Site icon IMLebanon

قطاع الالبان والاجبان “مطابق أكثر”.. المنافسة تقتصر على الحليب

Cheese
سلام طرابلسي

يستفيق اللبنانيون يومياً على أخبار مقلقة تتعلق بسلامة غذائهم. فتارة تُضبط مواد غذائية فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات، وطوراً يقفل مستودع هنا أو معمل هناك. وأضيفت الى المخاوف الأمنية والسياسية والاقتصادية للبنانيين مخاوف صحية، آخرها تداعيات أزمة النفايات.
قطاع الالبان والاجبان هو أحد القطاعات الذي طالته حملة سلامة الغذاء التي قامت بها وزارة الصحة العامة، على أكثر من صعيد، وتم إقفال العديد من معامل الالبان والاجبان لعدم توفر الشروط الصحية اللازمة، ومعامل أخرى سطّرت بحقها محاضر ضبط وتم إعطاؤها مهلة محددة لتسوية أوضاعها.

هذا الامر يؤشر الى وجود فوضى عارمة تضرب هذا القطاع، وغياب للرقابة من قبل الادارات المختصة، ويأتي تأكيد منسقة حملة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة جويس حداد في الإطار عينه، إذ كشفت في حديث لـ”المدن” أن “عدد المؤسسات التي تصنّع الالبان والاجبان المرخصة لا يتعدى 30 أو 40%، ووضعها جيد من الناحية الصحية مقارنة مع الفترة السابقة على الحملة”، لافتة الى أن الوزارة مستمرة في أخذ عينات من الالبان والاجبان “بشكل دوري”. كما ان وقف وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، العام الماضي، التداول بستة أنواع من اللبنة غير المطابقة للمواصفة القياسية اللبنانية، وطلب سحبها من الاسواق بسبب تشكيلها خطراً على الصحة العامة، هو دليل آخر على الثغرات التي تصيب القطاع.
لكن بالنسبة لحداد، فإن ما يحصل لا يؤثر على الانتاج اللبناني لأن المحلات تصنّع كميات صغيرة غير مخصصة للتصدير، ويقتصر الضرر على صحة المواطن اللبناني، وأصحاب القدرة الشرائية المنخفضة. فهذه المحلات تكون أسعارها شعبية، لكنها حذرت من أن “هناك غشاً يحصل في هذا القطاع فالبعض يستعمل حليب البودرة في صناعة المنتجات الغذائية ويدّعي أنه حليب طازج”.

الحملة بدأت منذ نحو العام، وكانت هناك مخالفات بنسبة 80%، بحسب حداد. أما اليوم فانخفضت النسبة الى 20% وهذا يعتبر تطوراً نوعياً”. وأكدت أن “الوزارة تعتمد الشروط العالمية لمتابعة الجودة في هذا الاطار”. وذكرت بأن “هناك لجنة من المدراء العامين لوزارات الصحة والزراعة والصناعة والاقتصاد والبيئة لمتابعة ملف سلامة الغذاء بكل تفاصيله”. وقالت: “الكشف بداية كان يأخذ فترة طويلة، وذلك لأن المخالفات كثيرة وفي قطاعات مختلفة، أما اليوم فقد بات الكشف في قطاع الحليب يحتاج لـ10 أيام فقط، بعد أن كان يستغرق شهرين أو ثلاثة، بالتالي فإن الوضح تحسن بنسبة 60% عن بداية الحملة”.

“بالنسبة للصناعات الغذائية يعتبر قطاع الالبان والاجبان من أكبر القطاعات من حيث عدد المؤسسات وحجم الاستثمارات، بحسب ما أعلن رئيس نقابة الصناعات الغذائية في لبنان منير البساط. الذي أوضح في حديث لـ”المدن” أن “لا منافسة في ما يخص الالبان والاجبان لأن لها سوقها، ولكن المنافسة تنحصر، منذ عامين، بالحليب الطبيعي المستورد الذي يأتي من الدول العربية، لأنه معفى من الرسوم الجمركية (بموجب إتفاقية التيسير العربي)”.
من جهة أخرى، هناك غياب للأرقام الدقيقة حول عدد المؤسسات أو معامل الالبان والاجبان، لا سيما المرخصة منها. وأجمع أكثر من معني بهذا الموضوع على وجود أرقام لدى رئيس تجمّع مصنّعي الالبان والاجبان في لبنان جاك كلاسي، لكن محاولات الحصول على معلومات منه، باءت بالفشل.
مصادر “المدن” في مصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة، أوضحت أن “عدد معامل صناعات مشتقات الحليب (بشكل عام وليس الالبان والاجبان فقط) المرخصة لدى وزارة الصناعة يبلغ 179 معملا”.

حال قطاع الألبان والأجبان أفقدته القدرة التنافسية، وأفقدته قدرة تأسيس مكانة صلبة ضمن القطاعات الغذائية. وفي السياق، لفت رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو، الى أن “الاقتصاد اللبناني ضعيف جدا في المنافسة ومعظم قطاعاته تعمد الى الاحتكار”. ونفى في حديث لـ”المدن” أن “تكون هناك منافسة حقيقية على صعيد قطاع الالبان والاجبان، خصوصا في ظل الاوضاع في سوريا. والمسألة محصورة في بعض أنواع الاجبان التي تأتي من مناطق أوروبا وهي مختلفة عن الانتاج المحلي. وهناك القليل من الألبان التي تأتي من دول الخليج”.
“لا معلومات دقيقة عن حجم الاستهلاك المحلي”، وفقا لبرو، الذي أوضح أن “هناك انتاجاً داخلياً وقسماً آخر مهرّباً من سوريا لا يمكن رصده، وما يمكن تحديده هو الكميات المستوردة فقط”.

واقع حال قطاع الألبان والأجبان يعطي صورة غير مكتملة لهذا القطاع، فهو بالرغم من “مواصفات” وزارة الصحة، ما زال خارج المراقبة الفعلية، وخارج الإحصاءات الدقيقة. وكل ذلك “يهون” طالما ان القطاع بعيد عن التصدير بشكل واسع، فلو ان حركة التصدير ناشطة، لكان من الممكن لفت الانتباه إليه، فصحة “الأجانب” تستحق الإنتباه، على عكس صحة اللبنانيين من “أصحاب القدرة الشرائية المنخفضة”. أما أبرز ما يمكن الحديث عن مراقبته في هذا القطاع، فهو المواد الأولية، أي الحليب، الذي يخضع بدوره الى “الغش”، إن على مستوى النوعية، أو إستعمال الحليب “البودرة” في التصنيع، وتسويق المنتج على انه مصنوع بحليب “طبيعي”.