اشارت صحيفة “النهار” الى ان تحديد رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون، عقب اجتماع التكتل أمس، ظهر اليوم موعدا لكشف الاجراءات “القوية والحازمة” التي ستتخذ في حال الاصرار على عقد الجلسة يعود الى افساحه لـ”حزب الله” في الوساطة التي يتولاها من أجل ايجاد تسوية اللحظة الاخيرة.
وبدا أن عنوان “إلى التصعيد… دُر” ينطبق تماماً على حال كتل “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” والكتائب، في حين أخفقت حتى الساعات الاخيرة محاولة تسوية قادها وفد نيابي ضم من “المستقبل” النائبين أحمد فتفت وعاطف مجدلاني إلى الوزير بطرس حرب، وعرض في اجتماع مع الرئيس بري اقتراح تضمين جدول أعمال الجلسة التشريعية قانون الإنتخاب، وبما أن هذا الموضوع يحتاج إلى مناقشات مستفيضة، ينتقل المجلس إلى القضايا المالية الملحة ويقرّها كما يقرّ قانون الجنسية الذي تتوافر له الغالبية بموافقة بري و”حزب الله” عليه.
وكان نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان عرض هذا الإقتراح خلال الاجتماع القيادي في “بيت الوسط” الذي ضم قياديين حزبيين وشخصيات مستقلة من 14 آذار، ووافق عليه رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة. في المقابل اقترح بري على نائبي”المستقبل” والوزير حرب تشكيل لجنة من خمسة أطراف سياسيين رئيسيين أو أكثر تُكلف التوصل إلى قانون انتخابي في مهلة شهر أو شهرين، وإذا أخفقت يُحال الموضوع مجدداً على اللجان المشتركة، لأنه لا يُعقل أن يعرض على الهيئة العامة نحو 17 مشروع قانون للتصويت. وعندما نقل النائب فتفت هذا الإقتراح إلى النائب عدوان، كان الجواب “أعوذ بالله… وهل أنت مقتنع بذلك؟”. وكان الجواب سلبياً.
وقال مصدر في “المستقبل” إن “الأمور لا تزال معقدة، ومحاولة التوصل إلى مخرج سوف تُستكمل، وهناك أمل”. في حين أفادت معلومات أن “المستقبل” غير مرتاح إلى الوضع لأن ما يقبل به الرئيس بري يرفضه “التيار الوطني الحر” و”القوات”. وأعربت مصادر عن اعتقادها أن رئيس المجلس لم يكن يتوقع هذا التشدد من الكتل المسيحية، وكان يعوّل على موقف إيجابي من “الكتلة العونية” بعد موافقته على مشروع قانون التجنيس وأموال البلديات، وفي ضوء عدم سماعه إلحاحاً، بحسب المصادر، على مطلب إدراج قانون الإنتخاب.
وفي الخلاصة بدا المشهد ليل أمس كالآتي:
“تيار المستقبل” سيتخذ موقفه ليل اليوم بعد عودة الرئيس فؤاد السنيورة من الخارج، فيما “التيار الوطني الحر” و”القوات” والكتائب تتجه إلى إضراب وربما قطع طرق في بعض المناطق ذات الغالبية المسيحية مما قد يجعل انتقال بعض النواب إلى ساحة النجمة متعذراً.
إلاّ أن مصدراً مطلعاً على مجمل الاتصالات واللقاءات التي تلاحقت طوال نهار أمس وليله قال لـ”النهار” إن انعقاد الجلسة لم يعد ممكناً في هذا الجو المتشنج، والأمور متجهة إلى تأجيلها أسبوعاً أو أسبوعين في نهاية المطاف، ريثما يتم التوصل إلى حل على قاعدة بدء البحث في قانون الانتخاب ثم الانتقال إلى البنود المالية الملحة
واقرارها.
بري
وسط هذا الاستنفار السياسي المحموم، رد بري على ما اعتبره “حملة قائمة عليه” قائلاً: “انا ابو الميثاقية كما قال الدكتور سمير جعجع ولكن بمعنى انه عندما يكون هناك طرف غائب بالكامل عن الجلسة”. وبرر اصراره على عدم ادراج قانون الانتخاب على جدول الاعمال بأن الموضوع يحتاج الى تفاهم وطني غير موجود.
وسألت “النهار” رئيس المجلس ليلا عن الاحراج الذي يواجهه أمام الشارع المسيحي، فأجاب: “انا اقبل باستفتاء عند المسيحيين فقط بين طرحي لانعقاد الجلسة والمعارضين لها حيال الجلسة واهميتها”.
صحيفة “الأخبار” قالت: “إن الكباش السياسي استمر حول الجلسة التشريعية المقررة غداً، في ظلّ انقسام سياسي ـ طائفي واضح بين أغلبية «محمدية» ستلبّي دعوة الرئيس نبيه برّي الى الجلسة، وأغلبية «مسيحية» تصرّ على ربط الحضور بإدراج بند قانون الانتخاب على جدول الأعمال.
وزادت المواقف تصلّباً أمس مع تأكيد رئيس تكتّل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون أن الجلسة «غير ميثاقية وناقصة، ومن دون حضورنا خطيرة»، في تلازم مع موقف القوات اللبنانية، فيما استمر الكتائبيون في التغريد تحت عنوان «عدم دستورية أي جلسة لا تخصص لانتخاب رئيس للجمهورية». ولم تفلح الاتصالات واللقاءات التي امتدت طوال يوم أمس حتى ساعات متأخرة من الليل في تغيير المواقف، مع تكرار فريق بري التأكيد أن الجلسة ستعقد في موعدها، وتأكيد تيار المستقبل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وحزب الله والنائب وليد جنبلاط على الحضور.
وضَمن جنبلاط حضور النواب المسيحيين الخمسة في كتلته، بعد معلومات عن محاولات لاستمالة عددٍ منهم من قبل «المقاطعين»، فيما لا يزال موقف حزب الطاشناق متذبذباً، إذ أكّدت مصادره ليلاً لـ«الأخبار» أنه «يفضّل عقد الجلسة وحضورها وعدم القطع مع الرئيس بري، لكنّه لا يحتمل الانفراد في الموقف خارج المزاج المسيحي، لكونه لا يملك الهامش الذي يملكه الوزير فرنجية، ولديه قواعد مشتركة مع كل القوى المسيحية في المتن».
وفيما تتجه الأنظار اليوم إلى الموقف الذي سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في محاولة لتقريب وجهات النظر بين عون وبرّي، علمت «الأخبار» أن معاونه السياسي حسين خليل ورئيس جهاز التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا أخفقا في تحقيق اختراق في موقف عون الذي زاراه أول من أمس، بعدما ضمّهما عشاء إلى جانب فرنجية في منزل الوزير جبران باسيل ليل الأحد الماضي، علماً بأن «كتلة الوفاء للمقاومة» أكدت في بيان بعد اجتماعها أمس أنها «لا تزال حتى الآن تبذل مساعي للوصول إلى تفاهم إيجابي».
مصادر نيابية بارزة في 8 آذار لمّحت إلى ما سمّته «رغبة قواتية في هزّ علاقة عون بمعسكر 8 آذار»، وسألت: «هل يستحق مكسب تكتيكي يتصل بوضع بند على جدول الأعمال غير متفق عليه كقانون الانتخاب، التفريط بمكسب استراتيجي يتمثل في انعقاد جلسة لتمرير قضايا حيوية يحتاج إليها البلد، وزجّ البلد في حالة اصطفاف طائفي مسيحي ـ مسلم؟».
وذكّرت القوات اللبنانية بأنه تم الاتفاق في جلسة التمديد للمجلس على ألا يقرّ قانون الانتخاب إلا في حضور رئيس الجمهورية، وقد وردت توصية بذلك في محضر الجلسة ووافقت عليها جميع الكتل الحاضرة».
وعن إصرار برّي على عقد الجلسة، في ظلّ الحديث عن إمكانية انتظار بعض البنود المالية حتى كانون الأول، قالت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«الأخبار» إن «النصف الثاني من كانون الأول ميت بحكم الاجازات التي يأخذها عدد من النواب، لذلك عامل الوقت مهم جدّاً الآن».
وربطت بين توقيع رئيس الجمهورية على القوانين التي يقرّها مجلس النواب، وبين مهلة الشهر التي تصبح فيها القوانين سارية في حال لم تحصل على توقيع رئيس الجمهورية، والتي يستحيل في ظل الظروف الحالية الحصول عليها بسبب عدم الاتفاق في الحكومة التي ترث صلاحيات رئاسة الجمهورية، لذلك «يستعجل الرئيس بري حتى تنقضي مهلة الشهر قبل نهاية العام في حال تعذّر الحصول على التوافق الحكومي».
من جهة أخرى، استمرت الاتصالات أمس بين القوات والمستقبل، عشية انعقاد الجلسة، في محاولة لتذليل العقبات والوصول الى تفاهمات حول نقاط الخلاف.
وسئل بري مساء أمس أمام زواره عمّا إذا كان موقفا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يحرجانه في الشارع المسيحي، فردّ: «أقبل باستفتاء لدى المسيحيين فقط بيني وبين هذا الفريق، حيال أهمية انعقاد جلسة المجلس». وعلمت «الأخبار أن النائب جورج عدوان طرح خلال لقائه برّي أول من أمس مقايضة بند قانون الانتخاب على جدول الأعمال في جلسة الخميس مقابل الحصول على وعد بطرح القانون في الجلسات المقبلة خلال أسابيع، فكان جواب رئيس المجلس أنه «لا يمكنني أن أضمن ذلك».