صدر مؤشر “السرية المالية” الذي تعده “شبكة العدالة الضريبية” Tax Justice Network والذي يصنف الدول وفقا لقدر السرية الذي توفره للتدفقات النقدية الوافدة إليها بغض النظر عن النتائج التي تترتب على ذلك، فالدول التي توفر أكبر قدر من السرية تعتبر ملاذات ضريبية آمنة وهي وجهات تفرض سرية كبيرة على بيانات المودعين، ما يسمح لهم بالتهرب الضريبي أو إيداع أموال غير شرعية
ورصدت الشبكة ما يقدر بـ 21 ــ 32 تريليون دولار من الثروات المالية الخاصة غير الخاضعة للضريبة أو تلك الخاضعة لرسوم ضريبية بسيطة، وتُقدر التدفقات المالية غير الشرعية عبر الحدود بـ 1 ــ 1.6 تريليون دولار أي ما يوازي عشرات أضعاف حجم المعونات الأميركية للدول الأكثر احتياجا والتي تبلغ 135 مليار دولار.
وقد شهدت دول إفريقيا وحدها خروج رؤوس أموال بأكثر من تريليون دولار منذ السبعينيات في الوقت الذي لا تتعدى فيه الديون الخارجية لتلك الدول حاجز 200 مليار دولار. ولا تقتصر أضرار السرية المالية على الدول النامية فقط، فالدول المتقدمة أيضا تعاني تداعيات ذلك بتفويت رسوم ضريبية تقدر بمليارات الدولارات عليها، لكن الأمر يتعدى قضية الضرائب، فالسرية تؤدي إلى غياب الرقابة المالية عن مصادر الأموال، ما يشجع على عمليات التزوير وغسيل الأموال والرشوة وغيرها من الأعمال غير القانونية.
ويعتمد المؤشر في تصنيف الدول على 15 معيارا منها مستوى السرية المصرفية، ومتابعة الدولة لبيانات ملكيات الشركات والكشف العلني عنها، ومطالبة الدولة للشركات بالكشف عن بياناتها الحسابية، وكفاية النظام الضريبي، ومدى تعاون الدولة مع الدول الأخرى في شأن بيانات التدفقات المالية لديها، ومدى الالتزام بالقوانين الدولية للشفافية ومكافحة غسيل الأموال وغيرها من المعايير التي تقيس التزام الدولة بمراقبة التمويلات الدولية.
واحتلت سويسرا المرتبة الأولى على مؤشر السرية المالية لعام 2015، وهي تعد أحد أكبر المراكز المالية في العالم، فهي تستحوذ على 5% من السوق الدولي للخدمات المالية، وقد تحسنت درجتها قليلا على مؤشر السرية المالية منذ 2013 نتيجة اشتراكها في المبادرات العالمية للشفافية، لكن قوانينها المصرفية الصارمة في شأن سرية الحسابات ظلت دون تغيير، ما يجعلها أبرز الملاذات الضريبية في العالم.
وقد أعلن اتحاد البنوك السويسري في أيلول/ سبتمبرأن مصارف الدولة تدير أصولا بـ 6.5 تريليون دولار، تمثل الأصول الأجنبية أكثر من 50% منها، أي أن سويسرا تسبق كافة دول العالم في مجال إدارة الأصول الأجنبية.