Site icon IMLebanon

“الكوستابرافا” تسقط خطة شهيب؟

 

 

أبلغت مصادر مواكبة لملف النفايات “السفير” انه لا تزال توجد فسحة من الوقت قبل الوصول الى المحظور، موضحة أن المكان الذي توضع فيه نفايات الضاحية قرب المطار يحتمل استقبال كميات إضافية لمدة شهر، علما أن الكمية تجاوزت المئة الف طن حتى الآن، بينما لا تزال هناك قابلية للاستفادة من المكان الذي تُنقل اليه نفايات بيروت قرابة أسبوعين، لافتة الانتباه الى ان المشكلة الحقيقية تكمن في نفايات بعض بلدات المتن وكسروان.

وأفادت المصادر أن خيار ترحيل النفايات عاد للبروز، لكنه يحتاج الى درس دقيق من حيث المدة الزمنية ودفتر الشروط قبل الخوض فيه، كاشفة عن ان هناك ورقة رسمية كانت قد أعدت بهذا الصدد لتكون بديلة عن خطة مجلس الوزراء إذا أخفقت.

الى ذلك تخوّف وزير مقرّب من الرئيس تمام سلام الذي اجتمع إلى كل من الوزيرين أكرم شهيّب ونهاد المشنوق، أن يقود الوضع المستجد البلاد إلى جمود تام أو ما أسماه بـ”كوما الدولة”، ملمّحاً إلى صورة سوداوية بدأت تُحيط بالوضع الحكومي.

وقال هذا الوزير لصحيفة “اللواء”: “إننا في ملف النفايات عدنا إلى نقطة الصفر”، متهماً البعض من دون أن يسميه بأنه “يريد أن تبقى النفايات في الشارع حتى تبقى البلاد أسيرة النفايات”.

وقالت أوساط السراي الكبير، أن الرئيس سلام تعرّض لخدعة سياسية من أولئك الذين أظهروا استعداداً لمساعدته في ملف النفايات، من دون أن تفصح عمّا إذا كان المقصود”حزب الله” وحركة “أمل”، معربة عن أسفها بأن ما ظهر في الإعلام شيء، وأن ما حصل على الأرض شيء آخر، مستبعدة عقد جلسة حكومية في المدى المنظور.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الرئيس سلام لم يُخفِ امتعاضه وانزعاجه الشديدين من وضع العصي في دواليب الحلول التي كانت تُطرح، مذكّرة بما كرره على

طاولة الحوار، من أن النفايات صناعة لبنانية وحلّها يحتاج إلى توافق سياسي بين جميع القوى التي عليها أن تتحمّل المسؤولية لإيجاد حلّ للأزمة.

وفي صعيد متصل، قال مصدر مطلع لـ”النهار” إن تراجع الفريق الشيعي عن مطمر الكفور او أي منطقة أخرى يغلب عليها الطابع الشيعي أثار قلق أعضاء اللجنة الوزارية قبل أيام، وقد ارتضوا على مضض بما اتفق على تسميته موقع “الكوستا برافا” مطمراً بديلاً دفعاً للحل. وكان “الخليلان” (الوزير علي حسن خليل ممثلا الرئيس بري، ومستشار الامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل) تعهدا موافقة النائب طلال ارسلان على الموقع الجديد، واعتبراه موقعاً شيعياً بما هو امتداد للضاحية الجنوبية، وقالا إن سلة التقديمات لاهالي المنطقة كفيلة بارضاء الجميع، وإنه يجب تعويض بعض أصحاب العقارات المجاورة المتضررين من انشاء مطمر للنفايات ومنهم شخصيات معروفة اشترت أملاكاً طمعاً بتحول المنطقة واجهة بحرية مشابهة لبيروت وارتفاع اسعار العقارات هناك. ودعوا رئيس الوزراء الاحد الى تحديد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الخطة. لكن الاخير فضل التمهل في الدعوة الى الثلثاء للتأكد من موافقة أهالي الشويفات. وقد أبلغ ارسلان طاولة الحوار رفضه والاهالي اقامة المطمر، ليسقط معه تلقائياً امكان فتح مطمر سرار، ما لم يتوفر مطمر شيعي يقابله!

والملف الذي حضر بقوة على طاولة الحوار، وتقدم ما عداه، بدا مسدود الافق، مما دفع الرئيس تمام سلام، بعد مداخلات عن ضرورة التصدير، الى القول إن “اللجنة الوزارية درست خيار الترحيل من بين الخيارات المطروحة، وانه لا بد من دراسة الاسعار والعروض المقدّمة، خصوصا ان ثمة عرضا بترحيلها لفترة ثلاثة اشهر، وعرضا آخر بترحيلها بشكل دائم. وان الموضوع لا يزال يحتاج الى بحث”.

لكن خيار التصدير لم يحدد الوجهة، خصوصاً ان أفكاراً سابقة طرحت عن قسم الى سوريا او العراق او الى بلدان افريقية. وذكر المصدر المطلع لـ”النهار” أن اعتماد سوريا حلا عطله في وقت سابق حلفاء سوريا لمزيد من العرقلة.

وردا على سؤال لـ”النهار” عن تكلفة التصدير والمدة التي يحتاج اليها، قال: أولاً لا يمكن تصدير النفايات التي تساقط عليها المطر وبدأت بالتخمر. ثانيا، تحتاج اي شركة الى شهر في أقرب تقدير او أشهر لفض العروض وتوقيع الاتفاقات قبل بدء التصدير. ثالثاً، التكلفة ستكون كبيرة وستضيع معها كل أموال البلديات، بل ستقع الاخيرة في عجز. فالعروض المقدمة سابقا تكلف 185 دولارا للطن الواحد لنقله الى خارج لبنان، اي من دون احتساب تكاليف اخرى مرتبطة بالتصدير ومنها: فرم النفايات وهو شرط ضروري ويكلف الطن الواحد نحو 15 دولاراً، اللف بقماش سميك لا تتسرب منه أي عصارة ويكلف الطن الواحد نحو 15 الى 20 دولاراً، اضافة الى الجمع من المستوعبات والنقل الى مكان الفرز ثم الى الباخرة وقد تكلف العملية ما بين 25 و 30 دولاراً للطن الواحد. في المجموع قد يكلف الطن الواحد نحو 250 دولاراً وما فوق. واذا كانت بلديات كثيرة لن تعتمد هذا الحل لتكلفته المرتفعة فان المكبات العشوائية ستستمر ولن يصار الى حل جذري لمشكلة النفايات.

وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن الرئس سلام عكف ليل أمس على إجراء مشاورات مع عدد من الوزراء والمستشارين في شأن الدعوة الى عقد مؤتمر صحافي يعلن فيه المعطيات المتعلقة بعدم إيجاد حل لمشكلة النفايات.

من جهته، أكد الوزير أكرم شهيب لصحيفة “اللواء” أنه لم يتخلَ عن ملف النفايات، لأن الكتلة التي ينتمي إليها أعربت عن رغبة بإستمرار الوقوف إلى جانب الرئيس تمام سلام.

ولفت شهيّب إلى أن موضوع مطمر “كوستابرافا” لم يكن مطروحاً في يوم من الأيام وعند طرحه علينا فوجئنا باختياره وبرفضهم له، ولكن توقعنا أن يكون ردّ الأهالي رفض هذا المطمر وهذا الأمر لم يفاجئنا.

وكشف لـ”اللواء” أن النائب طلال أرسلان وخلال طاولة الحوار اقترح إعادة فتح مطمر الناعمة، وإعادة العمل به، فردّ النائب وليد جنبلاط عليه بالقول: “أنا عملت

كل ما يمكن أن أعمله على هذا الصعيد وقمت بواجباتي، فإذا كنت تريد فتحه مرّة أخرى فعليك أنت تحمّل المسؤولية والعمل على فتحه”.

وفي الخيارات، بدا واضحاً أنه لم يعد أمام الحكومة سوى ترحيل النفايات، خلافاً لخطة الوزير شهيّب، لكن مصادر رئيس الحكومة ترى أن الترحيل دونه عقبات كثيرة وشروط صعبة، خصوصاً وانها على الصعيد المادي مكلفة أيضاً.

ولفت الوزير شهيب من جهته إلى أن هناك بعض النفايات تصلح وبعضها لم يعد يصلح، وعلينا أن نرى كيف سيكون الحل، مشيراً إلى انه يدرس ما تبقى لنا من خيارات.

وأعاد إلى الأذهان أن فكرة تصدير النفايات كانت طرحت من قبل الوزير محمّد المشنوق في فترة من الفترات، مشيراً إلى أن موضوع التصدير له أكثر من طريقة.

ولاحظت مصادر وزارية أن خيار الترحيل مهما كانت كلفته مرتفعة يبقى ارخص من ثمن الكوارث الصحية التي قد تنجم عن استمرار النفايات في الشارع.

وعلق شهيّب في تصريح اخر “الأخبار” على التطورات الأخيرة، مشيراً إلى أن “هذه الخطة قامت على الشراكة واللامركزية، الشراكة غير موافق عليها، وكل فئة وقرية لا تريد حتى أن تعالج نفاياتها، والجميع راض بالمكبات العشوائية على المطمر الصحي… لن نقول فشلت الخطّة، لكنّ الأمور باتت صعبة للغاية”.

وفي تصريح آخر لـ”السفير” قال شهيب إنه يدرس خياراته بعد تعذر التوافق على المطامر التي تتطلبها المرحلة الانتقالية لخطة المعالجة، مشيرا الى انه سيتشاور مع الرئيس تمام سلام والنائب وليد جنبلاط قبل اتخاذ قراره.

وأشار شهيب الى ان بعض السياسيين غمروه بالتأييد النظري “لكنهم خذلوني عمليا، كما ان بعض الاعلام أدى دورا تحريضيا سيئا ساهم في تأليب الناس على الخطة وطمس جوانبها العلمية والبيئية”.

ولفت الى ان اقتراح ترحيل النفايات مكلف ماديا ودونه شروط واتفاقيات دولية لا يمكن التحايل عليها، موضحا ان مجلس الوزراء هو المعني في نهاية المطاف باعتماد هذا الاقتراح او اهماله.