حوّل الارهاب شوارع العاصمة الفرنسية باريس ساحة حرب فعلية مع شن 8 مسلحين هجمات منسقة على أماكن عدة تخللها اطلاق نار وتفجيرات أسفرت عن مقتل نحو حوالي اكثر من 120 شخصاً وجرح 200 آخرين بينهم 80 في حالة حرجة.
وقال مصدر قريب من التحقيق إن الهجمات المتزامنة نفذها مسلحون عمد بعضهم إلى تفجير أحزمة ناسفة كان يرتدونها، وذلك قرب استاد فرنسا الدولي في الضاحية الشمالية للعاصمة، وفي أحياء في شرق باريس حيث توجد حانات ومطاعم يكثر روادها في نهاية الأسبوع.
وبحسب أنباء لم يتم تأكيدها رسميا بعد، قتل 8 “إرهابيين” شاركوا في الاعتداءات التي استهدفت مناطق عدة في باريس، 7 منهم بالأحزمة الناسفة التي كانوا يرتدونها، فيما أردت الشرطة الثامن برصاصها.
من جانبه، أعلن مدعي عام الجمهورية في باريس، فرنسوا مولان، أن التحقيق الذي فتح في اعتداءات باريس التي وقعت مساء الجمعة يجب أن يحدد ما إذا كان هناك من “متواطئين أو مشاركين لا يزالون فارين”. وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقاً في “جرائم قتل على علاقة بمنظمة إرهابية”.
ووقعت الاعتداءات قرب استاد فرنسا الدولي في الضاحية الشمالية لباريس، وفي الشرق الباريسي حيث توجد حانات مشهورة تكتظ عادة بالرواد خلال عطلة نهاية الاسبوع على مقربة من ساحة الجمهورية التي كان تجمع فيها نحو مليون ونصف المليون شخص في كانون الثاني الماضي احتجاجا على الاعتداءات التي استهدفت العاصمة ايضا في تلك الفترة.
باتاكلان: عشرات القتلى
اقتحم عدد من المسلحين غير الملثمين مسرح باتاكلان الذي كان يقدم حفلة لموسيقى الروك وباشروا باطلاق النار بشكل عشوائي على الحضور وهم يهتفون “الله اكبر”. بعدها احتجزوا رهائن لمدة ثلاث ساعات تقريبا.
وقال الشاهد بيار جانازاك (35 عاما) الذي كان موجودا في المسرح “سمعتهم بشكل واضح يقولون للرهائن +انها مسؤولية هولاند، انها مسؤولية رئيسكم، ما كان عليه التدخل في سوريا+. لقد تكلموا ايضا عن العراق”.
وقال شاب آخر يدعى لويس كان موجودا ايضا في المسرح ساعة الهجوم “تمكنت برفقة والدتي من الهروب من مسرح باتاكلان وتجنبنا الرصاص. شاهدت الكثير من الاشخاص على الارض”.
واوضح انه “شاهد عددا من الاشخاص يدخلون وبدأوا فورا باطلاق النار من جهة المدخل”.
وهاجمت الشرطة المسرح قبيل الساعة 00،30 (11،30 تغ) وانهت عملية احتجاز الرهائن نحو الساعة 01،00 (00،00 تغ). وجاءت الحصيلة عشرات القتلى بينهم اربعة مهاجمين قتل ثلاثة منهم بعدما فجروا الاحزمة الناسفة التي كانوا يرتدونها في حين اصاب عناصر الشرطة مهاجما رابعة انفجر حزامه بعد سقوطه، بحسب ما افاد مصدر مقرب من التحقيق.
– استاد فرنسا الدولي : اربعة قتلى
في الوقت نفسه تقريبا وقع اول انفجار قرابة الساعة 21،20 (20،00 تغ) على مقربة من استاد فرنسا الدولي شمال باريس حيث كانت تجري مباراة في كرة القدم بين منتخبي فرنسا والمانيا.
وتم على الفور اجلاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان يتابع المباراة واقفلت كل مداخل الاستاد.
وافاد مصدر مقرب من التحقيق ان اربعة اشخاص قتلوا “بينهم ثلاثة ارهابيين” شاركوا في الهجمات. وافادت مصادر في الشرطة واخرى مقربة من التحقيقات ان واحدا على الاقل من الانفجارات التي سمعت نتج عن انتحاري فجر نفسه.
وتواصلت المباراة حتى نهايتها وتم اخلاء الملعب بهدوء.
شارع لافونتين او روا: خمسة قتلى على الاقل
على بعد مئات الامتار من مسرح باتاكلان اطلقت النار في شارع لافونتين او روا على مطعم بيزا يدعى “لا كازا نوسترا” ما ادى الى مقتل خمسة اشخاص برصاص “سلاح رشاش” بحسب الشاهد ماتيو (35 عاما).
واضاف هذا الشاهد “وقع خمسة قتلى على الاقل حولي وكانت الدماء في كل مكان. لقد اسعفني الحظ كثيرا”.
وقال شاهد آخر انه رأى “سيارة فورد فوكوس سوداء تطلق النار وشاهد رصاصات فارغة على الارض”.
جادة فولتير: قتيل
افاد مصدر قضائي ان هجوما آخر وقع في جادة فولتير التي يقع فيها مسرح باتاكلان ادى الى وقوع قتيل. ولم تعرف المسافة التي تفصل بين مكان سقوط القتيل والمسرح.
كما قتل في هذا الشارع مهاجم انتحاري، بحسب مصدر مقرب من التحقيق.
شارع أليبير: 14 قتيلا
وعلى مسافة غير بعيدة شمالا حصل اطلاق نار عند تقاطع شارعي بيشار وأليبير امام شرفة مطعم “لو بوتي كامبودج” ما ادلى الى مقتل 14 شخصا.
وقالت امراة كانت في المكان “الامر اشبه بالمشهد السوريالي، كان الضحايا على الارض من دون حراك”.
وتابعت “الامر جرى بهدوء ولم يفهم الناس ما حصل. وشاهدت شابا يحمل فتاة بين يديه بدت ميتة”.
– شارع شارون: 18 قتيلا
وعلى مسافة قريبة شرقا تكرر المشهد نفسه في شارع شارون حيث قتل 18 شخصا.
قال شاهد انه سمع اطلاق نار “عبارة عن رشقات لدقيقتين او ثلاث”، مضيفا “شاهدت العديد من الجثث المغطاة بالدم على الارض”.
واضاف ان اطلاق النار استهدف مطعما يابانيا وقهوة.
وقد زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مكان الحادث وأعلن مقتل ثلاثة مسلحين كانوا يحتجزون حوالي مئة شخص. ونقلت رويترز عن النائب العام الفرنسي قوله إن خمسة من منفذي هجمات باريس لقوا مصرعهم على أيدي قوات الأمن. ورجح النائب العام الفرنسي أن عدد قتلى الهجمات قد تجاوز 120.
إثر تلك التطورات التي أثارت حالة من الهلع الواسع أعلن الرئيس الفرنسي حالة الطوارئ في مختلف أنحاء البلاد وإغلاق الحدود، وفي وقت لاحق قال الإليزيه إنه تم نشر 1500 جندي إضافي في باريس. وترأس الرئيس هولاند اجتماعا طارئا للحكومة لبحث الهجمات، وأمر باستنفار كل القوات الممكنة للتعامل مع منفذي الهجمات.
وبدأت نيابة باريس لشؤون الإرهاب التحقيق في العمليات، وبينها انفجار قرب ملعب فرنسا حيث كان الرئيس هولاند هناك لمتابعة مباراة ودية بين المنتخب الفرنسي ونظيره الألماني.
ودعت السلطات الفرنسية سكان العاصمة لعدم الخروج من بيوتهم، في حين تواصل أجهزة الأمن تحرياتها بشأن ملابسات تلك التطورات الأمنية المثيرة التي أعادت للأذهان الهجمات التي شهدتها باريس في 11 كانون الثاني الماضي عندما استهدف مسلحون مقر مجلة شارلي إيبدو الساخرة.
وقد أدانت أطراف دولية وداخلية كثيرة تلك الهجمات، وأعربت الولايات المتحدة وبريطانيا عن استعدادهما لتقديم المساعدة للسلطات في فرنسا.
فقد قال الرئيس الأميركي باراك أوباما -في بيان مقتضب- إن بلاده ستفعل كل ما يلزم “لجعل هؤلاء الإرهابيين يمثلون أمام العدالة”، في إشارة إلى منفذي هذه الهجمات التي تبدو منسقة.
وأضاف أوباما أنه يقف إلى جانب فرنسا في مكافحة الإرهاب والتطرف، واصفا هجمات باريس “بالمحاولة الشائنة لإرهاب المدنيين”.
ولكن الرئيس الأميركي لم يوجه أصابع الاتهام لجهة معينة، بل قال إنه لا يريد أن يقع في أي فرضيات بشأن هذه الهجمات.
وكان مسؤول في البيت الأبيض أعلن أن الرئيس أُبلغ بوقوع اعتداءات متعددة في باريس مساء الجمعة من قبل ليزا موناكو، المسؤولة في الرئاسة عن شؤون الأمن ومكافحة الإرهاب.
من جانبه أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن “صدمته” إثر هذه الهجمات. وقال كاميرون في تغريدة على حسابه على موقع تويتر “أنا مصدوم لما يجري في باريس هذا المساء”، وأضاف “نحن نفكر ونصلي من أجل الشعب الفرنسي. سنفعل كل ما يمكن لمساعدته”.
من جهته تعهد الرئيس فرانسوا هولاند بردّ قاسٍ على الاعتداء الإرهابي غير المسبوق الذي ضرب فرنسا، وأكد هولاند في كلمة له أن “فرنسا ستخوض معركة بلا شفقة ولا رحمة” ضد الإرهاب”.
وقال: “إذا نجح الإرهابيون في اقتراف فظاعات من هذا النوع، فيجب أن يعرفوا قبل ذلك أنهم سيواجهون فرنسا مصممةً، موحدةً، ومتجمعةً، وفرنسا التي لا تخاف رغم أنها تُعرب اليوم عن ألم لا يوصف”.
وأضاف: “هاجم برابرة عدة نقاط في العاصمة بنية القتل، قتل أكثر ما يُمكن”.
كما أعلن حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود، فضلا عن القيام بعمليات دهم لبعض المناطق، دون أن يذكرها.
داعش” يتبنى هجمات باريس ويهدد روما ولندن وواشنطن
تبنى تنظيم “داعش” مجزرة باريس التي أودت بحياة ما بين 120 و150 ضحيةً حسب آخر الإحصاءات غير الرسمية، وفق ما أورد موقع “سايت” الأميركي المتخصص في متابعة الحركات الإرهابية على الانترنت، في تعليق نشره التنظيم على صفحات مجلته الالكترونية “دابق”.
ونقل “سايت” عن “دابق” باللغة الفرنسية: “أرسلت فرنسا طائراتها إلى سوريا، لقصف الأطفال والمسنين، واليوم فإنها تشرب من ذات الكأس المرة في باريس”.
ويأتي هذا التعليق بالتزامن، مع حملة نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة للتنظيم التي أطلقت على مجزرة 13 تشرين الثاني ما أسمته “11 ايلول الفرنسي”، وذلك بعد إطلاق هاشتاق باسم “باريس تحترق”.
من جهة أورد التعليق على المجلة الالكترونية: “بعد باريس حان الآن دور روما ولندن وواشنطن”.