Site icon IMLebanon

بصمات مهندس تفجيرات “القاعدة” وراء تفجير الطائرة الروسية!

 

شكلت التصريحات البريطانية والتسريبات الأميركية مساء الأربعاء عن “احتمال تفجير الطائرة الروسية” في سماء سيناء من قبل “داعش”، تحولاً مثيراً في التعاطي مع هذه القضية، وفي انتظار نتائج التحقيقات الجارية لمعرفة حقيقة ما حصل، أشارت صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية في تقرير إلى التطور الخطير الذي يُشكله “هذا النجاح” الأخير لـ”داعش” حسب قولها، بما أنه يكشف تحولات استراتيجية خطيرة على ساحة الإرهاب الدولي، يمكن تلخيصه بأحد احتمالين، إما تحالف “داعش” و”القاعدة”، أو نجاح “داعش” في الاستحواذ على أبرز كوادر “القاعدة”.

وفي انتظار ما ستكشفه التحقيقات عن وجود آثار لمواد متفجرة على بقايا الطائرة والتربة في مكان سقوط الأخيرة من عدمه، قالت الصحيفة الإيطالية إنه إذا ثبت وصول المتفجرات إلى الطائرة، فإن ذلك سيكون التفسير المنطقي الوحيد لإصرار “داعش” على التلاعب والاستفزاز في تسجيله الصوتي الأخير الذي اكتفى فيه بتحدي المحققين وتمسكه بتأجيل الكشف عن كيفية وطريقة إسقاط الطائرة.

تقارب أم استحواذ

وأوضحت الصحيفة أن فرضية التفجير تعني، حسب الخبراء، تحولاً استراتيجياً في تفكير البغدادي، زعيم “داعش”، إما بالتقارب والتنسيق مع “القاعدة” بعد دعوة الظواهري الأخيرة إلى توحيد الصفوف ضد الروس بعد تدخل موسكو في سوريا، أو أكثر من ذلك، نجاحه في استقطاب قيادات العمليات البارزة في صفوف التنظيم و”الاستحواذ” عليها مثل مهندس التفجيرات في الفرع اليمني للقاعدة السعودي ابراهيم العسيري، المطلوب الأول لدى المملكة على قائمة الـ85 الشهيرة، منذ سنوات طويلة.

العسيري

وإذا سلمنا أن الطائرة سقطت بعد تفجيرها، فإن ذلك سيفتح آفاقاً جديدة مرعبة في وجه الإرهاب الدولي، وبما سيرفع من حدة التحديات التي ستواجهها دول المنطقة، بما أن ذلك يعني أن العسيري لم يلتحق وحيداً بـ”داعش”، بل سيكون ذلك تحولاً خطيراً بعد انضمام كوادر وقيادات ذات خبرة طويلة بالإرهاب وبدول المنطقة على عكس كوادر “داعش” وقياداته، التي تفتقر إلى هذه الميزة.

ولتقريب الصورة أكثر، يُمكن القول إن العسيري يُمثل إحدى النجاحات النادرة لتنظيم “القاعدة”، بفضل سجله الحافل والطويل، رغم حداثة سنه نسبياً بما أنه مولود في 1982، ولكن ذلك لم يمنعه من إحراز شهرة أسطورية في الأوساط الإرهابية القاعدية، بعد اختراعه لما يُمكن تسميته بالقنابل أو المتفجرات المجهرية، والتي لا يتجاوز وزنها بعض غرامات، مع قوة تفجير هائلة.

ويُعتبر العسيري الذي ولد في الرياض من أشهر أعضاء “القاعدة” في اليمن بعد نجاحه في تحويل مواد كيميائية بسيطة بفضل دراسته وتخصصه في الكيمياء إلى مواد صعبة الاكتشاف أولاً وشديدة التدمير.

محاولة اغتيال ولي العهد السعودي

ومن أبرز العمليات التي خطط لها العسيري، محاولة اغتيال الأمير السعودي وولي العهد حالياً محمد بن نايف بواسطة متفجرات وضعت في جسم شقيقه عبدالله العسيري، الذي فجرها في مجلس المسؤول الأمني السعودي وقتها.

ومن العمليات البارزة الشهيرة التي تورط فيها العسيري أيضاً، محاولاته المتكررة وبواسطة هذه التقنية المرعبة، تفجير طائرة أميركية بعد تلغيم حذاء النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، فوق المحيط الأطلسي في 2009، ومحاولته تفجير طائرة أخرى كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة بعد تلغيم طابعة صغيرة على متنها، قبل أن ينجح الأمن الإماراتي في إبطال مفعولها، في 2010، وغيرها من المحاولات الأخرى الفاشلة أو التي لم تعلن لأسباب أمنية، والتي حملت جميعها بصمة العسيري، وشبكته التي كانت تعمل تحت إمرة اليمني الأمريكي أنور العولقي، الذي تخلصت منه الولايات المتحدة في غارة نفذتها إحدى الطائرات الموجهة، في 2011.

وكان لنجاحات العسيري “التقنية” باعتماد القنابل التي لا تتطلب سوى عشرات الغرامات التي يُمكن وضعها في الأحذية، وحتى في الجسم البشري، دوره الحاسم في اعتماد الولايات المتحدة وإسرائيل، ما يعرف بتقنية الماسحات للأجسام البشرية، التي أثارت الكثير من الجدل منذ اعتمادها في 2010، قبل أن تسحبها في 2013، لقلة فاعليتها من جهة، وللرفض الكبير والجدال الذي أثارته في مختلف أنحاء العالم.

مكسب “داعش”

وإذا صحت هذه النظرية فإن ذلك يعني حسب الصحيفة الايطالية في أسوأ الأحوال أن العسيري شخصياً كان وراء التفجير الأخير مع ما يعني ذلك من تهديد متزايد، وفي أحسنه أن “داعش” استفاد في إطار تحالفه مع “القاعدة”، أو بفضل انشقاق بعض تلاميذ العسيري من هذه التقنية المتطورة، لتكون عملية سيناء “باكورة عملياته الجديدة” ضد روسيا وضد مصر بشكل عام، بما يُمثل فصلاً جديداً من الإرهاب الداعشي الذي سيوسع عملياته مستقبلاً لتشمل السماء بعد الأرض، بعد هذا المكسب الكبير الذي عزّز به قدراته.