Site icon IMLebanon

النفايات ليست “زبالة” بل مواد أوليّة

waste
مهما قيل عن تصدير أو ترحيل النفايات الى الخارج، يبقى في إطار الفكرة التي ولدت ميتة، إلاّ أنه وبعد تعثر تطبيق خطة الوزير أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات، عاد خيار الترحيل الى الواجهة مجددا بعد طرحه خلال جلسة الحوار الاخيرة.

والمشكلة تكمن في أن ترحيل النفايات، والذي لقي تأييداً من عدد من الأطراف السياسية، لا يشمل فرزها قبل ترحيلها على الرغم من الأهمية البيئية لمبدأ فرز النفايات. هذا الخيار عارضه رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، إذ أعلن رفض الجمعية المطلق لأي عملية ترحيل كاملة دون فرزها، نظرا للضرر البالغ الذي سيصيب الاقتصاد الوطني جراء ذلك بشكل عام، والصناعة الوطنية بشكل خاص وكذلك اليد العاملة اللبنانية.
وبحسب الجميل فإن “القطاع الصناعي يستفيد بنسبة 30% من مخلفات النفايات، لما تحتويه من مواد يمكن إعادة تدويرها بينها، الكرتون، البلاستيك، الزجاج والحديد، محذرا في حديث لـ”المدن من أنه “إذا تم اعتماد خيار الترحيل دون الفرز، فإن معامل الورق والبلاستيك ستكون المتضرر الاول من الترحيل”.
وبالنسبة إليه “ما يهمنا اليوم هو الوصول الى حل عبر إيجاد استراتيجية كاملة متكاملة تركّز على الفرز وإعادة التدوير واستعمال المخلفات فيما بعد بالتدوير والـ”RDL”، لكي نطمر أو نحرق أقل كمية ممكنة من النفايات والاستفادة من القسم الاكبر منها”.

هذا الموضوع تم طرحه من قبل جمعية الصناعيين قبل بدء أزمة النفايات، وفقا للجميل، الذي لفت الى أنه “عندما بدأت الأزمة اقترحنا وضع برنامج يلحظ حل أزمة التراكمات الموجودة في الشوارع، والسير بحل مرحلي الى حين الانتهاء من الخطة النهائية وبدء العمل بها. إذ أننا لا نطلب فرز التراكمات الموجودة حاليا في الشوارع إنما النفايات التي ستجمع في وقت لاحق”.

وعن الخسائر التي سيتكبدها القطاع الصناعي، أوضح أنه “إذا اعتمد الترحيل الكلي لأشهر عدة، فإن الضرر سيطال القطاع الصناعي بشكل كبير. فالترحيل لا يجب أن يتم من دون فرز، والفرز يجب أن يبدأ من المصدر. أما إذا لم يحصل ذلك فستفقد الصناعة موادا أولية أساسية، تشكل نصف حاجات مواد المعامل، تحديدا في قطاعي الورق والبلاستيك. وهذا الامر سيولّد خسائرا كبيرة على المعامل التي ستلجأ الى الاستيراد وما يترتّب عليه من أكلاف إضافية للتعويض عن النقص في المواد الاولية المحلية”.

الحل يبدأ بوضع معالجة قصيرة المدى، ثم متوسطة المدى كالتي طرحها الوزير أكرم شهيب لنصل لاحقا الى حلول مستدامة، برأي الجميل. وهنا نحن لا ندخل بتقنيات الحلول لكن المطلوب إعطاء قيمة للمخلفات والحفاظ على فرص العمل الموجودة بلبنان، لأن قطاعات تدوير الورق والبلاستيك تعيل آلاف العائلات.

وبنظره، لا يجب أن نطلق على مخلفات النفايات تسمية “زبالة”، وعلينا التعامل معها بوصفها قوة إقتصادية تخلق فرص عمل للشباب اللبناني، هذا ما نركّز عليه، فصناعة تدوير الورق مثلا، صناعة عريقة في لبنان ومرتبطة بقطاعات أخرى. كما أن صناعة الورق المعاد تصنيعه، أي “الكرتون المقوّى”، يستعمل في صناعة الكتب، والورق الـ”رولو” يستعمل في صناعة الصناديق التي تواكب جميع القطاعات الصناعية وصادراتها. بالتالي دور هذا القطاع مهم جدا. كما أننا نستفيد عبر تصدير الأوراق المعاد تصنيعها بشكل مباشر.

في أوروبا 71% من الورق المستعمل يعاد تصنيعه بنسبة 71%. وبالنسبة لصناعة التغليف أكثر من 75% من هذه الصناعة مكوّنة من ورق معاد تصنيعه. وشرح أنه بشكل عام كل المخلفات المنزلية “SOLID WASTE”، بين الورق والبلاستيك والكرتون يتم إعادة تدويرها بنسبة 37%.

من الزاوية الصناعية، ما يطرح اليوم في لبنان حلولا تتماشى مع الحلول العالمية، وذكّر الجميل بأن “هناك قطاعات عريقة في لبنان ولها تأثير على الاقتصاد يجب أن نحافظ على موادها الاولية. بالتالي فإن قرار الترحيل الكلي يشكّل خطرا على المصانع التي لا يمكنها الاستمرار بهذه الظروف، كما أن لقمة عيش آلاف العائلات ستكون مهددة”.
بعد أن أثبتت الحكومة اللبنانية عجزها عن معالجة ملف النفايات داخليا عبر إيجاد حلول جدية وبناءة، واستثمار “النفايات” كقوّة إقتصادية أو لاستجرار الطاقة. وبين الرفض الشعبي – السياسي للمطامر، يبدو أن خيار الترحيل وعلى الرغم من أنه مخرج “مكلف ومعقد” إلاّ أنه يبرز الى الواجهة كلما أقفلت منافذ الحلول الداخلية نظرا لتسييس هذا الملف بدلا من إبعاده عن المهاترات السياسية.