غابت عن البقاع الغربي مشاهد قطف الزيتون، وحل مكانها صمت مديد يحكي حجم الكارثة الطبيعية التي ضربت هذا القطاع أواسط الشتاء الماضي، وبقيت تداعياتها حتى اليوم.
ويبدو ان الموسم أدبر منذ موجة الصقيع القاتلة كانون الثاني المنصرم، عندما تدنت الحرارة الى ما دون خمس عشرة درجة تحت الصفر، وهو مستوى قاس جداً لم تقوَ على تحمله شجرة الزيتون، فضربها يباس أتى على اعداد كثيرة منها، وما سلم اعداد قليلة اعادت انتاج أغصانها ووريقاتها، وأثمرت بالقوة بعض الحبيبات.
يقول المزارع علي رحال، ان ما حل بمنطقتنا جاء استثنائيا لم نشهد مثيلا له في التاريخ الحديث، بينما المناطق الاكثر دفئا وتحديدا في الجنوب والمناطق الساحلة ووادي حاصبيا، لم تتأثر اطلاقا الامر الذي يمكن لبنان، هذا العام من تخطي الازمة، اي ان انتاج المناطق الاخرى يلبي حاجة لبنان وان كان الفارق هو ارتفاع سعر صفيحة الزيتون الى مئتي الف ليرة، على عكس مواسم الانتاج الوفيرة حيث تباع ما بين مئة ومئة وخمسين الف ليرة.
ويلفت الى ان الاشجار التي اعادت نتاج نفسها في البقاع الغربي قد تأتي بموسم وفير العام المقبل الا اذا تكررت موجات الصقيع القاسية. وعن حجم خسارته وهو الذي يملك نحو الف شجرة في جبل عربي، قال: «لا يمكن وصف النتيجة سوى بالكارثية، فنحن في عملنا عرضة لاحتمالات شتى، من بينها كساد الموسم، بصراحة الزراعة تشبه الى حد بعيد لعبة القمار».
حال المزارع احمد ينسحب على معظم مزارعي الزيتون في المنطقة، وعلى الاهالي الذين يمتلكون حيازات صغيرة لزوم مونة المنزل من زيت وزيتون، ما يؤشر الى ضرر اقتصادي بالغ اصاب العائلات المعنية بهذا القطاع كمصدر رزق، او كمصدر عيش يقفل زاوية من الاعباء الاقتصادية للمجتمع الريفي.
والخسائر هذا العام لم تقتصر على المزارعين فقط، بل جرفت معها اصحاب معاصر الزيتون، وورش عمال قطافه، اضافة لمؤسسات ومحال متخصصة بتسويقه.
وبدى جلياً تراجع عمل معاصر الزيتون بنسبة 70 في المئة تقريبا، خصوصاً في القرعون وعيتنيت وسحمر والرفيد وغيرها، اذ فضل بعضهم عدم تشغيل آلاته، فيما عمد البعض الى تجميع الانتاج على مدى اسبوع للحصول على جدوى اقتصادية من تشغيل الالات. إذاً، خسائر كبيرة اصابت هذا القطاع في البقاع الغربي، الامر قد يتكرر اذا ما حل الصقيع القاتل مرة اخرى الشتاء الجاري، بيد ان الامل معقود على سنة مطرية واعدة بعيده من موجات الصقيع القاتل.