إستضاف فرع طرابلس في جامعة بيروت العربية الوزير السابق الدكتور جهاد أزعور في لقاء حواري عن “الإقتصاد اللبناني بين الحاضر والمستقبل” بدعوة من رئيس الجامعة الدكتور عمرو جلال العدوي وبحضور الدكتور مصطفى الحلوة ممثلا النائب محمد الصفدي، الدكتور سعد الدين فاخوري ممثلا النائب روبير فاضل، إيلي عبيد ممثلا الوزير والنائب السابق جان عبيد، رئيس بلدية طرابلس المهندس عامر الرافعي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة توفيق دبوسي، نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة، عبد الغني كبارة مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال، رئيسة تجمع سيدات الأعمال ليلى سلهب كرامي، نقيبة موظفي المصارف مها مقدم، سفير الإتحاد العالمي للسلام في طرابلس بلال الحلاب، نائب رئيس جامعة بيروت العربية لحرم طرابلس الدكتور خالد بغدادي، مساعد امين عام الجامعة محمود حمود، رئيس جمعية متخرجي جامعة بيروت العربية في الشمال أحمد سنكري، رئيس مجلس إدارة مستشفى الكورة الدكتور بسام عيسى وحشد من عمداء ومدراء الكليات الجامعية وأساتذة وطلاب الجامعة ومهتمين.
بداية، النشيد الوطني اللبناني، ونشيد الجامعة وكلمة ترحيب من بغدادي أكد فيها “اهمية هذا اللقاء للاضاءة على الإقتصاد اللبناني وإستشراف مستقبل لبنان في خضم الأحداث والتطورات المحلية والخارجية”.
ازعور
وإستهل ازعور حديثه قائلا: “يتساءل البعض لماذا النقاش حول موضوع الإقتصاد اللبناني؟، ولماذا في طرابلس؟، وقد تكون الأولوية في مكان آخر، فالأولوية الأولى هي للسياسة حيث تعج ساحات الوضع السياسي بالخلافات حول الإستحقاقات وحول تعطيلها، وتحتدم من على المنابر الإعلامية بالسجالات السياسية التي أضافت إلى هم المواطنين هما آخر، إنما في الواقع وجوابا على تساؤل الدكتور بغدادي فالأولوية عادت اليوم لتكون للاقتصاد وفي طرابلس، لماذا للاقتصاد ذلك لأن لبنان يقف على مفترق طرق حساس وأساسي، وفي حال عدم معالجة الأزمات الإقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان فإنه سيكون لها إنعكاسات كبيرة جدا على الإستقرار الإقتصادي والوضع المعيشي، ولماذا من طرابلس؟، لأن هذه المدينة تعاني وكذلك هذه المنطقة من ضعف في الأداء الإقتصادي والإجتماعي، والمأساة الأخيرة التي مرت بها إحدى عائلات طرابلس التي حاولت الهجرة تعبير صارخ عن مستوى الحرمان والضعف الإقتصادي الذي ينعكس وجعا إجتماعيا في هذه المدينة والتي شهدت خلال العقود الماضية إزدهارا وكانت من إحدى أهم مدن البحر المتوسط”.
وتابع: “إذا إستعرضنا تاريخ لبنان الحديث وخلال العقد الماضي فقط نفاجأ بحجم الأزمات والصدمات السياسية الداخلية والخارجية، والإقتصادية والمالية، وقدرة الإقتصاد اللبناني على إمتصاص هذه الصدمات والتصدي لها، فالواقع انه لم تمر سنة على لبنان منذ العام 2005 إلا تعرض لبنان إلى أزمة حادة ولو كان ذلك في دولة أخرى لأطاحت هذه الأزمة بالإستقرار الإقتصادي وتعطيل البلد، فبعد إستشهاد الرئيس الحريري في العام 2005 كانت حرب تموز 2006 وكلنا في وزارة المالية يعرف بأن لبنان عانى لشهرين من الحصار وتدمير شبه كلي لكل المنشآت الإقتصادية من جسور وطرقات وغيرها وتهجير ونزوح حوالي مليون مواطن، وسبق ذلك مجموعة من الأحداث الأمنية منها ساسلة إغتيالات، وفي العام 2007 كانت حرب نهر البارد التي دفع الشمال خلالها ثمنا غاليا وتعطيل المجلس النيابي وإقفاله سنة ونصف السنة وإرتفاع اسعار النفط، وعاش لبنان فترة عصيبة جدا في أيار 2008 وفي العام التالي كانت إنتخابات نيابية وأكثرية جديدة وبين عامي 2009 و2014 كانت حقبة على إمتداد عهد كامل، لم يكن للبنان حكومة قائمة إلا لمرحلة ثلثيها أي اربع سنوات، وعلى إمتداد سنتين عاش لبنان في ظل إما حكومة تصريف أعمال أو التفتيش عن حكومة، أضف إلى ذلك أزمة مالية عربية أطاحت بعدد كبير من الإقتصادات”.
وقال: “عندما نقرأ هذه الأحداث نسأل كيف يمكن ان يكون الأداء الإقتصادي؟ فبالطبع القطاعات الإنتاجية والحيوية لعبت دورا أساسيا، ونرى ان لبنان كان ينمو خلال 2007 إلى 2011 بمعدل 6,7 % مقارنة مع الدول العربية”.
أضاف: “وخلال الربيع العربي بين 2011 و2015 عاش لبنان فترة صعبة جدا بسبب التحديات الأمنية لا سيما من جراء الأزمة في سوريا، وثم الفراغ في رئاسة الجمهورية منذ العام 2014 وما شهدناه على صعيد تراجع سعر النفط”.
وتابع: “إن لبنان خلال السنوات العشر الأخيرة تحمل الكثير من الضغوطات مقارنة مع دول أخرى كتونس مثلا التي شهدت حدثا واحدا العام 2011 ما أدى إل تراجع النمو في لبنان إلى حدود 2 في المئة وبين ايضا قدرة لبنان على تحمل وإمتصاص الأزمات غير أن قدرة هذا التحمل بدأت بالتناقص تدريجيا وهذه رسالة أولى إلى السياسيين والعاملين في الشأن العام بأن قدرة لبنان على التحمل إصبحت صعبة سنة وراء سنة ويوما بعد يوم”.
ودعا إلى “عدم الهروب من المشكلة وهي كبيرة جدا حيث يبلغ عدد هؤلاء النازحين حوالي 20% من السكان والمقيمين في لبنان وسط حالة إجتماعية صعبة جدا حيث ينشأ جيل جديد من النازحين غير متعلم ودون مدارس، ووجود النازحين هو في مناطق أصلا تعاني من ضعف في البنى التحتية، والمشكلة الأخيرة هي الأوضاع الإجتماعية”.
وقال: “نحن امام مرحلة جديدة مع كل صعوبتها وحراجتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولكن بإستطاعتنا الخروج منها من خلال خطة تمتد من اليوم إلى 2020 فلبنان إعتاد على التجزئة واليوم أصبحنا بحاجة لخطة إنقاذ شاملة، ولا يمكننا ان نتطلع إلى مسألة إقتصادية واحدة دون النظر إلى سائر القضايا مجتمعة، وسابقا إختلفنا مرارا على الأولويات واليوم أصبحنا بحاجة إلى مقاربة مختلفة من شأنها التأكيد على تزامن الإختصاصات”، مؤكدا ان “أي خطة يجب ان تتضمن اربعة محاور الأول هو قطاع التكنولوجيا ،والثاني الشراكة مع القطاع الخاص والثالث قطاع الإتصالات والرابع قطاع النفط وأعني بذلك قطاع الطاقة المتجددة”.
وختم: “بالرغم من الصعوبات التي نعيش فيها نحن بحاجة إلى تغيير المعادلات بأن نجابه واقعنا وأن نعيد الحوار السياسي والقضايا السياسية إلى مكانها الطبيعي اي مصلحة المواطنين ومصلحة الإقتصاد الذي برهن على الصمود والنهوض من جديد بالرغم من الصعوبات التي مر بها، وهذا النهوض حتى ولو كانت الأوضاع اللبنانية غير مؤاتية في السنوات المقبلة بإمكانه أن يكون موجها ومحفزا لبلدان أخرى أن تقتدي بالنموذج اللبناني الذي نفخر بتنوعه الذي نعيشه”.
وأعقب ذلك حوار ونقاش بين الدكتور أزعور والحضور.