IMLebanon

كيف تستثمر مثل اول ملياردير؟

john_rockefeller
ميسون أبو الحب​
كان جون روكفيلر من انجح الشخصيات الأميركية وقد صنع ثروته بالاعتماد على نفسه وذكائه الفطري في التجارة. انحدر روكفيلر من اصول متواضعة، لكنه سرعان ما اصبح اول ملياردير في العالم، بعد ازدهار عمل شركته التي تحمل اسم ستاندارد اويل. وعندما توفي في عا م 1937 كانت ثروته تمثل 1.5% من النائج الاجمالي للولايات المتحدة، أي ما يقارب 340 مليار دولار بأسعار اليوم ليكون بذلك اغنى من وورن بوفيت وبيل غيتس.

الدرس الأول

كتب روكفيلر في كتابه الذي يحمل عنوان “ذكريات عشوائية عن رجال وأحداث” عن تجربته الأولى في التجارة، وكان في السابعة من عمره عندما باع طيور ديك رومي كان يملكها بمساعدة أمه وحقق بها ارباحًا اعجبته. وتعلم روكفيلر درسًا آخر عندما بدأ يستثمر بعض المال، وهو في الرابعة عشرة من العمر، إذ أعار مزارعًا في المنطقة مبلغ خمسين دولارًا بنسبة فائدة 7% وبعد عام استعاد ماله من المزارع زائدًا سعر الفائدة وكانت ثلاثة دولارات ونصف الدولار.

أول تطبيق

كان روكفيلر مبدعًا في النقاش وفي الرياضيات في المدرسة الثانوية لاسيما الرياضيات الذهنية، وبعد انهائه هذه المرحلة الدراسية امضى عشرة اسابيع في مدرسة تجارية تعلم فيها كيفية مسك الحسابات وتبديل العملات وشؤون الضرائب وما شابه. وبعدها طبق هذه المعارف خلال عمله في شركة هيويت آند تاتل، وهي شركة سمسرة للمنتجات الزراعية وهناك اعجب به مدراؤه، وبدأ بعدها يحقق باسم الشركة صفقات تجارية معقدة وصعبة غير انه ما لبث ان غادر عمله بعدما رفضت الإدارة زيادة مرتبه، وكان حينها في التاسعة عشرة من العمر.

النفط والسكك الحديدية

وما لبث روكفيلر ان أنشأ تجارته الخاصة بالشراكة مع رجل انكليزي اسمه موريس كلارك. وقال روكفيلر لاحقًا “كانت قيمة مجمل صفقاتنا 450 الف دولار في السنة الاولى، ولم تتجاوز ارباحنا 4.400 دولار”. وسرعان ما ازدهرت الشركة غير ان روكفيلر بدأ يخشى عليها من تغييرات كبيرة كان يشهدها الاقتصاد الاميركي، وتمثلت بصعود نجم السكك الحديدية. ففكر روكفيلر في تغيير اهتماماته ثم وجد ضالته في النفط.

ستاندارد اويل

اكتشف النفط للمرة الاولى في بنسلفانيا في عام 1859 ودخل روكفيلر هذا المضمار في عام 1862 ضمن شراكة مع كلارك ايضا غير ان محاولته الأولى لم تنجح فانفضت الشراكة بين الاثنين. وبعدها اشترى روكفيلر معملاً للنفط بيع بالمزاد بمبلغ 72500 الف دولار، واضطر الى استدانة غالبية المبلغ. وبعد فترة ظهرت شركة ستاندارد اويل العملاقة التي غطت عملياتها اميركا اولاً، ثم عدة مناطق من العالم.

احتكار

كان روكفيلر يؤمن بالفعالية وعدم التبذير، وكان يحرض على أن يكون كل جزء من النفط الخام بعد تصفيته نافعاً، وما لبث روكفيلر أن اشترى املاك منافسين لتتحول شركته الى شركة احتكارية تقريبًا حتى اوقفتها السلطات عند حدها، ما ادى الى تقسيمها لاحقاً الى شركات اصغر، منها شيفرون وايكسون موبايل. اما الشركة الاصلية فهي الان جزء من شركة بي بي BP. ولتمويل كل هذه العمليات استثمر روكفيلر الارباح واضطر الى الاستدانة مرة اخرى وساعدته في ذلك سمعته الجيدة في العمل والاقتصاد وفي التردد على الكنيسة بانتظام.

يستدين على الدوام

وفي الواقع عرف روكفيلر بأنه كان يستدين المال على الدوام، ويروى عنه انه عندما ينبهه مدير بنك بالقول إنه استدان كل الاموال المتوفرة في البنك وإن مجلس المديرين يود رؤيته في الحال كان يجيب “حسناً، سأتوجه لرؤيتهم في الحال، فأنا اريد استدانة مبالغ أخرى”. بدت حياة روكفلر مثل دليل على النظرية القائلة بأن الطريق الى تحقيق الثروة يمر عبر انشاء تجارتك الخاصة، ثم استثمار الارباح في اسهم وسندات. ولكن هناك جوانب في مسيرة روكفيلر يمكن ان تكون دروسًا للمستثمرين الاعتياديين. كان روكفيلر يشتري شركات ثم يحتفظ بها لفترة بدلاً من بيعها في الحال لتحقيق مكاسب سريعة. قاعدة اخرى يتبعها روكفيلر تقوم على استثمار الارباح في تجارته نفسها، وهو ما يشجع المستثمرين الذين يرون في ذلك وسيلة لتحقيق ارباح ايضًا.