Site icon IMLebanon

وقف تمويل الارهاب.. ليس صعباً

ISISFinance
جاسم عجاقة
لا شك أن الإعتداءات الأخيرة في باريس سيكون لها تدعيات على السياسة الخارجية لفرنسا والتي ولأسباب إقتصادية ستقوم بدعم روسيا في سوريا عبر التنسيق العسكري والمخابراتي. ويبقى الردّ الأكثر فعالية هو عبر وقف التمويل للمجموعات المُسلّحة والتي لها القدرة في ضرب العواصم العالمية كما أظهرته التفجيرات الأخيرة.
فوجئ العالم من حجم وتنوّع الإعتداءات التي قام بها مناصرو الدولة الإسلامية في باريس. هذه المفاجأة تأتي من عدد الأماكن التي تمّ الهجوم عليها في آن واحد (8 أماكن) ومن تنوع التنفيذ العسكري بين تفجير وقتل بالرشاشات. والهجوم على المسرح في باريس يُعيد إلينا ذاكرة الهجوم الشيشاني على المسرح في موسكو وهو ما قد يكون نقطة الوصل مع المقاتلين الشيشان، ما يُلزم السلطات الفرنسية بالتعاون مع السلطات الروسية لتحديد هوية المُعتدين.
ويبقى السؤال عن طريقة الرد الفرنسية. هناك ردان يُمكن للسلطات الفرنسية القيام بهما: الأول الداخلي والثاني خارجي. الرد الداخلي سيكون التشدد في شروط الدخول على فرنسا وإعطاء أوراق إقامة، وهذا الأمر سيطال اللاجئين السوريين الذين يُهاجرون إلى أوروبا. أما الرد الخارجي، فسيكون التشدد ضد داعش مع إحتمالات القيام بعمليات عسكرية في سوريا.
وبغض النظر عن هوية المُعتدين، لا بد لفرنسا من الرد عسكرياً حتى لا تخسر هيبتها وتُصبح مسرحاً لعمليات مُتكررة.

كيف لفرنسا أن ترد عسكرياً؟

المعروف أن فرنسا تُشارك في التحالف الغربي ضد داعش في سوريا. وفَشِلَ هذا التحالف حتى الساعة في لجم داعش ومنعه من تحقيق أهدافه. وهذا الأمر يظهر في عدد الغارات الجوية التي قام بها هذا التحالف منذ بدئه وحتى اليوم. لذا إذا كان هناك من رد فرنسي فسيكون على شكل غارات جوية ضمن التحالف الغربي على مواقع لداعش في سوريا. وهنا يُمكن التساؤل عن مدى فعالية هذه الضربات التي لا تعتمد أسلوب المنهجية، والأهم كيف يُمكن القضاء على من أعطى القرار بهذه الهجمات؟
وعلى الرغم من التصريحات الأميركية بدعم فرنسا على كل المُستويات في محاربتها للإرهاب، إلا أنه عملياً سيقتصر هذا التعاون الأميركي الفرنسي على تبادل المعلومات الإستخباراتية، ولن يكون هناك فعلاً من ضربات عسكرية نظراً إلى الإستراتيجية الأميركية التي تهدف إلى الحفاظ على التوازن بين داعش والنظام السوري. أما الشق الثاني من الرد الخارجي الفرنسي، فسيكون مع إسرائيل التي لن تتردّد في عرض المُساعدة على فرنسا لتأمين الغطاء والقيام بضربات جوية “لها علاقة بالتفجيرات في باريس” بحسب ما ستُظهره إسرائيل لفرنسا.
من هنا تظهر أهمية التعاون الروسي الفرنسي والذي سيُشكّل نقلة نوعية ومُغايرة للتعاون الغربي الروسي شبه المعدوم. ونظراً للوضع الاقتصادي المُتردّي لفرنسا ولحجم الإحتياط الفرنسي من العملات الأجنبية (142 مليار دولار أميركي) من المُستبعد أن تقوم فرنسا بعمل عسكري مُمنهج وبالتالي ستضطر إلى التعاون مع روسيا لضرب الإرهاب إن في سوريا والعراق أو في الشيشان إذا ما ثبُت أن للشيشان علاقة بالتفجيرات في باريس.
لذا يظهر مما سبق أن الرد الخارجي الفرنسي سيكون محدوداً وأسبابه إقتصادية بحتة.

محاربة تمويل الإرهاب
لا يُخفى على أحد أن عمل المجموعات المُسلحة مرهون بالتمويل الذي يُعتبر العنصر المادي الأساسي لعمل المجموعات الإرهابية. وإذا كانت القوانين التي تُكافح تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مُنتشرة في معظم دول العالم كما حصل في لبنان البارحة، إلا أن العبرة تبقى في التطبيق ويعمد الممولون إلى إستخدام الجمعيات لتمويل الإرهابيين بشكل كبير حتى في فرنسا التي، ولدواعٍ إقتصادية، تسمح لجمعيات كثيرة بالتواجد على الأرض الفرنسية مع علم السلطات بالتمويل الخارجي لهذه الجمعيات.
ويكفي النظر إلى الموارد التي تملكها الدولة الاسلامية لمعرفة أن وراء هذا التنظيم دولاً تُزوده بالمال وبشكل يفوق أي تنظيم أخر في العالم. وعلى هذا الصعيد، قدّرت صحيفة “لوموند” الفرنسية الموارد المالية لداعش ما بين 1.5 و2.3 مليار دولار سنوياً. وتقول صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، أن موارد داعش تنقسم إلى أقسام عديدة وعلى رأسها:
أولاً: تبرعات وهبات يقوم بها بعض المناصرين الأغنياء من الكويت وقطر والسعودية. ويتمّ تحويل هذه الأموال إلى أشخاص “وكلاء” عبر مصارف إقليمية وعالمية.
ثانياً: مساعدات مالية مقدمة من بعض الحكومات الإقليمية على شكل هبات تّرسل إلى بعض المنظمات الخيرية كما وأسلحة تمر عبر الحدود مباشرة إلى عناصر المنظمة.
ثالثاً: أموال الغنائم التي يُسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في كل مرّة يجتاه منطقة مُعينة (على مثال الـ 425 مليون دولار التي وضعت داعش يدها عليها في البنك المركزي العراقي في الموصل).
رابعاً: أموال بيع النفط من الأبار التي تقع تحت سيطرة داعش في العراق وسوريا وعددها 11 بئراً.
بالطبع هذه الأموال تسمح للتنظيم بالعمل في العراق وسوريا لكن أيضاً في الخارج. والسبيل الوحيد لوقف عمله يمرّ عبر وقف التمويل ومعاقبة المُمولين والذين، وبحسب المرصد الإستراتيجي للدراسات، أصبحوا معروفين بالأسماء من قبل أجهزة المخابرات الأميركية.
بين تفجير برج البراجنة وتفجير باريس، الأساليب نفسها والممولون أنفسهم! فإلى متى سيظل شبح الإرهاب يُسيطر على العالم؟