كتب طوني أبي نجم
شكلت حادثة الـWet Club في المعاملتين فجر الاثنين 2 تشرين الثاني 2015 إطاراً جدياً لإعادة طرح طبيعة العلاقة التي تجمع “حزب الله” وبيئته الحاضنة بالدولة اللبنانية ممثلة بالقوى الأمنية والعسكرية الشرعية، وفي طليعتها الجيش اللبناني، على بساط البحث والتشريح في العمق.
ففي العمق الديني لمفهوم “ولاية الفقيه”، لا يمكن تبرير وجود مناصرين لـ”حزب الله”، لا بل عناصر ومقاتلين في صفوفه، في ملهى ليلي في المعاملتين، حيث يتم تعاطي كل المحرّمات دينياً.
يُضاف الى ذلك أن ما تسرّب ويتسرّب الى الإعلام عن تورّط مقرّبين من “حزب الله” في أعمال تصنيع الكابتاغون، بدءًا من قضية هاشم علي الموسوي، شقيق نائب الحزب حسين الموسوي، وصولا الى كل ما يُحكى همساً عن وجود “محميات” أمنية في عدد من المناطق تسهّل تصنيع المخدرات وترويجه وتجارته، كمثل منطقة الزعيترية في الفنار وغيرها، إنما يشير الى أن بيئة الحزب الحاضنة قد تكون تلجأ الى وسائل محرّمة شرعاً لتمويل نشاطاتها رغم التزامها الحزبي نظرياً!
استمرار هذه النشاطات وسواها في مناطق سيطرة “حزب الله” مثل سرقة السيارات والخطف مقابل فدية وغيرها، تجعل قسماً كبيراً من البيئة الحاضنة للحزب في موقع الخارج عن القانون، ما يجعل الحزب حكماً في مواجهة القوى الأمنية الشرعية تحت مسميات مختلفة، ويصبح السلاح دفاعاً عن السلاح وعن كل الممارسات الشاذة والخارجة على القانون، بدءًا بزراعة المخدرات وتجارتها وتصنيع الكابتاغون، مروراً بسرقة السيارات والخطف بتجارة السلاح المتفلتة من كل ضوابط، وليس انتهاءً بحماية الخارجين على القانون في المرافئ الشرعية كمثل مرفأ بيروت والمطار حيث تتمتّع مجموعات من النافذين لدى “حزب الله” بالقدرة على إدخال ما يشاؤون من مواد وسلع تجارية الى لبنان من دون دفع الرسوم والضرائب التي ينصّ عليها القانون.
كل ما تقدّم يشير الى أنه من المستحيل قيام علاقة سوية بين “حزب الله” والمؤسسات الشرعية في لبنان، هذا من دون التطرّق الى المشاكل التي لا تُحصى انطلاقاً من الخلفيات السياسية المحلية والإقليمية، بدءًا من فكرة حمل السلاح خارج الشرعية، مروراً بالإساءة لعلاقات لبنان العربية والدولية، وصولاً الى القتال في سوريا وعدد من دول المنطقة والقيام بعمليات أمنية في الخارج.
النتيجة العملية أن “حزب الله” محكوم بأن يكون في موقع “عداء” مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، أو على الأقل في موقع خصومة، انطلاقاً من حاجة الحزب الى “حماية” بيئته التي تلجأ الى القيام بأعمال مخالفة للقوانين لا تُحصى. و”الحماية” التي نتحدث عنها تبدأ من الحماية العلنية والمجاهرة بها كما في وضع “القديسين الخمسة” المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا تنتهي بمقولة أن “ليس من واجب الحزب اعتقال المطلوبين بل من واجب القوى الأمنية”، في حين أن الحزب يمنع القوى الأمنية من القيام بهذه الاعتقالات تحت مسميات عدة، تماما كما حصل في أكثر من مناسبة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر منع الجيش اللبناني من مداهمة بلدة النبي شيت البقاعية لاعتقال مجموعة لجأت إليها بعد الاعتداء على دورية للجيش في حورتعلا وإصابة 19 جندياً في أيار 2012.
الخلاصة هل أن الجميع يدركون أنه ما لم يُتخذ قرار إيراني بتسليم سلاح “حزب الله” الى الجيش اللبناني وتفكيك أجهزته الأمنية فإن المواجهة ستكون حتمية بين جيش من أبسط واجباته حماية الدولة والمواطن وفرض تطبيق القوانين، وبين ميليشيا مشروعها إقليمي وتحمي بشكل أو بآخر كل أنواع المخالفات في الداخل. ويبقى الدعاء بأن يحمي الله لبنان وجيش لبنان وكل مؤسسات لبنان الأمنية والشرعية من كل الخارجين على القانون.