IMLebanon

طريقة توظيف الشركات لأموالها تضعف فرص نموها مستقبلا

StockMarketAmerican3
جون أوثرز

المعاملات النقدية هي لحظة الحقيقة بالنسبة للشركات. المبلغ الذي تتسلمه من خلال المبيعات، وكيف تستخدمه، محدد بشكل واضح في بياناتها. معايير المحاسبة تسمح لها بإجراء التعديلات، لكن مقدار النقود التي تجمعها، والطريقة التي تختار استخدامها بها، يظلان المخبر الحقيقي عن حالها.

أصبح واضحا الآن بالنسبة للربع الثالث من هذا العام أن الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي توجد مقارها الولايات المتحدة لديها إيرادات أضعف كثيرا مما ترغب. وهذا ينطوي بصورة لا مفر منها على افتقار كامن للقوة في الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، الضرر الذي لحق بالأرباح التي أعلنتها الشركات الأمريكية كان محدودا أكثر بكثير. هذا في المقابل يمكن أن يعزى إلى خيارات الشركات الأمريكية بشأن استخدامها للنقود – التي على المدى الطويل يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاكلها أكثر بسبب المبيعات الضعيفة.

أحدث إحصاء من وكالة تومسون رويترز لأرباح مؤشر ستاندرد آند بوزر 500 في الولايات المتحدة يظهر أن الأرباح في سبيلها إلى أن تنخفض بنسبة 1.3 في المائة على خلفية انخفاض الإيرادات بنسبة 3.6 في المائة. الأرباح أفضل مما كان متوقعا، ما يساعد على تفسير ارتفاع البورصة السريع في الشهر الماضي، لكن رقم الإيرادات أقل بكثير من التوقعات الكئيبة.

كثير من هذا يتعلق بالدولار القوي الذي يقلص الأرباح الخارجية للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. في أوروبا الشركات التابعة لمؤشر ستوكس 600 في سبيلها إلى الإعلان عن انخفاض بنسبة 8.2 في المائة في الإيرادات، مقارنة بالعام الماضي – على الرغم من أن اليورو الضعيف خلال تلك الفترة ينبغي أن يرفع الأرباح الخارجية للشركات متعددة الجنسيات.

وهناك عامل واضح آخر هو الانهيار في أسعار النفط والمعادن الصناعية خلال العام الماضي. هذا يؤثر بشكل مباشر في إيرادات مجموعات التعدين والطاقة. في الواقع، مجموعات الطاقة والمواد الخام تعاني انخفاضات ضارة في المبيعات بنسبة 35.7 في المائة و11.9 في المائة على التوالي منذ العام الماضي. لكن الشركات الصناعية في الولايات المتحدة شهدت أيضا انخفاض المبيعات بنسبة 6 في المائة، في حين أن القطاعات التي تبدو أكثر صحة بكثير لم تشهد سوى نمو مبيعات ضعيف. قطاع تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة الذي يقود حاليا مكاسب البورصة، زاد الإيرادات بنسبة 1.9 في المائة فقط العام الماضي.

لذلك تدخل نقود أقل إلى الشركات الأمريكية الكبيرة، وأرباحها توقفت عن النمو. مع ذلك، ربحيتها، كما قاستها مجموعة كريدي سويس هولت في تقرير جديد، تظهر عائدا بنسبة 13.5 في المائة على الاستثمارات بعد استثناء النقود الفائضة. هذا التجمع الفائض من النقود هائل – 2.1 تريليون دولار، أي 15 في المائة من إجمالي الأصول.

يمكن نشر تلك النقود في عمليات الدمج والاستحواذ، أو إعادة استثمارها في الأعمال، أو توزيعها على المساهمين عبر أرباح الأسهم، أو من خلال شراء الأسهم لتقليص التعويم للأسهم الممتازة. تاريخيا، وفقا للتقرير الحكومي لمجموعة هولت، نشرت الشركات ما متوسطه 60 في المائة من تدفقات نقودها في الاستثمارات الرأسمالية (سواء عضويا أو من خلال عمليات الدمج والاستحواذ) وأعادت 26 في المائة إلى المساهمين (12 في المائة على شكل أرباح أسهم و14 في المائة في عمليات إعادة شراء الأسهم). وفي الآونة الأخيرة انخفض رأس المال المستثمر إلى 53 في المائة، في حين ارتفعت النقود التي أعيدت إلى المساهمين إلى 36 في المائة، مع نسبة متزايدة تذهب إلى عمليات إعادة شراء الأسهم. وفقا لمؤشر ستاندرد آند بورز، 20 في المائة على الأقل من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خفضت عدد أسهمها بنسبة 4 في المائة أو أكثر في الأرباع السبعة الماضية. وهذا ارتفع إلى 23 في المائة في الربع الأخير.

عمليات إعادة شراء الأسهم التي تقلص تعويم الأسهم تلقائيا زادت الأرباح لكل سهم. وما إذا كانت بمنزلة استخدام جيد لأموال المساهمين فهذا يعتمد على القيمة الجوهرية للشركة – إذا كانت رخيصة جدا، فإن إعادة شراء الأسهم تعد فكرة عظيمة. أما إذا كانت مكلفة جدا فمن الأفضل خدمة المساهمين من خلال الحصول على نقودهم على شكل أرباح أسهم ومن ثم يكون لديهم حرية استثمارها في أماكن أخرى.

لكن ماذا عن ثروات الشركات التي تدفع نقودها، وليس تلك التي تعيد استثمارها؟ دفع النقود هو إشارة واضحة إلى أن الشركة تعتبر نفسها أنها “كانت تنمو في السابق” ولا تستطيع إيجاد فرص استثمارية جيدة. كما تميل أيضا لتكون نبوءة تحقق ذاتها بذاتها.

بحث مجموعة هولت تتبع ثروات الشركات التي “تعيد الاستثمار” والتي “تعيد” النقود ووجد أن الأخيرة تزيد مبيعاتها، في المتوسط، بنسبة 5 في المائة فقط سنويا على مدى الأعوام الخمسة التالية. والشركات التي تعيد الاستثمار تمكنت من زيادة المبيعات بنسبة 19 في المائة سنويا. لذلك صورة النقاد للشركات المتعبة التي كانت تنمو في السابق، والتي لم تعد لديها أفكار للنمو، والتي تقرر مكافأة المساهمين فيها على حساب فرصة النمو الاقتصادي، لديها على الأقل شيء يزكيها.

حقيقة أن عددا كبيرا للغاية من الشركات العامة تختار أن تدفع الأموال بدلا من إعادة استخدامها هي بالتالي حقيقة مثيرة للقلق. هناك بعض عوامل التخفيف. لكن لا يزال من الصعب أن نقرأ نمط حركات النقد بصورة متفائلة، حتى مع أن الهندسة المالية جعلت سوق الأسهم الأمريكية قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق في الوقت الحاضر. الشركات تحصل على سيولة أقل مما اعتادت عليه، وهي ليست متفائلة بأنها تستطيع استثمار المال، وبالتالي تختار توزيعها على نحو يضعف فرص نمو المبيعات في المستقبل، وهذا أمر لا يبعث على التفاؤل.