أعلن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية التاسعة والأربعين برئاسة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، ارتياح الآباء لانعقاد جلسة للمجلس النيابي في اليومين السابقين لإقرار ضرورات مالية ونقدية ووطنية لا تتحمّل التأجيل مع التأكيد على عدم إمكانية هذا المجلس أن يشرّع بغياب رئيس للجمهورية.
وكان الموضوع الرئيسي للدورة “التعاون الراعوي بين الكنائس الكاثوليكية في لبنان”.
المجلس، وفي بيان، دان العمل الاجرامي بتفجيرين متتاليين في برج البراجنة اللذين أوقعا عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء، داعين الجميع الى تضافر الجهود والقوى للمحافظة على الوحدة الداخلية، ولمحاربة الإرهاب.
كما دان العملية الإجرامية الهائلة التي ضربت العاصمة الفرنسية في أكثر من مكان، وطالبوا المجتمع الدولي بوضع حدّ للإرهاب والحروب والكفّ عن استغلال التنظيمات الإرهابية لمآرب خاصة.
واثنى المجلس خلال بيانه على الجهود التي بذلتها القوى السياسية المسيحية لتوحيد الرؤية والمطلب، ولتأمين انعقاد هذه الجلسة. وقد تبيّنت قيمة وحدة هذه القوى على الصعيد الوطني العام، وأمل الآباء أن تتشدّد أواصرها أكثر فأكثر باتّجاه انتخاب رئيس للجمهورية عملاً بأحكام الدستور، وسنّ قانون جديد للانتخابات.
ولا بدّ من التذكير بأنّ انتخاب الرئيس يشكّل الباب للعبور نحو الخير العام الذي يشمل النمو الإقتصادي والشؤون المعيشية والأمنية، وذلك من خلال ممارسة واعية ومتجددة للسلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية والقضائية. فلا يمكن القبول، باي شكل من الأشكال، أن تُمارَس هذه السلطات على مقياس المصالح الشخصية والفئوية والمذهبية، أو أن تُرْهَن بالنزاعات القائمة في المنطقة وفي الداخل بانتظار مصيرها ونتائجها.
وقال البيان: “الدولة هي المسؤولة الأولى عن توفير العيش الكريم لمواطنيها وعن ضمان امنهم الإجتماعي والإقتصادي، لتقوم بواجبها الأساس هذا وبدفع ما يتوجب عليها من مترتبات مالية للمدارس المجانية والمستشفيات والمؤسسات الإجتماعية والإنسانية التي تتفانى الكنيسة من خلالها لخدمة الإنسان”.
وفي ما يخص أمن المنطقة يرى الآباء أن تفاقم الأزمات والحروب في بلدان عدة من الشرق الأوسط، وما يتسبّب عنها من ويلات ومصائب بات مسؤولية دولية تتخطّى أحجام دول المنطقة وشعوبها. فإنهم، إذ يجددون إدانتهم العنف الذي يطال المسيحيين والمكوّنات الصغرى الأخرى في العراق وسوريا، يناشدون المجتمع الدولي والدول المعنية لأيقاف الحرب وإحلال السلام في منطقتنا، والتوصل الى حلول سياسية سلمية، بالاستناد الى القوانين الدولية التي تحفظ حقوق الشعوب والدول، وتصون وحدة أراضيها. كما يثمّنون مواقف الدول التي تستقبل النازحين من المنطقة، وتمد اليهم يد العون، ونخص بالذكر موقف لبنان المتميّز الذي يقع عليه عبء كبير. كما نثمن دور الكرسي الرسولي والدول التي تحرص على الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا الشرق، أو تدافع عن حقوق المسيحيين فيه كمواطنين أصيلين متساوين، وعودة النازحين الى ديارهم، مع التعويض عما فقدوه، والعيش آمنين كرماء في أوطانهم.
وأمل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أن تكون مناسبة ذكرى الاستقلال خيّرة تلهم الجميع للعمل على أن يستعيد لبنان عافيته فتتأمّن لشعبه ظروف الازدهار والرخاء.