سجلت بورصة إسطنبول والليرة التركية أمس الإثنين ارتفاعا كبيرا، غداة الفوز الساحق الذي حققه حزب الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات التشريعية، لكن بعض المحللين حذروا من ان هذا التحسن قد لا يستمر طويلا.
وبعدما بدأت الليرة التركية بارتفاع اكثر من 5 في المئة، اصبح سعرها مساء نحو 2.81 للدولار و3.11 لليورو اي بارتفاع يتجاوز الـ3 في المئة وهو اأمر غير مسبوق منذ اشهر طويلة.
وواكبت بورصة إسطنبول هذه الحركة مع ارتفاعها، وبلغ مؤشرها الأبرز عند الاغلاق 83.694 نقطة اي بارتفاع 5 في المئة.
وحقق حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 في تركيا فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية التي جرت امس الأول، ونال 49.4 في المئة من الأصوات في اقتراع جرى على خلفية تجدد النزاع الكردي، وبعد ثلاثة اسابيع على اعتداء إرهابي أوقع 102 قتيل في انقرة.
وبحصوله على 316 من مقاعد البرلمان الـ550 استعاد بذلك الغالبية المطلقة التي خسرها قبل خمسة اشهر، ما أدى إلى دخول البلاد في مرحلة عدم استقرار.
وقالت المحللة فاليريا بيدنيك، من مجموعة «إف-إكس-ستريت» إن «الاقتراع سينهي فترة انتقالية كانت تسود تركيا ويفترض ان يسمح بتعزيز اقتصاد البلاد». واضافت «الليرة التركية يمكن ان تشهد الآن مرحلة من الارتفاع الكبير لتعود من سعر الثلاث ليرات مقابل الدولار الى ليرتين». وخسرت العملة التركية اكثر من عشرين في المئة من قيمتها مقابل العملتين الأوروبية والأمريكية في اقتصاد يشهد تباطؤا في النمو وارتفاعا كبيرا في نسبة التضخم وعجزا عاما كبيرا.
كما تاثرت الليرة التركية بالتوترات السياسية المستمر في البلاد والحرب على حدودها في سوريا والعراق.
من جهته، رأى اينان ديمير، كبير الاقتصاديين في مجموعة «فاينانسبنك»، ان «هذه النتيجة تزيل القلق المتعلق بتشكيل الحكومة التركية او احتمال إجراء انتخابات ثالثة، لو أدى اقتراع أمس إلى نتيجة مماثلة لتلك التي سجلت في السابع من حزيران/يونيو».
وشهدت تركيا فترة طويلة من الازدهار الاقتصادي بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في 2002، في اعقاب ازمة مالية كبرى. وبلغ معدل النمو 8% في المئة في 2010 و2011. ورسخت تركيا مواقعها في مجموعة العشرين للاقتصادات الاغنى في العالم.
لكن هذا الارتفاع الكبير توقف قبل ثلاث سنوات إثر ازمة منطقة اليورو، اول شريك تجاري لتركيا. وسجل النمو تباطؤا كبيرا وهبط إلى 2.9 في المئة في 2014، كما ان التضخم لا يزال قويا عند 7 في المئة وكذلك العجز العام.
وفي هذا الإطار اكد محللون ان العديد من المشاكل لا تزال تعترض الاقتصاد التركي، بدءا بتدهور الوضع الأمني الناجم عن تجدد النزاع الكردي والتهديد الجهادي.
وقال وولف-فابيان هانغرلاند، من المعهد المالي «بيرنبرغ» ان «المخاطر السياسية لم تتبدد، لقد تم فقط ارجاء اليوم الذي يمكن ان تصبح فيه حقيقة».
وقال وليام جاكسون، من «كابيتال ايكونوميكس»، ان الاقتراع «أدى إلى تهدئة القلق المتعلق بالاستقرار السياسي، لكن لا يزال يتعين معرفة ما اذا كان حزب العدالة والتنمية سيعمل من اجل استعادة مصداقيته الاقتصادية التي تلاشت ببطء في السنوات الماضية».
وفي الاشهر الماضية اثار أردوغان اضطرابات في الأسواق عبر ممارسته ضغوطا متكررة على البنك المركزي لكي يخفض نسب الفوائد ويحمي بذلك النمو.
كما ان وضع مجموعتين تركيتين مقربتين من المعارضة تحت وصاية حكومية في الآونة الاخيرة، هما «آسيا بانك» والمجموعة القابضة «أيبك كوزا» أثارا أيضا قلق المستثمرين الأجانب الذين يعتبرون دورهما حيويا بالنسبة للاقتصاد التركي.
وقال رئيس رابطة مصدري تركيا محمد بويوكيكسي «نرغب في بذل مزيد من الجهود في مجال الاصلاحات الهيكلية بهدف تشجيع الصادرات والانتاج الصناعي وكذلك بحماية دولة القانون وتعزيز استقلال القضاء».