IMLebanon

شماس: قدرتنا على الصمود تتقلّص

nicolas-chammas-1
رنا سعرتي
لفت رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الى ان التوقعات الايجابية، عقب انعقاد جلسة مجلس النواب، لم تدم 24 ساعة، فتحوّلت من ايجابية على الصعيد الاقتصادي صباح الخميس، الى سلبية على الصعيد السياسي والأمني مساء اليوم نفسه. وأمل في أن ينسحب التوافق حول «تشريع الضرورة» إلى توافق على «تسوية الضرورة» السياسية، «لأنه عبثاً نسعى الى ايجاد الحلول الاقتصادية في معزل عن الجوّ السياسي العام».
وأكد شماس ان القطاع التجاري استبشر خيراً بإلتئام مجلس النواب أواخر الاسبوع الماضي لمجموعة من الاسباب:

أوّلا، انعقاد جلسة تشريعية بعد غياب دام عام، مما أعاد الحدّ الادنى من الحياة المؤسساتية في المجلس النيابي.
– ثانياً، تحقيق الميثاقية من خلال تضامن الاحزاب المسيحية الكبرى وحضور الجلسة التشريعية.
– ثالثا، إقرار رزمة من القوانين المتعلّقة بسمعة وموقع لبنان المالي.

وشرح شماس لـ«الجمهورية»، ان انعكاسات عدم إقرار هذه القوانين كانت ستكون وخيمة على لبنان، أقلّها التشهير بسمعة القطاع المصرفي اللبناني وارتفاع نسبة الفوائد على كل المقترضين بدءا من الدولة، مروراً بالمؤسسات وصولا الى الأسر، بالاضافة الى تخفيض التصنيف الائتماني للبنان، وتوقف التحويلات المالية الخارجية.

واثنى على جهود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في هذا الاطار، لحثّه الطبقة السياسية برمّتها على اقرار هذه القوانين، من خلال تحذيره في شأن خطورتها. واعتبر أن جلسة مجلس النواب كانت بمثابة حجر الزاوية في إعادة بناء البنيان الاقتصادي المرجوّ في السنوات المقبلة.

وفيما أشار شماس الى أن التوقعات تلعب دوراً جوهريّاً في الوضع الاقتصادي، قال ان التوقعات قبل انعقاد الجلسة التشريعية كانت متجّهة نحو السلبية، وعادت الى الايجابية بعد الجلسة، لكنّها اصطدمت بالانفجارين اللذين وقعا في برج البراجنة مساء الخميس، «مما حدّ من الايجابية التي سبق ولمسناها في بورصة بيروت والاسواق المالية».

وبما أن الموضوع المالي والنقدي مرتبط بالوضع الاقتصادي والتجاري، لفت شماس الى ان التجار كانوا يتوقعون أن يؤدي إقرار هذه القوانين الى تعزيز الاستثمار والاستهلاك، عبر إقرار قروض المشاريع الاستثمارية التابعة للبنك الدولي والبنك الاوروبي للتثمير والصناديق العربية والاسلامية.

وأوضح ان هناك 3 محرّكات أساسية للاقتصاد اللبناني، أوّلها الاستثمار في القطاع العام، وهو الامر المتعثر منذ 10 سنوات بسبب غياب الموازنات، «لذلك يشكل إقرار هذه القوانين، المنفذ الوحيد لاعادة تفعيل الاستثمار العام، وبالتالي اعادة تنشيط الدورة الاقتصادية.

أما المحرّك الثاني، فهو اليقين بعدم وجود أي انهيار مالي مقبل على لبنان، بعد إقرار القوانين المالية، مما سيحفز المستثمرين في القطاع الخاص على الاستثمار في القطاعات الانتاجية في لبنان.

المحرّك الثالث، هو الاستهلاك الذي يمثل 80 في المئة من الناتج القائم في لبنان، والذي أدّى تعثّره، الى تراجع نسبة النمو الى صفر في المئة.
وشرح شماس ان تراجع مؤشر غلاء المعيشة بنسبة 4,8% منذ أيلول 2014 حتى ايلول 2015، يشير الى ضعف الطلب الداخلي الذي أدّى الى تراجع الاسعار.

ولفت الى ان التجار كانوا يعوّلون على إعادة تفعيل الاستهلاك، لكنّ انفجاري الاسبوع الماضي، قلبا المعادلة ووجّها التوقعات نحو السلبية.
وقال: نخشى ان يستمرّ التأثير السلبي لهكذا أحداث أمنية، خصوصاً اننا مقبلون على موسم أعياد، ونعوّل على قدوم المغتربين والسياح الى لبنان.
وأكد أن غياب أي حدث أمني عن لبنان لمدّة أسبوعين، يعيد السياح العرب الى لبنان، ولو بأعداد محدودة.

اضاف: لغاية 20 آب الماضي، كان هناك وجود خجول للسائح الخليجي في لبنان، لكنّ أزمة النفايات وما تبعها من تحركات، غيّبت السياح الخليجيين بعد توصيات من بلادهم بعدم زيارة لبنان.

وأمل شماس في هذا السياق، ألاّ تصدر اليوم بيانات مشابهة من الدول الخليجية، إثر الاحداث الامنية الاخيرة. كما أمل من السعودية، أن تصدر بيانا حول لبنان، على غرار ما قامت به في مصر، حيث أوضحت في بيان انها لن توقف رحلاتها الى شرم الشيخ بهدف تشجيع السياحة المصرية.

من جهة اخرى، أوضح ان قدرة القطاع التجاري على الصمود ومناعته الى تقلّص، لأن تحصيل الاموال في السوق بات شبه مستحيل، «ونشهد ظاهرة لم نرها من قبل ناتجة عن نقص السيولة لدى التجار، وقد حوّلت تجار الجملة الى مصارف صغيرة لتجار المفرّق الذين بدورهم باتوا يقرضون الزبائن. مما أدّى الى تعثر السلسلة التجارية بكل حلقاتها».

واشار شماس الى ان هذا الارهاق الذي يصيب القطاع التجاري، دفع مؤسسات تجارية معمّرة الى الإقفال. وشرح «ان الوسط التجاري الذي يُقال انه لا يشمل سوى العلامات التجارية الكبيرة، لم يكن كذلك منذ 10 سنوات، بل ان المحلات والمطاعم كانت تستهدف كل الفئات الاجتماعية، إلا انها أقفلت تدريجيّاً بسبب عدم قدرتها المالية على الصمود».

وتخوّف من ان يُعمَّم هذا النموذج على كل المناطق، من خلال تعثّر المؤسسات الصغيرة وإقفالها، مما قد يخلق مشكلة كبيرة.
في الختام، أمل شماس في ان تكون التفجيرات الأخيرة قد دقّت ناقوس الخطر للسياسيين، وحثّتهم على لملمة الوضع السياسي وعقد تسويات في كل الأزمات والملفات المطروحة.

وحول الاستعدادات لموسم الاعياد المقبلة، أكد شماس ان الوسط التجاري في جهوزية تامّة، «وهناك دائما تنزيلات وحوافز للمستهلكين. وفي حال استمرّت الاوضاع السياسية والامنية على ما هي عليه اليوم، قد نشهد تنزيلات في ذروة موسم الاعياد. وهذه هرتقة تجارية لم نشهدها من قبل».