حاوره رولان خاطر
بعد الأحداث الدامية التي تعرضت لها فرنسا على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، والخريطة الجيوسياسية التي باتت تتحكم بمسار قواعد اللعبة في العالم والشرق الأوسط، لا بدّ من الذهاب إلى بعض المدارس والمفاهيم التي سادت في علم السياسة، أبرزها في هذا الإطار، مسألة “صراع الحضارات” الذي تكلم عنه صاموئيل هانتغتون.
الخبير في القانون الدولي الدكتور انطوان سعد يؤكد أن صراع الحضارات موجود بالأساس، فهناك نظريتان تتحكمان بالواقع اليوم، النظرية الأولى، مفهوم الدولة المدنية وعلى أساسها تستوعب شعوب الدول الأوروبية الديانات الأخرى والشعوب الأخرى على قاعدة القيمة الإنسانية للإنسان واعتباره مواطناً يخضع لقانون هذه الدولة، والنظرية الثانية، وتتمثل بواقع العيش لدى المسلمين، فهناك مسلمون مثقفون يعيشون الانسانية بمفهومها الحديث، ومفهوم الدولة المدنية، وهناك مسلمون يمزجون بين حياتهم اليومية وحياتهم الدينية، ويسود هذا الواقع خصوصاً في حال التعاطي مع بيئة لا تملك الثقافة الكافية.
ويضيف سعد: “هناك قوانين نادرا ما تعتمدها اوروبا، إلا في المجال العملي الاجتماعي الاقتصادي، لا تشكل قيوداً مع الديانات الأخرى، والتي تعرف بـ”التمييز الايجابي”. مثال على ذلك، عندما تفرض اليونان قيودا معينة على غير الأورثوذكس في مجال التملّك، فالهدف يكون لعدم تغيير طبيعة مجتمعها. وعندما تفرض مالطا مثلاً قيودا على غير الكاثوليك خصوصا في مجال اليد العاملة، فهو لحفظ طبيعة اليد العاملة وحمايتها من الغرباء، إضافة إلى لندن التي تفرض قيودا على الملكية، وغيرها من البلدان.
هذه “التمييزات الايجابية” بحسب الدكتور سعد، الهدف منها حماية المجتمعات المتميزة، ومن هنا، المطلوب من الدول الوروبية ان تفرض قيودا تجعل من يلتزم بالدولة المدنية أن ينال الحقوق أسوة بباقي المواطنين، او تعمد إلى اتخاذ تدابير وإجراءات قاسية بحقه في حال لم يحترم قوانينها.
سعد يشرح لـIMLebanon، انعكاسات احداث باريس على الشرق الأوسط، فيقول: “هناك نظريتان، نظرية تقول إن تنظيم “داعش” سيزول وبالتالي سيتم استئصاله من جذوره، أي في سوريا والعراق، ونظرية ثانية، تقول إن “داعش” بات مثل “القاعدة”، التي تنتشر في كل مكان.
وانطلاقاً من هذا الواقع، يرى سعد أن المطلوب اتخاذ تدابير داخلية صارمة وقاسية من قبل كل الدول المعنية بمكافحة الارهاب إن في الشرق الأوسط أو في الغرب، إضافة إلى وجوب إنشاء تحالف دولي لإنهاء مسألة تنظيم “داعش” الذي يكبر كثيراً، خصوصاً أن موارده المالية التي تأتي من كل مكان، إن عبر الخطف أو النفط أو الضرائب أو السطو على ممتلكات الدولة والآثار وغيرها، تسمح له بمدّ شبكة من العلاقات لتنفيذ أعمال إرهابية على مستوى الكرة الأرضية.