أطلقت نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، بالتعاون مع البنك الدولي، دورة تدريبية لمراجعي الرقابة النوعية على مكاتب التدقيق، برعاية وزير المالية علي حسن خليل ممثلا بالمدير العام للوزارة الان بيفاني، في فندق هيلتون متروبوليتان بالاس – سن الفيل، في حضور ممثل هيئة المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأميركية AICPA جايمس براكينز، المدير الاقليمي للشرق الاوسط في البنك الدولي فريد بلحاج، نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان إيلي عبود، وممثلين عن الأحزاب اللبنانية ورؤساء الهيئات الإقتصادية وحشد من المتخصصين والخبراء والمهتمين.
بعد النشيد الوطني، رحبت أمينة سر النقابة نادين عون بالحضور وأعطت الكلام لبراكينز الذي عبر عن سروره “لوجوده في بيروت الجميلة”، وقال: “تعد هيئة المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأميركية AICPA الأكبر في العالم إذ تضم أربعمائة واثني عشر ألف منتسب في 144 بلدا وتاريخها حافل في خدمة المصلحة العامة منذ العام 1987”.
أضاف: “هؤلاء يغطون كل القطاعات بما فيها قطاع الأعمال، الصناعة، الإدارة الحكومية، التعليم والإستشارات”، مشيرا الى “انتماء ستمائة عضو الى منطقة الشرق الأوسط: مصر، الأردن ولبنان “.
وأردف: “لقد أرست الهيئة معايير أخلاقية للمهنة في الولايات المتحدة، في الشركات الخاصة، في المنظمات غير الحكومية التي لا تتوخى الربح، كما في القطاع العام”.
وشدد على أن لبنان “ليس فقط بلدا مهما بالنسبة للهيئة فحسب، بل هو شريك ديناميكي مهم للولايات المتحدة نظرا لأهمية السوق الشرق أوسطية”، مشيرا الى أن “الإمتحان الذي يجرى في لبنان منذ العام 2011، يلاقي النجاح نفسه في الكويت، البحرين والإمارات العربية المتحدة”.
كما أكد حماس البنك الدولي لدعم النقابة بوفائها بتعهدها القيام بالإصلاحات المطلوبة، ولإنجازها النشاطات المحددة في مخططها الإستراتيجي”، مشيرا الى “تطلع البنك الدولي الى التعاون الوثيق والدؤوب مع النقابة”.
بدوره، قال النقيب عبود: “قد يرى البعض أنه لمن الغرابة أن نلتقي اليوم في إطلاق هذه الدورة المتخصصة لتدريب مراجعي الرقابة النوعية على مكاتب التدقيق في لبنان حيث لا حسيب ولا رقيب على عمل وأداء الطبقة السياسية، فمع استمرار الشغور الرئاسي وانعاكسه على عمل كل المؤسسات والى ما وصلنا اليه من شلل في عمل الادارة والسلطات الرسمية والمؤسسات الدستورية وعدم معالجة الامور والملفات الملحة التي تهم الناس بمعيشتهم، وفي ظل هذا القلق من التحديات الاقتصادية والمؤشرات السلبية للمالية العامة حيث بلغت نسبة العجز 10% ونسبة الدين العام الى الناتج المحلي 134 % ووصل مستوى الدين العام لما يقارب 70 مليار دولار اميركي، وفي ظل تباطؤ الاقتصاد وتراجع النمو وانسداد الافق السياسي والاقتصادي، يبقى الامل بقدرة اللبنانيين ونخبهم بان يخرجوا من المحن أكثر قدرة على العطاء والتجدد من أجل بناء دولة عصرية وعادلة، فلبنان، وان افتقد الى الموارد الطبيعية فإن ثروته البشرية في الداخل والخارج مكنته من الاستمرار والتطور، وما لقاؤنا اليوم إلا خير دليل على وجود نخبة مهنية نقابية في هذا المجتمع أبت على نفسها إلا أن تكون نقابة رائدة متطورة وان تأخذ دورها النتظر على مساحات الوطن فانبعثت منذ عام ونيف وانتفضت على ذاتها ونفخت عن نفسها غبار الكسل والشلل”.
أضاف: “بمشاركة ما يقارب الستين مهنيا من لبنان ومصر والاردن، حيث أردناها عملا مهنيا جامعا على مستوى المنطقة العربية وتفعيلا لدور اتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، وذلك من خلال تشكيل نواة مهنية على مستوى الوطن العربي لتقوم بأعمال المراجعة على أداء مكاتب التدقيق في لبنان والمنطقة”.
وختم قائلا: “أكرر باسمي وباسم مجلس النقابة، تقديم جزيل الشكر الى معالي وزير المالية الاستاذ علي حسن خليل لرعايته الكريمة لهذه الدورة المتخصصة والى الاستاذ فريد بلحاج ممثل البنك الدولي لمواكبة النقابة في نشاطاتها وتقديم لها كل الدعم اللازم لها وأتمنى للمشاركين في هذه الدورة التوفيق والنجاح والى اللقاء في السادس من الشهر الحالي في بيت المحامي في حفل توقيع بروتوكول التعاون بين نقابتنا ونقابة المحامين في بيروت، والى اللقاء في مؤتمرنا الدولي العشرين الذي سيعقد خلال يومي 25 و26 من الشهر الجاري بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC وبرعاية دولة رئيس مجلس الوزراء”.
وألقى بيفاني كلمة وزير المالية، قال فيها: “يطيب لي أن أقف أمامكم اليوم بعد أن شرفني معالي وزير المالية الاستاذ علي حسن خليل بتمثيله لرعاية اطلاق الدورة التدريبية لمراجعة الرقابة النوعية على مكاتب التدقيق”.
أضاف: “لا يمكن لأي بلد أن يتطور إلا إذا اقتنع مواطنوه بقيمة الإتقان في العمل. والإتقان في العمل يعني: أداء العمل دون خلل، الإلتزام بمتطلبات هذا العمل، إنجازه في الوقت المحدد دون تأخير، التخطيط لتطوير العمل وأدائه بتقنية أفضل”.
وتابع: “تثني وزارة المالية على العمل الذي تقوم به نقابة خبراء المحاسبة في لبنان برئاسة النقيب الصديق إيلي عبود، لجهة تحسين المهنة وذلك من خلال التدريب الدائم والمستمر لخبراء المحاسبة على الوسائل الحديثة للتدقيق من خلال معهد التدريب التابع لها، وصولا الى إعطاء شهادات مهنية صادرة عن هيئات مهنية دولية”.
أضاف: “وما موضوع الرقابة النوعية ومراجعة النظير الذي هو عبارة عن عملية تقييم عمل ونشاط مكاتب التدقيق من قبل أشخاص آخرين من نفس المهنة، من أجل التأكد من الجودة ومصداقية أعمالها ولتقييم سلوك الإمتثال للمعايير المهنية لتثبيت العضوية بالنقابة، إلا دليل على هذا السعي الدائم للتطوير”.
وقال: “إن تطبيق هذه الخطوة من قبل نقابة خبراء المحاسبة المجازين تلقي مسؤولية كبيرة على مكاتب التدقيق وذلك من خلال إعارة أهمية كبيرة لمراجعة تقاريرهم من قبل جهة مستقلة لتقييم ما إذا كان نظام رقابة الجودة الداخلية مصمم بصورة مناسبة ويعمل بكفاءة بحيث يزود الجهات بضمان مناسب حول مدى اتباع الجهات للسياسات والاجراءات والمعايير المطبقة”.
وتابع: “تأمل وزارة المالية من هذا البرنامج تحسين التزام مكاتب التدقيق بالمعايير المهنية، التي تساعد على اعطاء الرأي بالقوائم المالية بصورة موضوعية مجردة من أي مصلحة شخصية ما يشجع الاستثمار ويعزز جو الثقة الذي بدأ ينشأ بين مراقب الضرائب ومكاتب التدقيق، وتاليا بين الادارة والمؤسسة، وبين الدولة والمواطن. Renewing the social contract ، كما قال الصديق فريد بلحاج”.
وأردف: “أما من ناحية وزارة المالية، وفي الاطار نفسه الهادف الى ارساء الثقة بالدولة ومؤسساتها، فقد عمدنا الى السير بإصلاحات بنيوية كبيرة وبأعمال تأسيسية سوف تسمح للدولة بالنهوض والبناء على هذه الخطوات، وأذكر منها اعادة تكوين الحسابات المالية للدولة اللبنانية منذ عام 1993”.
وقال: “رغم وضع الأنظمة بشكل سيء وفقدان المستندات والعدد الهائل من الأخطاء والشوائب، عمدت الفرق لدى مديرية المالية العامة الى إعادة تكوين معظم هذه الحسابات بعد تدقيق مئات الآلاف من القيود وتصحيح ما يجب تصحيحه منها، ونحن في طور إنجاز ما تبقى منها، لأننا أبينا أن تبقى أمامنا هذه المسألة دون حل، وأن يبقى المواطن يفتقد الى معرفة ما أنفق من ماله وأين”.
واعلن “أننا واصلنا العمل على إدخال الإصلاحات في كل المجالات، واستمرينا بالعمل ولو كانت الظروف تشجع على التلكؤ، فرغم عدم إقرار الموازنات، شرعنا الإطار الإنفاقي، وأعددنا المشاريع ضمن المهل، وأنجزنا العديد من الاصلاحات في إطار إعداد الموازنة العامة وآلية تنفيذها، وهي معتمدة الآن رغم عدم التصويت على النص، كما أدخلنا nomenclature جديدة وحسنا في مراقبة الإنفاق، وطورنا الأنظمة المعلوماتية للإنفاق وللضرائب على حد سواء، حتى أصبحنا من أكثر الوحدات تطورا في البلد لهذه الناحية، ولا سيما أن الوزارة باشرت منذ فترة بأنظمة التصريح والتسديد الالكتروني، وهي تعد لتطويرات جديدة”.
وقال: “وبالطبع تابعنا هيكلة الإدارة وتنظيم الوحدات الجديدة والتي كانت موجودة. واستمرينا في الاستثمار في الإنسان، لجهة التأهيل والتدريب الدائم وبناء القدرات الجديدة، وأصبحنا مثلا متقدمين جدا في إدارة محفظة الدين العام وفي إدارة مؤشرات الاقتصاد المحلي”.
وختم: “بالمختصر، لكل من شكك في قدرة الإدارة اللبنانية، وفي إمكانية التغيير، وفي مجالات التطوير في الظروف الصعبة، كان جوابنا، كفريق عمل متضامن، أننا لا نصف المشاكل، بل نأتي بحلول، وأن إمكانية التطوير والتقدم موجودة، دائما إذا وجدت النية”.
وفي الختام، تم توقيع بروتوكول تعاون بين نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان وهيئة المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأميركية AICPA، وأقيم كوكتيل للمناسبة.