ما الذي يجري في بلدة عرسال البقاعية المتاخمة لمنطقة القلمون السورية؟ وما السيناريوات التي ترتسم من خلف الحادثيْن الأمنييْن الخطيريْن اللذين شهدتهما في أقلّ من 24 ساعة يوميْ الخميس والجمعة مع الانفجار الذي استهدف اجتماعاً لـ “هيئة علماء القلمون” موقعاً أربعة قتلى وستة جرحى (سوريين) ثم التعرُّض لدورية للجيش اللبناني وسقوط خمسة جرحى من عناصره خلال تَفقُّد موقع التفجير الأول؟
هذان السؤالان يشغلان لبنان وسط تَزايُد المخاوف من ان تكون الأحداث الأمنية في عرسال، التي تتصل عبر جرودها بشكل او بآخر بمعركة الزبداني باعتبار ان الأخيرة تتصل بالقلمون، مقدّمة لـ “شيء ما” يعيد هذه البلدة البقاعية الى الواجهة على خلفيات عدة قد يصحّ أحدها او يمكن ان تكون متقاطعة، وأبرزها:
- وجود تصفية حسابات بين المجموعات المسلّحة المنتشرة في الجرود العرسالية باعتبار ان “داعش” يناصب العداء لهيئة علماء القلمون التي لعبت دوراً منذ المواجهات التي وقعت بين الجيش اللبناني والمسلحين في 2 اغسطس 2014 في التوسط مع “جبهة النصرة” لاسترداد العسكريين اللبنانييين الأسرى لديها، وفي سحب المسلحين من مخيمات النازحين، وهي تتواصل بشكل دائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتتميز بانفتاحها واعتدالها.
وتحذّر أوساط عبر صحيفة “الراي” الكويتية من ان مثل هذه الخلفية التي تعني انتقال الصراع بين المجموعات المسلحة من الأرض السورية الى الأرض اللبنانية “سيجعل لبنان على كف عفريت”.
- غمْز دوائر سياسية معارِضة للنظام السوري من قناة وجود نيّة لضرْب المجموعات المسلّحة ببعضها، إما تحسباً لإمكان سقوط هدنة الزبداني بعدما نجحت المجموعات المسلحة بتوحيد صفوفها تحت مسمى “لواء الإسلام” تجهيزًا لمعركة مرتقبة عاجلا أم آجلاً، وإما لاستدراج عرسال الى معركة تكون لها تداعيات على جبهة الزبداني التي تشكل آخر خطوط الدفاع عن عرسال بالمعنى الاستراتيجي.
وبهذا المعنى عبّرت هذه الدوائر عن خشية من ان يكون استهداف هيئة علماء القلمون التي لعب مشايخها أدواراً عدة في سحب المسلحين من عرسال عقب أحداث 2 اغسطس 2014 والذين “يمونون” على اللاجئين في عرسال (تستضيف نحو مئة ألف نازح) يرمي الى سحب العنصر الذي يساهم في احتواء ومعالجة أي إشكالات مع الجانب اللبناني، تمهيداً لإيقاع فتنة بين الدولة اللبنانية واللاجئين السوريين من جهة والمسلحين من جهة أخرى، في إطار مخطط لاستهداف عرسال مجدداً، وهذا ما يفسّر بحسب الدوائر نفسها استهداف الجيش اللبناني ايضاً في محاولة لجرّه لـ “صِدام”.
- ان يكون الانفجاران يعكسان نية لـ “داعش” لتصعيد العمليات ضدّ “أعدائها” من السوريين كما الجيش اللبناني في إطار الرغبة بفتح معبر يصلهم بمجموعاتهم على الجانب الآخر من الحدود، وهو ما عبّرت عنه تقارير لمحت الى امكان وجود مخطط لإحداث اختراقات في جبهة الجيش اللبناني المنتشرة على الحدود البقاعية مع سورية.
- عدم استبعاد بعض التقديرات وجود أطراف لا تمانع معاودة وضع عرسال في واجهة الأحداث باعتبار ان من شأن ذلك ان يشكل عامل ضغط على “تيار المستقبل” (يقوده رئيس الحكومة السابق سعد الحريري) في الملفات الساخنة الداخلية من رئاسة الجمهورية وملف النفايات والجلسة التشريعية والحكومة.
وفيما كان لافتاً قصف الجيش اللبناني تجمُّع للمسلحين في جرود عرسال براجمات الصواريخ، تستمرّ التحقيقات لتحديد ملابسات الانفجار الذي استهدف هيئة علماء القلمون خلال عقد قران السورية عبير دكور وأدى الى مقتل شقيقها واحد الشهود وشيخين، فيما نجا رئيس الهيئة الشيخ عثمان منصور الذي أصيب بجروح استدعت نقله الى المستشفى قبل ان يخرج منه، اضافة الى إصابة خمسة اشخاص بعضهم جروحه خطرة وبينهم عبير.
ولم تسقط كلياً فرضية الانتحاري التي يتمّ ربطها بوجود أشلاء لجثة مشوّهة مجهولة الهوية لا يُستبعد ان تكون لمنفذ العملية الذي كان يقود الدراجة النارية التي قيل ان العبوة الناسفة وُضعت فيها.