افتتحت قبل ظهر اليوم في فندق “موفنبيك”، فعاليات “الملتقى السنوي لرؤساء وحدات الامتثال مكافحة تمويل الارهاب في المصارف والمؤسساة المالية العربية” بدورته الخامسة، والذي ينظمه اتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة في لبنان.
شارك في حفل الافتتاح رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور محمد بعاصيري، امين سر لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور، الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح، المدير التنفيذي رئيس وحدة مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب في المصرف المركزي محمد ابو موسى، رؤساء وحدات الامتثال بمكافحة غسل الاموال في المصارف من عدة دول عربية منها: مصر، قطر، الاردن، السودان، العراق، فلسطين وتونس، اضافة الى عدد من خبراء هيئة التحقيق الخاصة – لبنان ومن السلطات القضائية والامنية العربية وخبراء دوليين ومن القطاع المصرفي العربي.
استهل الحفل بكلمة لطربيه تناول فيها مسألة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب في ضوء ما يحدث اليوم في العالم من “صراعات وتنازعات وتنازع على السلطة وارهاب، ومحاربة للارهاب”، مشيرا الى ان ذلك “يحتاج الى تمويل وتخطيط وقنوات لا بد من استخدامها للقيام بما تحتاجه من تمويل”.
وقال: “هنا تجد المصارف والمؤسسات المالية نفسها في قلب الحدث، وفي صميم المعركة، وهنا ايضا تجد السلطات الرقابية والسلطات الامنية والقضائية نفسها في مواجهة مع المنظمات والافراد الذين يستخدمون تلك القنوات للوصول الى اهدافهم. ومن المعروف ايضا ان هذه الاشكالية باتت تثير قلق جميع المعنيين من مختلف الجهات الرسمية والخاصة، فبتنا ننام على اجراء او رزمة من الاجراءات ونستفيق على رزمة جديدة من الاجراءات والتشريعات والقوانين، واصبح هذا الامر يشكل هاجسا للجميع، واصبح علينا جميعا العمل على متابعة تلك التطورات والسعي لفهم الاجراءات المفروضة واستيعابها والالتزام بها”.
ولفت الى “أهمية مسألة تجنب ظاهرة المخاطر هذه الظاهرة التي اخذت تنتشر في اوساط المصرفيين العرب وغير العرب نتيجة لاحتمال عدم تمكن المصارف احيانا من الالتزام بمتطلبات الحيطة والحذر والعناية الواجبة التي تفرضها السلطات الرقابية”.
وقال: “نجح لبنان في العام 2002 في حذف اسمه عن لائحة الدول غير المتعاونة بعد الاستجابة لعدة متطلبات اهمها اصدار القانون رقم 318 لمكافحة تبييض الاموال، كما تجاوبت المصارف مع متطلبات مجموعة GAFI بإنشاء اجهزة امتثال لديها ووضع آليات لمكافحة تبييض الاموال. واليوم يواجه لبنان خطر اعادة ادراجه على لائحة الدول غير المتعاونة في حال عدم استكماله اصدار بعض التشريعات الاضافية في حقل مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب”.
أضاف: “لكي يبقى لبنان ضمن المنظومة المالية والمصرفية الدولية، على المجلس النيابي ان يبت قبل انقضاء المهلة المحددة لة في نهاية العام الجاري بثلاثة مشاريع قوانين مطلوبة دوليا أحالتها الحكومة اللبنانية في منتصف آذار 2012 اليه وهي تتناول: إلتزامه تصريح عن المبالغ النقدية عند عبور الحدود، تعديل قانون 318 المتعلق بمكافحة تمويل الارهاب، البت بمشروع قانون يتناول المعلومات بالنسبة للتهرب الضريبي وضرورة مصادقة مجلس النواب على اتفاقية الامم المتحدة رقم 1999 المتعلقة بتجفيف مصادر تمويل الارهاب”.
وختم: “المطلوب اليوم وبإلحاح وأكثر من اي وقت مضى، ان يجتمع المجلس النيابي اللبناني للتصويت على هذه القوانين الدولية متجاوزا التعقيدات الدستورية التي تحول دون اجتماعه شرعا لانتخاب رئيس للجمهورية كي نحيد لبنان عن الضرر الناتج عن عدم صدور هذه القوانين قبل آخر السنة”.
ابو موسى
وأوضح محمد ابو موسى أن “هذا الملتقى يهدف إلى استعراض المستجدات الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خاصة في ظل ما يفرضه التطور التكنولوجي والعلمي المتنامي الذي شهده العالم فى الآونة الأخيرة من صعوبة التحديات التي تواجه الدول في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وزيادة خطر هاتين الجريمتين، إذ أن مرتكبي الجرائم الأصلية وغاسلي الأموال وممولي الإرهاب زادوا من استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة فى كافة مراحل التخطيط والتنفيذ اللازمة لإتيانهم الأفعال الإجرامية، تدعمهم فى ذلك العائدات المالية الضخمة التي تحصلوا عليها من جراء الجرائم التي اقترفوها”.
وقال: “لا يخفى أن مخاطر غسل الأموال تعتبر من أهم الأخطار غير المنظورة التي تهدد استقرار النظام المالي والاقتصادي العالمي، بالنظر إلى الحجم الهائل من الأموال المتحصلة من الجرائم التي يتم غسلها، والتي تمثل ما بين 2 – 5% من إجمالي الناتج المحلي للعالم أي ما بين 800 مليار دولار و2 تريليون دولار حسب احصاءات مكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، وهذا الرقم مرشح للزيادة بسبب درجة الاحتراف العالية التي يتسم بها غاسلو الأموال الذين يستعينون بمختلف التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات”.
أضاف: “كما لا يخفى على أحد الدور الهام الذي يقوم به مدير الالتزام ومسؤول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المؤسسات المالية وعلى الأخص القطاع المصرفي، حيث يوكل إليهم العديد من المهام الرامية إلى الحد من مخاطر غسل الاموال وتمويل الارهاب وما تنطوي عليه من مخاطر رقابية وقانونية وأخرى خاصة بسمعة المؤسسات المالية التى ينتمون إليها، ومن ثم زادت التطورات التي أشرنا إليها سلفا في مجال الجريمة من مهامهم اليومية ومن فحص للعمليات غير العادية والعمليات المشتبه فيها، وإخطار وحدة التحريات المالية بالعمليات التي تتضمن شبهة غسل أموال أو تمويل إرهاب، واقتراح ما يلزم من تطوير وتحديث لسياسة البنك في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والنظم والإجراءات المتبعة بالبنك في هذا المجال، وذلك بهدف زيادة فاعليتها وكفاءتها، ومواكبتها المستجدات المحلية والعالمية”.
منصور
أما أمين سر هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان فشدد على “الاهمية الدولية لمسألة تبييض الاموال وتمويل الارهاب انطلاقا من خطورة هذه الجرائم وتأثيرها على سمعة القطاعات المالية”. وقال: “يشارك لبنان بقوة من خلال القطاعين العام والخاص في محاربة جرائم تبييض الاموال، وهناك نمو كبير في الجرائم المنظة في العالم التي باتت تفوق بأضعاف ارقام المالية العامة في العديد من الدول، اضافة الى اثر على الجرائم في ضرب الاقتصادات وفي تفشي الفساد في الادارات العامة”.
أضاف: “نجح لبنان سابقا في رفع اسمه عن لائحة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة عمليات تبييض الاموال، وهو سجل خطوات مهمة ومؤثرة في هذا السياق، وان القصور الحاصل في بعض التشريعات لم يحد من عمليات المكافحة عندنا حيث عالجنا ونعالج كل الحالات التي ترد الينا من الداخل ومن الخارج”.
وتناول مشاريع القوانين العالقة امام مجلس النواب اللبناني التي احالها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى مجلس الوزراء، مشددا على “أهمية إقرار هذه المشاريع، لا سيما منها المعاهدة الدولية لقمع تمويل الارهاب حيث ان 95 في المئة من دول العالم الاعضاء في الامم المتحدة صادقت على هذه الاتفاقية لبنان والصومال فقط من دول المنطقة لم تصادق عليها”.
وأكد منصور على “التحديات المستمرة المفروضة على الهيئات الرقابية لمكافحة التحديات المتفاقمة على مستوى تبييض الاموال وتمويل الارهاب”، مشيرا الى ان “التحدي الاكبر اليوم هو الناجم عن الجرائم الالكترونية -القرصنة- نظرا لصعوبة تقصي مرتكبي هذه الجرئم”.
بعاصيري
وأخيرا، شدد نائب حاكم مصرف لبنان على “أهمية إقرار لبنان اتفاقية الامم المتحدة المتعلقة بتجفيف منابع تمويل الارهاب”، مشيرا الى ان “النقاش السياسي الدائر في لبنان لا يعني مصرف لبنان الذي يتعاطى التعامل مع الامور بمنطق المهنية فقط لا غير، وهو بعيد كل البعد عن اي عمل سياسي”.
وقال: “نحن في مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة فريق عمل واحد، نبتغي مصلحة لبنان اولا ومصلحة قطاعنا المصرفي ثانيا”.
وتطرق الى مشاريع القوانين العالقة امام المجلس النيابي، مؤكدا “أهمية وضرورة اقرارها قبل نهاية هذا العام لتجنب وضع اسم لبنان على لائحة الدول غير المتعاونة”، مؤكدا “لما هذا الامر ان حصل من مضاعفات وتداعيات سلبية على تصنيف لبنان وعلى علاقاته بالمصارف المراسلة”.
وقال: “نحن في مصرف لبنان وعلى ارض الواقع نعرف ماذا يجري في المجتمع الدولي، وفي مجموعة العمل المالي “مينا فاتف”. نحن نعرف ما هو مطلوب، اربعة مشاريع قوانين مطلوب اقرارها لتفادي مخاطر كبرى، واذا لم تقر المشاريع لن ينفع الندم”.
وأكد أن “وضع الليرة اللبنانية ممتاز ولدينا احتياطات مالية كبيرة”، سائلا: “ماذا ينفع القلب النابض في جسم انسان كسيح ومريض؟”.
وشدد على أن “مصرف لبنان بقيادة حاكمه الاستاذ رياض سلامه كما لجنة الرقابة وهيئة التحقيق الخاصة، يبذلون كل الجهود من اجل المحافظة على الاستقرار المالي والمصرفي ويبقى لمصرف لبنان ان يتخذ كل الاجراءات الكفيلة بحماية القطاع. ويبقى على السلطة وعلى الدولة ان تعمل ما هو مطلوب منها”.