IMLebanon

الهند تُضعف رهان مودي على «صُنع في الهند»

maggi
جون جابر من نيودلهي

عندما أُعلِن أن شعيرية ماجي من شركة نستله، هي واحدة من العلامات التجارية الاستهلاكية الأكثر ثقة في الهند، جنباً إلى جنب مع معجون كولجيت ومطهر ديتول ومنتجات نوكيا، ردّ مُعلّق من بنجالور على موقع صحيفة الإيكونوميك تايمز أوف إنديا: “حان الوقت لتقوم الهند والهنود بمسح جميع العلامات التجارية الأجنبية من هذه القائمة. الهند تحتاج لأن تترك بصمتها في العالم”.

من قبيل الصدفة، ما أطلق عليه أحد الوزراء اسم “المُفتش راج” في البلاد كان بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة. مُفتش أغذية كان قد التقط أحد مُغلفات ماجي من متجر في ولاية أوتار براديش في كانون الثاني (يناير) الماضي، لتبدأ سلسلة هزلية من الأحدات بلغت ذروتها في حرق شركة نستله 400 مليون باكيت من الشعيرية البريئة.

هذا الأسبوع، بعد تراجع المبيعات العالمية، عادت العلامة التجارية إلى رفوف المتاجر.

ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند الإصلاحي، يقوم بزيارة إلى المملكة المتحدة وتركيا هذا الأسبوع، حاملاً شعاره “يُصنع في الهند” إلى الشركات متعدّدة الجنسيات، المدعومة من تخفيف الحواجز أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لمنافسة التنين الصيني.

قضية شعيرية ماجي تُظهر أن القادة الوطنيين قد يتحدّثون، لكن سلطات الضرائب ومُفتّشو الأغذية والبيروقراطيون غالباً لا يستمعون.

هيئة تفتيش الأغذية الرئيسة في الهند، من خلال ادعائها – على أساس أدلة مُتنازع عليها – أن شعيرية شركة نستله كانت تحتوي على نسبة رصاص تفوق الحد، عملت بحبور على تقويض ترحيب مودي، حيث أضافت إلى إدراك متزايد بين الشركات مُتعدّدة الجنسيات أن الأسواق الناشئة ليست الرهان الوحيد المليء بالزبائن المتحمسين، على نحو ما كانت ترجو في الماضي، فهذه مناطق تحتاج إلى حذق ومهارة، ومن السهل أن تواجه المشاكل فيها.

بطريقة ما، دائماً ما عرفت ذلك. الشركات الساذجة بحق اعتقدت أنه سيكون من السهل الانتقال إلى الصين بقدر الانتقال إلى سينسيناتي، لكن المخاطر كانت تبدو قابلة للاحتواء، خاصة عندما يتم إغراؤها من قِبل السياسيين المبتسمين، ومكافآت الانتقال إلى العظيم المجهول. من الناحية العملية، كانت هناك مخاطر أكثر ومكافآت أقل مما أدركها البعض.

المناخ الاقتصادي لم يُساعد. انخفض معدل النمو في الصين ومن المتوقع أن تتقلّص البرازيل وروسيا هذا العام. بنك جولدمان ساكس أغلق صندوق بلدان مجموعة البريكس الخاص به، المُخصص للاستفادة من إمكانات البرازيل ورورسيا والهند والصين، بسبب الأداء الضعيف. كذلك لم يعُد المستثمرون الأجانب يستطيعون الاعتماد على موجة من النمو السريع.

في الوقت نفسه، فإن الانتكاسات التنظيمية تتضاعف. الوضع المُعقد لشعيرية شركة نستله يتبع أوضاعا مماثلة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات الأجنبية في الهند، ولا سيما بسبب الضرائب، حيث حققت شركة فودافون نصراً في محكمة مومباي العُليا الشهر الماضي، فيما يتعلّق بمحاولة من قِبل السلطات الضريبية في الهند لزيادة مُطالباتها بمئات الملايين من الدولارات. نفس المحكمة حكمت العام الماضي لمصلحة شركة شل فيما يتعلّق بمُطالبة مُماثلة.

تستطيع الشركات مُتعدّدة الجنسيات الأجنبية على الأقل الاعتماد على محكمة مومباي لتكون نزيهة، حيث القضاة الذين لا يهتمون كثيراً لسلطة السلامة والمعايير الغذائية الهندية في آب (أغسطس) الماضي، واصفين قرارها لحظر تسعة أصناف مختلفة من منتجات شعرية ماجي على أساس اختبارات مُعيبة بأنه انتهاك للعدالة الطبيعية.

هناك بلدان أخرى تقوم بالاختبارات على حد سواء. حيث تم تغريم شركة جلاكسو سميث كلاين مبلغ 300 مليون جنيه من قِبل محكمة في الصين العام الماضي، بعد أن أصبحت عبرة عامة أمام الجميع في حملتها ضد الرشوة.

كذلك سيفيسو دابينجوا، الرئيس التنفيذي لشركة الهواتف الخلوية في جنوب إفريقيا MTN، التي تبيع الخدمات في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط، استقال يوم الإثنين بعد قيام المُنظمين في نيجيريا بتغريم المجموعة مبلغ 5.2 مليار دولار.

الشركات مُتعددة الجنسيات الأجنبية ليست الأهداف الوحيدة للمُشرفين الفضوليين.

كذلك هي ليست وحدها معرضة للخطر في الاقتصادات الناشئة، كما اكتشفت البنوك الأوروبية في الولايات المتحدة.

كثير من الشركات الصينية الكبيرة المملوكة للدولة وكبار المسؤولين التنفيذيين فيها عانوا بشدة من حملة مكافحة الفساد في البلاد، لكن الأجانب يُمثّلون أهدافاً واضحة في الأوقات الصعبة.

هذا يضع أهمية إضافية على الانسجام، وليس فقط من خلال تكييف مطاعم بيج ماك مع الثقافة المحلية وبيع دجاج مهراجا ماك بدلاً من ذلك، لكن أن تُصبح جزءا من نسيج الاقتصاد.

يقول بيتر ويليامسون، الأستاذ في الإدارة الدولية في جامعة كامبردج: “لا تستطيع تحمّل أن يتم اعتبارك إمبرياليا. يجب أن تُظهر كيف يُمكن أن تُفيد البلاد”.

شركة نستله لم تقم بأي عمل خاطئ إلى هذا الحد، وبالتأكيد لم تقم بعمل تستحق أن تعاقَب عليه بانخفاض 20 في المائة في مبيعاتها في الهند. خطأ شركة نستله جاء بعد الحقيقة وليس قبلها، في عدم الاستجابة بسرعة وحزم بما فيه الكفاية لهذه الاتهامات. وبحلول الوقت الذي استجابت فيه، كان الادّعاء بأن الشعيرية التي تُنتجها سامة قد انتشر على جميع وسائل الإعلام الاجتماعية.

شركة نستله لم تكُن طموحة في محاولة حشر مُنتج عالمي في الأسواق المحلية، حيث كانت تعمل في الهند منذ 103 أعوام، وبدأت التصنيع هناك في عام 1961. شعيرية ماجي كانت علامة تجارية شعبية منذ إطلاقها في عام 1983 – الشعيرية التي يُمكن طبخها في غضون بضع دقائق، كانت رخيصة بما فيه الكفاية بالنسبة لمعظم الناس ومناسبة لطبيعة حياتهم الأكثر انشغالاً.

تم تسجيل شركة نستله الهند في بورصة مومباي منذ عام 1968؛ حيث توظّف سبعة آلاف شخص بشكل مباشر، ونصف مليون آخر بشكل غير مباشر؛ وتأخذ إمدادات الحليب ومنتجات الآلبان من 100 مُزارع في البنجاب، وهاريانا وراجستان؛ وتُدير قسما عالميا للأبحاث والتنمية للشعيرية في الهند؛ كما تملك أيضاً تسعة مختبرات للصحة. لذلك، بعبارة أخرى، هي ليست أجنبية.

من المعتاد في مثل هذه الحالات أن نسأل ما كان ينبغي أن تفعله الشركة الكبيرة بشكل أفضل، وشركة نستله ستتعلّم الدروس، خاصة في كيفية التواصل.

هذه كانت غلطة الهند وليس شركة نستله والعبرة لاقتصادات النمو هي كالتالي: إذا انخفضت مكافآت قدومك إلى بلدك، يجب عليك تقليل المخاطر أيضاً.