Site icon IMLebanon

الطوائف لم تتوافق على مطامرها.. غير المطابقة أصلاً


أكدّت الطروحات التي تمّ تداولها مؤخراً في موضوع معالجة أزمة النفايات، أنّ الحلول المقترحة، والتي تمّ حصرها بإقامة مطامر “صحيّة” خلال المرحلة الإنتقالية من خطة الوزير أكرم شهيب، لم تطرح وفقاً للمعايير والمواصفات البيئية إنما وفقاً للمعايير الطائفية والمذهبية والمناطقية. إذ حصرت الخيارات في إدارة النفايات بالطمر (المرتبط بعقود مرتفعة الكلفة) والحرق مؤخراً في بعض المناطق الأخرى حيث يصعب الاتفاق على موقع للطمر كما حصل في جبيل مثلاً.
وعلى الرغم من أن كلفة إنشاء مطمر واحد هي أكثر بكثير من كلفة إنشاء مراكز لمعالجة النفايات، استبعد في المرحلة الإنتقالية، خيار الإدارة المتكاملة للنفايات عبر فرزها. وإلى اليوم لا يزال البحث مستمراً عن مطمر “توافقي” لنقل نفايات بيروت وجبل لبنان إليه.

فبعد أن فشلت محاولة إيجاد موقع لطمر النفايات على الحدود اللبنانية السورية في منطقة البقاع، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري بطرح جديد، وهو توزيع المطامر على المناطق، على قاعدة أن تتولى كل طائفة مسؤولية إيجاد مطمر لنفاياتها بنفسها. وبما أن نفايات بيروت ستنقل الى مكب “سرار” في عكار، أصبح على عاتق القوى الدرزية إيجاد موقع لطمر نفايات الشوف وعاليه، على أن تجد القوى المسيحية موقعاً لطمر نفايات المتن وكسروان، فيما تتولى القوى السياسية الشيعية (أمل وحزب الله) مهمة إيجاد موقع لطمر نفايات الضاحية الجنوبية.

وفيما لم تفصح القوى الشيعية عن مواقع الطمر المقترحة لنقل نفايات الضاحية إليها، تداولت معلومات صحافية بإمكانية نقل هذه النفايات إلى مكب “الكفور” في النبطية، الأمر الذي نفته بلدية “الكفور” في بيان قالت فيه “أن ما يتم تداوله حول الإتفاق على فتح مكب الكفور لاستيعاب كمية من النفايات لحل مسألة النفايات في المنطقة هو غير صحيح”. وأكدت التمسك بقرار إقفال المكب نهائياً. لاحقا تم الحديث عن نقل نفايات الضاحية إلى منطقة الشويفات، وتحديداً موقع “الكوستابرافا” في خلدة، إذ بدأ رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” طلال إرسلان مشاوراته مع أهالي منطقة الشويفات بشأن إقامة مطمر هناك. غير ان المجتمع المدني في الشويفات “يرفض اقامة مطمر في المنطقة، ما يرجح اتخاذ قرار يرفض مطمر الكوستابرافا”، وفق ما قاله رئيس بلدية الشويفات ملحم سوقي، لـ “المدن”. غير أنّ المشاورات في هذا الخصوص لا تزال قائمة. وقد قال النائب طلال إرسلان، في تصريح الثلاثاء: “لا أحد يتوقع مني فرض أي أمر في موضوع مطمر الكوستابرافا”.

التمسك باعتماد المحاصصات الطائفية في توزيع النفايات، يطرح إشكالية مدى إستيفاء هذه المواقع للمواصفات البيئية التي تسمح بإنشاء مطامر فيها. من ناحيته يجد الخبير البيئي، ناجي قديح في حديث مع “المدن” أن الخيارات المطروحة، هي خيارات “معادية للبيئة”. وقد تم إختيارها وفق “إستراتيجية إختيار المناطق المعدومة، والبحث عن المناطق الملوثة كي تصبح أكثر تلوثاً”، والتي كانت تلوثت أصلاً بسبب ممارسات بيئية خاطئة وتحتاج إلى خطة معالجة. ووفق قديح فإن “إرتجال إختيار المواقع تم على قاعدة توزيع الحصص وليس على قاعدة البحث عن معالجة النفايات ووضع خطط إستراتيجية لها”. واعتبر أن “الكوستابرافا هو أخطر خيار يتم التطرق إليه، ومن شأنه أن يشكل خطراً على سلامة الطيران المدني، لأنه قريب من مطار بيروت الدولي. ومعالجة النفايات هناك ستجذب الطيور والحشرات”. كما أنه سيكون “مصدراً للروائح الكريهة التي سينقلها نسيم البحر الى المناطق السكنية المجاورة”. من جهة أخرى يتطرق قديح إلى الفترة الإنتقالية والتي سيتم خلالها نقل النفايات وطمرها في المواقع في حال تم التوافق عليها. ويتساءل هل يتم الآن إنشاء أوتوستراد بطول 20 كيلومترا مربعا وبعرض نحو 15 كيلومترا مربعا، في منطقة سرار، إلى جانب المكب بتكلفة تقارب الـ 50 مليون دولار، لفترة إنتقالية فقط؟ ثم من سيوافق على إلتزام عقد تشغيل لمدة سنة ونصف فقط أي خلال المرحلة الإنتقالية؟

“الكفور”

مع بدأ تصاعد الحديث عن إختيار مكبات في مناطق الجنوب تنقل إليها نفايات الضاحية الجنوبية، ظهرت الى الواجهة أزمة تكدس النفايات في منطقة النبطية، التي تعاني أزمة إنتشار النفايات في مكبات عشوائية دون معالجتها. ولأن اختيار مواقع الطمر يرتبط باختيار المناطق المعدومة أو التي تعاني أزمات بيئية، توجهت الأنظار الى مكب “الكفور” الذي تم إقفاله منذ ثلاثة أشهر تقريباً، بالتزامن مع بدأ أزمة النفايات في بيروت وجبل لبنان.
يقع مكب “الكفور” على سطح آبار فخرالدين، وهي تسعة آبار إرتوازية تغذي بالمياه العذبة مدينة النبطية و52 قرية وبلدة مجاورة، وقد اختير في العام 2013 كموقع مستحدث تنقل اليه نفايات قرى النبطية وجوارها، بعد أن أقفل مكب كفرتبنيت نهاية العام 2012. وبسبب إعتماد وسيلة تجميع النفايات في المكب بدلاً من معالجتها، تشكل جبل نفايات، واتخذ قرار إقفال مكب “الكفور” في 25 تموز الماضي، ولم تتم معالجته حتى اليوم. علماً أن معمل معالجة النفايات الذي أنشأه الإتحاد الأوروبي لم يتم تشغيله بعد، على الرغم من إجراء “إتحاد بلديات وقرى الشقيف” مناقصة تلزيم تشغيل المعمل، والتي تم إلغاؤها لاحقاً بضغط من “حركة أمل” بعد فوز “شركة معمار” التابعة لـ”حزب الله” في المناقصة على “شركة يامن” التابعة لـ”حركة أمل”، وفق ما علمته “المدن”.