IMLebanon

المزارعون يشكون من موسم تفاح خاسر

AppleHarvest
شوقي الحاج

راهن مزارعو التفاح هذا العام على موسم وافر من الإنتاجية، كي يعوّضوا خسائر الأعوام السابقة التي مُنُوا بها، بسبب انحدار عمليات التصدير الى أدنى مستوى لها، الى الأسواق العربية والخليجية، نتيجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية القائمة في سوريا، لكن رهان الحقل لم يتطابق وحسابات بيادر الإنتاج، حيث تراجع الإنتاج هذا العام الى حدود الثلاثين في المئة، بعدما تكفلت الطبيعة برفع منسوب الخسائر، بفعل عوامل الطقس الباردة، التي جلبت معها موجات من حبّات البرد والجليد في فصل الربيع، الى جانب العاصفة الرملية التي شهدها لبنان، وحملت معها درجات حرارة مرتفعة لامست الـ 40 درجة مئوية، في حين أن التفاح يتطلب طقساً لا تتجاوز حرارته الـ 25 درجة مئوية، كي يأخذ لونه الطبيعي، ويحين قطافه بعد النضوج.

زراعة التفاح بداية الخمسينيات

تعود زراعة التفاح في منطقتي البقاع الغربي وراشيا الى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، نظراً لغنى هذه المنطقة بميزات طبيعية متعددة، لجهة مناخها الجبلي وتربتها الصالحة وثروتها المائية المتعددة المصادر، حيث من شأن هذه الميزات أن توفر لهذه الشجرة، البيئة الصالحة على مستوى النمو وجودة المحصول والإنتاجية.
لم يقتصر توسّع هذه الزراعة على منطقة بعينها، إنما مساحاتها امتدت من ميذون الى مشغرة وعيتنيت، وعين زبدة، وباب مارع، وصغبين، وعين التينة، وخربة قنافار وسهل جب جنين والقرعون، إلى جانب ملكيات متفرقة في منطقة راشيا، حيث لامست مساحة الأراضي المزروعة بهذه الشجرة المثمرة، حدود الـ 15 ألف دونم، تنتج سنوياً ما بين 145 ـ 165 ألف صندوق، زنة 20 كلغ للصندوق الواحد، وهذه الزراعة هي مصدر العيش الوحيد لحوالي 620 عائلة.

الرهان الخاسر

المزارع يوسف بجيجي من مشغرة، لفت إلى أن رهان أصحاب بساتين التفاح، على إنتاجية جيدة هذا العام، كان رهاناً في غير محله، نتيجة ما تعرّضت له هذه الشجرة من موجات البرد والصقيع التي سيطرت على المنطقة أثناء تبرعم التفاحيات في فصل الربيع، حيث أثرت سلباً على مستوى حجم الإنتاجيات، وعلى مستوى حجم الجنى وجودة النضوج، من هنا تضاعف حجم الخسائر التي مني بها المزارع في الأعوام السابقة، والتي كانت نتيجة تراجع او توقف عمليات التصدير برّاً الى الدول العربية، بسبب الحرب الدائرة في سوريا.
ويلفت بجيجي إلى أن حجم الإنتاج من التفاح في مشغرة هذا العام، تراجع الى حدود 20 ألف «قفص»، بينما كان المزارع يراهن على إنتاجية أكبر، ونوعية أفضل، قد تتجاوز الـ 60 ألف قفص، كي يعوّض المزارع خسائره الجسيمة.
وعزا بجيجي سبب هذا التراجع في الإنتاج، الى إصابة التبرعم بالهلاك والاهتراء، وتساقط كميات كبيرة منه على الأرض.
ولاحظ بجيجي عدم إمكانية السوق المحلية استيعاب الكميات المنتجة من التفاح، في ظل توقف او تراجع عمليات التصدير التي كانت ناشطة سنوياً إلى دول الخليج العربي والى الأردن ومصر وليبيا وسوريا والعراق، بسبب الحرب القائمة في سوريا.
أما المزارع محمد فياض فقد وصف حالة المزارع «بالمقهور» الذي يكافح ويعمل، ويبقى التاجر هو المستفيد الوحيد مادياً، حيث يفرض الأسعار التي تناسبه، فيما الدولة لا تنظر بجدية الى وضعية المزارع، مشدداً على أهمية قيام وزارة الزراعة بتوزيع الأدوية والأسمدة والمبيدات على المزارعين بأسعار تشجيعية، لافتاً الى ارتفاع أسعار بعض الأدوية «كالأنفيدور» المستخدم علاجاً لمرض «الأكاروز» الذي وصل سعره الى حدود الـ 200 دولار، ومرض الآكاروز عبارة عن حشرة أي عناكب حمراء وبيضاء تمتص الأوراق وتحولها الى يباس.
ورأى فياض أن تكدّس الإنتاج في البرادات، يستتبع زيادة في الكلفة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة والرش والتشحيل والحراثة والأيدي العاملة والمحروقات، الى جانب التكاليف المرتفعة لعمليات الري، حيث تتجاوز كلفة الدونم الواحد الـ 20 ألف ليرة، وعشرين ألف ليرة أيضاً بدل «نطارة» سنوية.
وحدّد فياض كلفة القفص الواحد من التفاح، بحدود العشرة آلاف ليرة، بينما لا يتعدّى تسليمه للتجار حدود الثمانية آلاف ليرة لبنانية، أي بخسارة ألفي ليرة للصندوق الواحد، وفي حال نقله الى البرادات فإن الأمر يتطلب زيادة عالية في الكلفة لا تقلّ عن خمسة آلاف ليرة كإجرة تبريد ونقل وثمن صـــناديق، لتــــصل عندها الكلفة الى حدود الخمسة عشر ألف ليرة.

أمراض التفاح

أما أبو علي عباس فعدّد انواع الأمراض التي تصيب التفاح وهي التي تبدأ بالمنّ، الى الرمد الفطري، فحشرة الدبق وذبابة البحر الأبيض المتوسط، التي باتت تتطلب الرش أسبوعياً، بدل الرشّ الشهري، مع ما يعني ذلك من زيادة في التكلفة، وهذه الذبابة كما يقول: تخترق حبة التفاح ما يؤدي الى مواتها، وهي أي الذبابة تضع بذرة مرضها من عام الى عام.
ولفت بعض المزارعين في البقاع الغربي، إلى أن بعض المساعدات التي تقدّمها وزارة الزراعة، تصل إلى التعاونيات الزراعية المرخّصة، لكن في كثير من الأحيان لا تصل الى المزارعين المستحقّين، ويلاحظ انتشارها في الأسواق، ويتمّ بيعها لمن يجب أن يستفيد منها من دون مقابل، لافتين الانتباه إلى أن أصحاب بعض التعاونيات الزراعية يحدّدون أسعار الأدوية على هواهم، حيث يجنون الأرباح الطائلة على حساب شقاء المزارع المنكوب.