حال مخالفة الدول لقانون فاتكا، فإن مؤسساتها غير الملتزمة تخضع لعقوبات أميركية تصل الى حجز نحو 30 في المئة من قيمة الأموال الناتجة من عملياتها في الولايات المتحدة، في حين أن عقوبة عدم تقديم الإقرار المالي من دافعي الضرائب تصل الى نحو 100 ألف دولار او نحو 50 في المئة من رصيد الحساب غير المصرّح عنه، بالاضافة الى العقوبات والغرامات التي يمكن أن تفرض لعدم دفع الضريبة المستحقة، ومن المتوقع أن يمارس قانون “غاتكا” بعد إقراره إجراءات مماثلة لـ”فاتكا” لناحية العقوبات المفروضة على غير الملتزمين.