أدى تراجع أسعار النفط الى تدهور نتائج شركات النفط الكبرى في الفصل الثالث، بعد أن أصبحت تطبق وصفة موحدة لامتصاص صدمة تراجع أسعار النفط التي طال أمدها، وهي خفض للتكاليف والاستثمارات مع الحفاظ على الأرباح مهما كان الثمن على المدى البعيد.
ويرى بعض المحللين ومنهم كريستوفر ديمبك الخبير الاقتصادي في بنك ساكسو إن الأسعار لن ترتفع إلا بشكل طفيف في العام المقبل وأن هبوطها إلى المستويات الحالية ليس مفاجئا.
لكن الأرقام تتحدث عن نفسها، فقد تراجع صافي أرباح بريتش بتروليوم (بي.بي) البريطانية إلى الصفر، في وقت انحدرت فيه شركتا إيني الإيطالية وشتات أويل النروجية نحو تسجيل خسائر.
أما الخسارة الكبرى فكانت من نصيب شركة رويال داتش شل البريطانية الهولندية، التي سجلت خسارة هائلة بلغت نحو 7.4 مليارات دولار.
وسجل صافي أرباح شركة توتال الفرنسية في الربع الثالث من العام الحالي تراجعا بنسبة 69 بالمئة بمقارنة سنوية ليصل إلى 1.08 مليار دولار بسبب تدهور قيمة الموجودات التي تملكها.
ولا تتوقع شيفرون واكسون موبيل الأميركيتان أخبارا جيدة في حين يتراجع نشاط التنقيب والاستخراج في قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة بسبب ضعف أسعار النفط العالمية.
كل ذلك بسبب فقدان أسعار النفط لنحو 60 بالمئة من قيمتها منذ منتصف يونيو 2014 حتى الآن. وقال ألكسندر اندلاور، المحلل في ألفا فاليو “هناك المزيد من خيبة الأمل بسب حجم التـدهور الناجـم عن التعديلات في أسعار النفـط على المدى الطـويل أو المعاملات”.
وأضاف أن شركة شل على سبيل المثال، فقدت قيمة أصولها نحو 3.7 مليار دولار، بينها 2.3 مليار دولار في مشاريع الغاز الصخري في الخارج فقط. كما أوقفت المجموعة الحفر المثير للجدل قبالة الأسكا وفي الرمال النفطية في كندا.
وكان بعض رؤساء الشركات الكبرى قد حذروا من أن استمرار خفض الاستثمارات على المدى البعيد قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 200 دولار للبرميل بعد عدة سنوات.
ومن المفارقات أن أعمال التكرير كانت في السنوات الأخيرة تلقي بثقلها على نتائج شركات النفط، لكنها أصبحت الآن تحقق بعض الأموال لها.
ونظرا لغياب تحسن حقيقي في الطلب بسبب إغراق الأسواق بالنفط الخام، فإن كل الشركات تطبق الوصفة ذاتها، لأنها جميعها لديها نفس القيود، أي إرضاء مساهمين متطلبين على المدى القصير بشكل خاص.
وقررت الشركات خفض استثماراتها بشكل كبير بعشرات مليارات الدولارات. إضافة إلى ذلك إلغاء آلاف الوظائف.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يشهد العام الحالي أكبر انخفاض في الاستثمارات النفطية على الإطلاق، وأن يصل الخفض إلى نحو 20 بالمئة.
وقال جاسبر لاولر، الخبير المالي إن “شركات النفط الكبرى تقلل بشكل كبير من استثماراتها من أجل تعزيز فعالية عملياتها مع سعر 60 دولارا للبرميل”.
وأضاف أنه “مع انخفاض متوقع في الولايات المتحدة للإنتاج فالفكرة هي أن أسعار النفط ستبلغ 60 دولارا للبرميل في المدى المتوسط. وهذا يتيح لهذه الشركات الاستمرار في توزيع أرباح من خلال زيادة حجم الديون على المدى القصير بسبب تدني معدلات الفائدة”.
ومع وصول سعر البرميل إلى المستويات، قررت توتال استخدام احتياطاتها النقدية لتقديم أرباح للمساهمين اعتبارا من عام 2017.
وأوضح اندلاور أن “خطاب الشركات ينص على أنها سـوف تبذل قصـارى جهـدها لتجـنب خفض توزيع الأرباح، فهي تفضل خفض الانفاق الرأسمالي (الاستثمارات) بمليارات الدولارات بدلا من المس بأرباح المساهمين”.
وأضاف أن الشركات الكبرى ترغب في تلبية توقعات الأسواق المالية، وخصوصا صناديق الاستثمار. فإذا قطعت الأرباح، فسوف ينتهي تدفق الأموال من هذه الجهات الفاعلة.
ومن بين شركات النفط الأوروبية الكبرى كانت شركة ايني الوحيدة التي اجتازت تلك الخطوة.
لكن لدى هذا النهج جانب سلبي، فهو يعاقب الأرباح المستقبلية للشركات النفطية عن طريق الحد من إنتاجها.
وقال ديمبك في هذا السياق إنها مرحلة تحاول فيها الشركات التقنين وتوفير بعض الأمور وخصوصا إرضاء المساهمين، لكن لم يعد لديها خطة تنمية استراتيجية. وأضاف “بدلا من خفض الأرباح، نوقف الاستثمارات، وبالتالي نحصل على نتائج مالية وربحية في عام 2020. من وجهة نظر صناعية، ما يحدث هو أمر معيب”.