بدأت بوادر التجاذب السياسي بين بعض القوى الداخلية حول الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي لاحت في اليومين الاخيرين تتخذ طابع منازلة سياسية جديدة يصعب تجاوز تداعياتها على الجلسة المحدد موعدها يومي الخميس والجمعة المقبلين وربما اكثر بحيث تطاول تحالفات سياسية من ضمن الفريق الواحد .
ذلك ان زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لبكركي بعد ظهر امس وانضمام أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابرهيم كنعان موفدا من العماد ميشال عون الى اجتماع جعجع والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اكتسب دلالات بارزة في شأن المنحى الذي يسلكه موقف القوى المسيحية الثلاث ” التيار الوطني الحر ” و”القوات اللبنانية ” والكتائب من الجلسة التشريعية ولو ان موقف الكتائب يتمايز اساسا برفضه المطلق لانعقاد اي جلسة تشريعية قبل انتخاب وئيس الجمهورية .
غير ان اندفاع الرابية ومعراب في رفع اولوية ادراج قانون الانتخاب وقانون الجنسية شرطا لا محيد عنه للموافقة على المشاركة في الجلسة ارتدى في الساعات الاخيرة طابع الرد المباشر على الانتقادات التي طاولت الفريقين المتحالفين في هذا الملف تحالفا متينا كان البعض يعتقد انه لن يبقى على حاله بعدما ادرج رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع استعادة الجنسية وتحويل أموال الخليوي للصندوق البلدي المستقل بما يلبي مطلبين للتيار الوطني الحر فجاء تمتين موقفي التيار والقوات من موضوع قانون الانتخاب بمثابة رفع واضح لسقف التفاوض الذي يجري عبر قنوات مستمرة في الايام الفاصلة عن موعد الجلسة . كما بدا واضحا ان الانتقادات النارية التي وجهها رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الى بعض القيادات المسيحية عبر ” النهار ” امس قائلا انه يرفض الانتحار معها قد رفعت بدورها سقف التوتر السياسي بدليل الرد اللاذع الذي بادر به جعجع جنبلاط مغردا عبر ” تويتر ” :” وليد جنبلاط كلك لطف وعاطفة وذوق ومحبة .. ولكن من الحب ما قتل ” ، الامر الذي يؤشر الى امتعاض واضح لدى جعجع من حملة جنبلاط علما انه سبق للرئيس بري نفسه ان حذر قبل ايام من ” الانتحار ” في حال لم تعقد الجلسة وتقر المشاريع ذات الطابع المالي الملح .
في اي حال تتخذ المواجهة الطالعة التي بدأت اوساط عدة تتخوف من تصاعدها طابع خلط أوراق واسع خصوصا من خلال تقدم عنوان الميثاقية الذي سيلعب دورا محوريا بإزاء المساعي الجارية بحثا عن مخرج يجنب هذا الاستحقاق ما لحق بسواه من الاستحقاقات النيابية او الحكومية . ولفتت مصادر معنية بهذه المساعي عبر صحيفة ” النهار ” الى خطورة نشؤ فرز بين القوى والشخصيات المسيحية على قاعدة المشاركة او عدم المشاركة في الجلسة لان من شأن ذلك ان يحرج افرقاء سياسيين يعملون على خط المساعي لتجنب تضخيم المشكلة من خلال اقناع الفريقين العوني والقواتي باتباع المرونة اللازمة حيال الجلسة التي تطرح عليها مواضيع لا تحتمل اي تساهل ولا تنطبق عليها قواعد الصراع السياسي التقليدي بما يفرض تجاوز اشتراط ادراج قانون الانتخاب شرطا لا يقبل النقاش .
كما يجري في المقابل السعي الى اجتراح تركيبة معينة تتصل بقانون الانتخاب بحيث لا تتحول الجلسة منصة لتجاهل ثلاث كتل مسيحية اساسية باعتبار ان مقاطعتها للجلسة ستترك تداعيات سلبية لا يمكن تجاهل أثرها ولو توافر للجلسة حضور مسيحي من غير الكتل الثلاث .
ونبهت المصادر الى ان سجالات اليومين الاخيرين بدأت تشكل نذيرا سلبيا يفترض احتواءه في أسرع وقت لئلا تتفاقم المشكلة وتأخذ طابعا طائفيا الامر الذي ينجم عنه اهتزاز تحالفات كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مع حلفاء كل منهما كما قد ينجم عنه صعود حساسيات بين الكتل الثلاث والنواب المسيحيين غير المنضوين في هذه الكتل والذين سيحضرون الجلسة مبدئيا .
واذ لوحظ ان جعجع لمح بعد زيارته لبكركي الى كلام سيقوله في اليومين المقبلين مكتفيا باعتبار قانون الانتخاب وقانون الجنسية الأولويتين الأساسيتين فيما الباقي تفاصيل رأت المصادر ان لا مصلحة لاي فريق في صعود المنحى الاستفزازي من هنا او هناك في ملف يحتل هذه الاهمية ويتصل بمواضيع ذات خطورة معروفة تتأتى عن اخفاق القوى السياسية في تمرير المشاريع المالية والمصرفية والقروض والهبات ولو بتسوية او بمخرج يكتسب طابعا استثنائيا بعيدا من تصفيات الحسابات .
واشارت المصادر الى ان ثمة تعويلا على دور بارز يلعبه البطريرك الماروني نفسه في هذا السياق كما على كتلة المستقبل والرئيس بري لاستدراك الوصول الى مأزق حقيقي ولو كانت المعطيات تتحدث عن توافر النصاب المطلوب للجلسة التشريعية علما ان الايام المتبقية على موعد الجلسة لا تزال كافية للتوصل الى مخرج اذا أعيد ضبط المناخ السياسي على وقع النيات الجدية لتجنب ازمة اضافية من خلال ترك الوساطات تأخذ مجراها ونزع فتيل السجالات من التداول .
إلى ذلك، كشفت صحيفة “الأنباء” الكويتية ان 31 نائبا مسيحيا من اصل 64 سيحضرون الجلسة التشريعية، ما يعزز ميثاقيتها، لكن يبدو ان الرئيس نبيه بري ليس مرتاحا للوضع خشية ان يتضامن احد من حلفاء النائب ميشال عون او الدكتور سمير جعجع معهما فتكون نكسة.
وكشفت ايضا ان بعض معارضي الجلسة التشريعية يخشون من المفاجآت المحتملة في حال اكتمال نصاب الثلثين كأن يبادر احد النواب الى طرح اسم او اكثر لرئاسة الجمهورية مستفيدا من توافر نصاب الثلثين على اعتبار ان المجلس النيابي هيئة ناخبة.
غير ان اجواء مجلس النواب توحي بأن رئيس المجلس مصرّ على عقد هذه الجلسة بمن حضر، تبعا لدقة واهمية مشاريع القوانين المطروحة على جدول تشريع الضرورة، وانعكاس عدم اقرارها على المصارف اللبنانية خصوصا.
في هذا السياق، تقول مصادر مصرفية ان اقرار هذه التشريعات سيجنب لبنان خطر انقطاع تحويلات المغتربين ووقف عمليات التصدير والاستيراد بسبب وقف اجراءات التحويل بين لبنان والعالم.
ويتوقع ان يشارك اكثر من 85 نائبا من اصل 127 في الجلسة، ويضغط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربية من اجل عقد هذه الجلسة التشريعية.