كتبت ربى كبّارة في صحيفة “المستقبل”: تخطّت قوى 14 آذار عبر محطة “تشريع الضرورة” أخطر قطوع واجهته منذ قيامها كتجمع وطني قبل عقد من الزمن بما سيسمح للبنان باجتياز أدق مراحل الانقسام الذي غيّب لأيام قليلة الاصطفاف العمودي مع قوى 8 آذار، ليبدو وكأنه يعود إلى مرحلة اصطفاف طائفي إسلامي – مسيحي من خلال “تحالف رباعي” يقابله “حلف ثلاثي”.
ففي الأيام القليلة الماضية سادت أجواء ضاغطة وسط تهييج طائفي يستند إلى مقولة تهميش المسيحيين كما في عهد الوصاية السورية. فقد تبدّى، بحسب مصدر سياسي لبناني مخضرم، كأن “حلفاً ثلاثياً” مسيحياً جديداً على طريق التبلور من حيث المواقف لا من حيث أسبابها. فمن جهة يقاطع “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بسبب رفض الرئيس نبيه بري إدراج قانون الانتخابات على جدول أعمال الجلسة المقررة اليوم والتي يقاطعها “حزب الكتائب” التزاماً بموقفه المبدئي رفض أي تشريع في ظل الفراغ الرئاسي باعتبار البرلمان مجرد “هيئة ناخبة”.
فقد تدرّج التصعيد في الأيام الأخيرة، من انتقاد لـ”ميثاقية” الرئيس نبيه بري التي يرونها “انتقائية” رغم توقع مشاركة نحو نصف النواب المسيحيين من خارج الأحزاب الرئيسية، إلى التلويح بالشارع عبر استنفار المجالس المركزية والتنسيقيات وصولاً إلى إشارة رئيس “حزب الكتائب” النائب سامي الجميل بوضوح إلى تشنجات طائفية قد توصل الى حرب أهلية جديدة.
فتمسّك رئيس المجلس بعقد الجلسة التشريعية بعد انقطاع طويل نابع من ضرورة تمرير قوانين مالية مطلوبة دولياً حتى لا يدرج لبنان على اللائحة السوداء والتي تضر بشكل كبير قطاعه المصرفي، أبرز قطاعاته الاقتصادية، وتعوق التحويلات المصرفية من البلاد وإليها. هذا التشدّد في موعد الجلسة أدى إلى أن تطغى في أوساط أبرز الأحزاب المسيحية مخاوف من أن يكون “تشريع الضرورة” معبراً لقيام “حلف رباعي” على غرار الذي التأم في انتخابات العام 2005. ويذكر المصدر بأن هذا الحلف، رغم تكبيده خسائر لمسيحيي 14 آذار، سمح بعد الانسحاب السوري بتحقيق نتائج مهمة من أبرزها الفوز بغالبية نيابية وقيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وخروج رئيس حزب “القوات” سمير جعجع من السجن، وعودة رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون من المنفى.
لكن موقف الرئيس سعد الحريري أمس بإعلانه الالتحاق بالجلسة مع تعهده مقاطعة أية جلسة تشريعية مقبلة لا يندرج قانون الانتخابات على جدول أعمالها، ودعوته “الزملاء من الكتل النيابية كافة” لحضور الجلسة “تكريساً للشراكة والعيش المشترك” أتى كترضية لحليفه المسيحي الأكبر سمير جعجع بما قد يعبّد أمامه طريق النزول اليوم إلى البرلمان وفق المصدر نفسه الذي أعطى رأيه قبل إعلان “القوات” الموقف النهائي، خصوصاً وأن التوافق مع عون على المقاطعة أتى نتيجة وحدة موقف لا وحدة صف.
ولا يستبعد المصدر أن يساهم ذلك في دفع عون للنزول الى الجلسة خصوصاً بعد التوافق على حيثيات مشروع قانون استعادة الجنسية المدرج أصلاً على جدول الأعمال اضافة الى مشروع قانون أموال البلديات.
فـ”تيار المستقبل” الذي أراد ربط اكتساب الجنسية عن طريق الأم باستعادة المتحدرين من أصول لبنانية جنسيتهم قدّم تنازلاً يسمح بعبور القانون قاعة الهيئة العامة.
ويبقى السؤال الأساسي لماذا لا ينسحب تفاهم “القوات” و”التيار” على مقاطعة الجلسة التشريعية الى التفاهم على جلسة انتخاب رئيس للجمهورية مضى على فراغ كرسيه نحو عام ونصف العام. ألم يحن أوان التوافق على رئيس، هو الوحيد المسيحي في الدول العربية، خصوصاً وأن “حزب الله” المتمسّك بشدة بترشيح عون لم يماشه في أي من المحطات السابقة بدءاً من التمديد مرتين للمجلس النيابي والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وإقرار التعيينات الأمنية وحالياً “تشريع الضرورة”؟