رفعت الأضرار من شارع “حسين عبد الناصر” او كما يسميه أهالي المنطقة “شارع عين السكة” في برج البراجنة، في الضاحية الجنوبية لبيروت. المكان الذي شهد قبل يومين العملية الإنتحارية المزدوجة، فُتِح اليوم أمام المتضامنين الوافدين من مختلف مناطق بيروت، ووسائل الإعلام التي حولته إلى “استديو” كبير، للتصوير والمقابلات ونقل حركة الشارع. وبالرغم من الصخب الذي يلف المكان، لم يكن المشهد خالياً من الصدمة التي لا تزال قابعة في جوانب الشارع ومحاله المتضررة، اما الحركة القائمة فغريبة عن السوق الشعبي الذي اعتاد حركة الناس بين محلاته التجارية، لا بين أكوامه.
مشهد الشارع، أقرب إلى إعلان المنطقة منطقة منكوبة، فمحتويات “فرن مكي”، أول المحال التي تصادف المارّة في الشارع، باتت كومة من الفوضى امتزجت فيها منتجات الفرن بمعداته ورفوفه والزجاج المتناثر فوقه. وللمصادفة فإنه لم يمضِ يومان على افتتاح الفرن الذي كلف أكثر من 200 ألف دولار، بحسب ما يقوله أحد العاملين فيه، لـ “المدن”، والذي يؤكد أن الأضرار ما بين معدات ومنتجات وواجهات زجاجية و”ديكور”، تناهز كلفتها الـ 150 ألف دولار، وهو يقارب المبلغ الذي قدرت فيه أضرار “محلات بيضون” للألبسة، والملاصقة للفرن. في الجهة المقابلة للفرن، الأضرار أقل، فعصف الإنفجار كان أكبر في الجهة الثانية من الشارع. يطيل علي منصور صاحب “سنتر منصور” للألبسة، شرحه لملابسات الحادثة التي شهدها أثناء تواجه في المحل. وفي حديث لـ”المدن”، يشرح منصور ان الأضرار التي لحقت بمحله الذي يملكه بالشراكة مع 5 من أخوته، تقدر بنحو 50 الف دولار من بينها 13 ألف دولار ككلفة واجهات زجاجية ولافتات إلكترونية،كان قد استوردها منذ مدة من الصين.
يجول منصور داخل محله الذي تبعثرت بضاعته وتناثر زجاجه على الأرض، مع أجزاء سقف “الجفصين” الذي تحطم وتشقق بفعل عصف الإنفجار ويؤكد منصور ان أحداً لم يكشف بعد على الأضرار، لا بلدية برج البراجنة ولا هيئة الإغاثة، آملاً ان يتم مسح الأضرار نهار السبت كما وعدت البلدية، وأن يحصل أصحاب المحال المتضررة على التعويض بأسرع وقت ممكن “كي لا نكون مضطرين لنزع اللقمة من فم أولادنا من أجل إعادة تأهيل مصالحنا ومحالنا”، مشيراً إلى أن حجم الخسائر كاف للتسبب بـ”كسر المحل”، خاصة بعد أن شهد الشارع ضعفاً في الحركة، خلال الشهرين الماضيين. وعن توقعاته لإنعكاس الإنفجار على الحركة الإقتصادية للمنطقة، يرى منصور أن الطابع الشعبي للمنطقة كفيل بإعادة الحركة إليها، لأن الاسعار هنا أقل من أسعار باقي المناطق في بيروت. وتشهد حركة الزبائن الآتين من خارج المنطقة، على قدرة الشارع على جذب الزبائن.
من ناحية أخرى، تشرح مصادر “المدن” في بلدية برج البراجنة، أن حجم الأضرار المادية لا يعتبر كبيراً، مقارنة بحجم الخسائر في الأرواح، ويعود ذلك الى أن الإنفجارين نفذهما انتحاريان بأحزمة ناسفة، فيما لو كان الإنفجار ناجماً عن سيارة مفخخة لكانت الأضرار اكبر بكثير، حيث ان التقديرات الاولية، وفقا لما نراه وليس اعتماداً على مسح رسمي، فإن عدد المحال المتضررة بلغ نحو 16 محلاً، 5 منهم أضرارهم بالغةـ فيما تفاوتت الأضرار بباقي المحلات ما بين تحطم واجهات زجاجية وتلف في البضائع المعروضة. اما المنازل، فقد بلغ عدد المتضرر منها نحو 20 شقة، تفاوتت أضرارها أيضاً ما بين تحطم لزجاج النوافذ، أو خلع لأبوابها، وتلف في المفروشات، في حين هبطت إحدى الشرفات الكائنة مباشرة فوق “أفران مكي”. أما السيارات، فقد احترقت سيارة واحدة من نوع “رانج CRV”، فيما تضررت 3 سيارات اخرى في المحيط اختلفت أضرارها ما بين تحطم زجاج وشظايا اخترقت هياكلها، إضافة الى تحطم 4 دراجات نارية. وتتابع المصادر، أن البلدية ستواكب الكشف الذي ستجريه هيئة الإغاثة المكلفة من قبل الحكومة اللبنانية بمسح الأضرار، بالإضافة إلى أن مركز الشرطة في مبنى البلدية سيكون حاضراً لتلقي أي شكوى او اقتراح او تبليغ عن الأضرار، وذلك إفساحاً في المجال لأي مساعدة قد يقدمها المواطنون وأصحاب المحال، في مسح الأضرار وإعادة تأهيل الشارع ليعود كما سبق ان كان. وختمت المصادر أن التعويض عن الأضرار سيتم بأسرع وقت ممكن وفق المعلومات المتوافرة.
مشاهد الخسائر الإقتصادية تعيد الى الواجهة مشاهد الخسائر التي عرفتها شوارع الضاحية، مع التفجيرات السابقة. لكن إعادة تأهيل الشوارع والمحال، مَحَت مظاهر التفجير والخسائر، وهذا ما يأمله أهل المنطقة المنكوبة اليوم. وتجدر الاشارة الى ان رئيس الحكومة تمام سلام، كان قد أعطى توجيهاته الى الهيئة العليا للإغاثة بمسح الأضرار تمهيداً للتعويض عن الاضرار، وترجم رئيس الهيئة اللواء محمد الخير هذه التوجيهات بالإعلان عن بدء الهيئة لمهامها. وكان قد سبق هذا الاعلان، إيعاز وزير الصحة وائل ابو فاعور للمستشفيات التي وصل اليها الضحايا، بمعالجتهم على نفقة الوزارة.