علق مصادر دبلوماسية مطلعة على حيثيات الملف الرئاسي اللبناني الذي دخل شهر الفراغ التاسع عشر آمالا على نتائج اللقاء الايراني – الفاتيكاني لجهة إمكان إحداث الخرق المطلوب في جدار الازمة خصوصا اذا ما أُقرن بجملة معطيات تشير الى رفع الكرسي الرسولي مستوى جهوده الى الحد الاقصى في اتجاه وضع حد للنزف المسيحي المستمر من منطقة الشرق الاوسط والذي يشكل الفراغ في الرئاسة اللبنانية. أحد تجلياته باعتبار انه الموقع الرئاسي المسيحي الوحيد فيها، لا سيما بعد مجموعة تقارير وردت الى الفاتيكان اضاءت على انعكاسات هذا الفراغ على اوضاع مسيحيي الشرق. وتشير المصادر الى استئناف الجهود الدبلوماسية في هذا الاتجاه بعدما لوحظ انكفاؤها عن المسرح اللبناني. حيث عقدت وتعقد اجتماعات بين عدد من الدبلوماسيين لا سيما المعنيين بالملف بعيدا من الاضواء في موازاة المساعي الدولية لارساء تسوية سياسية للازمة السورية يفترض ان تتلازم خطواتها الاولى مع الافراج عن رئاسة لبنان كما تقول المصادر.
وتشير في هذا الاتجاه الى اجتماع عقد امس بين مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان وممثلة الامين العام للامم المتحدة في بيروت سيغريد كاغ تناول الاستحقاق الرئاسي.
وفي الموازاة، تتحدث المصادر لـ”المركزية” عن لقاءات يعقدها السفير البابوي غابريال كاتشيا مع دبلوماسيين لهم حيثية معينة وحكوماتهم مؤثرة في الملف لم تتوصل الى اتفاق على رغم جلسات النقاش الطويلة، لكنها لم تتوقف في ما يعكس تصميما فاتيكانيا على تسريع الحل.
وفي السياق، تلفت المصادر الى مواقف كان اطلقها السفير كاتشيا في اجتماع مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في افتتاح دورته التاسعة والاربعين في بكركي في 9 الجاري، حيث أمل ان تستأنف المؤسسات الدستورية اللبنانية مهامها استنادا الى روح الميثاق الوطني ونص الدستور، مبديا اسف الفاتيكان للفراغ الرئاسي المتمادي على رغم مبادرات قداسة البابا على اكثر من مستوى. ودعا جميع السياسيين المعنيين مباشرة بالاستحقاق على المستويين الشخصي والعام الى سلوك المسارالدستوري المناسب لتأمين انتخاب رئيس جمهورية واضعين نصب اعينهم فقط المصلحة الوطنية اللبنانية العليا.
وتركز المصادر على اهمية ما اقتبسه السفير كاتشيا في كلمته من موقف لوزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بول غالاغر، في مؤتمر دولي حول “التعددية والثقافة والتعايش السلمي في الشرق” في 18 تشرين الاول الماضي في اثينا اذ قال: “لم يكن مفاجئا تسجيل وثيقة PapalEcclesia في الشرق الاوسط في لبنان، لأن هذا البلد لديه مكانة خاصة في قلب الباباوات الذين تعاقبوا في الكنيسة الكاثوليكية.فالمسيحية ازدهرت في لبنان منذ نشأته، وهو جزء لا يتجزأ منها.في العام 1997، قال البابا يوحنا بولس الثاني إن “لبنان أكثر من بلد، انه رسالة” وعلى رغم الصعوبات، لا سيما الأزمة الدستورية الحالية، لا يزال لبنان شاهدا على رسالة مفادها أن الصالح العام يتطلب مشاركة وتعاونا من الجميع؛ إن الانسجام والتعايش السلمي تأسسا على احترام الكرامة المتأصلة في كل إنسان. وتبقى رسالة لبنان صالحة لمستقبل الشرق الأوسط، وبالتالي حل الأزمة الدستورية ملح جدا، ليس فقط للبنان بل لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها “.من هنا يتبين مدى تقدير الكرسي الرسولي لهذا الوطن.فلنتأمل ونعمل من اجل ان يتمكن لبنان من استكمال مهمته كبلد الرسالة.
وتختم المصادر بالاشارة الى رهان متجدد على الدور الفاتيكاني في انضاج ظروف الحل الرئاسي خصوصا ان القوى السياسية توصلت عبر تواصلها واتصالاتها الى تسوية للملف التشريعي فلم لا تلتقي حول الرئاسة التي تبدو ارسيت دعائمها دوليا عن طريق انطلاق التسوية السياسية السورية في محادثات فيينا.