يلقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كلمة اليوم امام مجلسي البرلمان مجتمعين في قصر فرساي في حدث سياسي استثنائي، وذلك على خلفية الاعتداءات الارهابية التي تبناها تنظيم “الدولة الاسلامية” في باريس. وكان هولاند أعلن ان الأعمال الارهابية في فرنسا تمثل “عملاً حربياً” تقوده “الدولة الاسلامية”.
وفيما أحرزت التحقيقات تقدماً بعدما اعتقل عدد من المشتبه فيهم واستجوبوا، أعلن الرئيس الفرنسي تمديد حال الطوارئ ثلاثة اشهر.
وقرر نشر ثلاثة آلاف جندي إضافي للحفاظ على الامن ومواجهة الارهاب. وقد تتصاعد وتيرة الانتشار الامني مع اقتراب موعد قمة المناخ المقرر عقدها في باريس بين ٣٠ تشرين الثاني و١١ كانون الاول والتي من المقرر ان يشارك فيها أكثر من ٦٠ مسؤولاً دولياً.
وفي التحقيقات، تمكن المحققون حتى الان من تحديد هويات ثلاثة. واعلن مدعي عام باريس فرنسوا مولان، تحديد هويتي انتحاريين فرنسيين آخرين شاركا في الاعتداءات. وقال في بيان إن هذين الشخصين كانا يقيمان في بلجيكا، وان احدهما (20 سنة) هو “منفذ أحد الهجمات الانتحارية التي ارتكبت قرب ستاد دو فرانس”، والآخر (31 سنة) هو من فجر نفسه على بولفار فولتير في شرق باريس.
والانتحاري الفرنسي الاول الذي حددت هويته هو عمر اسماعيل مصطفى (29 سنة)، الوحيد حتى الان الذي كشفت هويته ضمن مجموعة قاعة “باتاكلان”، وهو فرنسي مولود في ضواحي باريس.
وأفادت النيابة العامة البلجيكية ان فرنسيين اثنين اقاما في حي مولنبيك ببروكسيل، هما ضمن الانتحاريين الذين نفذوا اعتداءات باريس.
واوضحت ان سيارتين ، “بولو” و”سيات”، سوداوين استخدمهما المهاجمون وعثر عليهما في باريس او في ضاحيتها القريبة، استؤجرتا مطلع الاسبوع في بلجيكا.
وقالت أثينا إن جواز السفر السوري الذي اعلن العثور عليه قرب جثة احد منفذي اعتداءات باريس يحمل اسم احمد المحمد (25 سنة) وكان قدمه طالب لجوء وصل الى اليونان قبل ان يسلك طريق البلقان.
وأكد القضاء الفرنسي ان هذا الاسم مجهول لدى أجهزة مكافحة الارهاب.
واشار مدعي عام باريس ان ثلاث مجموعات على ما يبدو شاركت في الاعتداءات وقتل سبعة انتحاريين نتيجة تفجير أحزمتهم الناسفة، ثلاثة قرب “ستاد دي فرانس” حيث كان 80 الف شخص يتابعون مباراة ودية في كرة القدم بين فرنسا وألمانيا، وثلاثة في قاعة “باتاكلان” حيث كان ١٥٠٠ شخص يستمعون الى حفلة موسيقية لفرقة أميركية والأخير في أحد المقاهي. ولكن يمكن ان يكون اشخاص آخرون شاركوا في الهجمات. وهو الفريق الثالث الذي تتعقبه القوى الأمنية الفرنسية.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” في بيان أن الولايات المتحدة وفرنسا اتفقتا على خطوات ملموسة لتصعيد الحرب ضد “داعش” وذلك خلال مكالمة بين وزيري الدفاع الأميركي أشتون كارتر والفرنسي جان – إيف لو دريان.
ولاحقاً قالت وزارة الدفاع الفرنسية إن مقاتلات فرنسية شنت أوسع غارات لها في سوريا حتى الان على معقل “داعش” في الرقة. وأضافت في بيان أن “الغارة… التي شاركت فيها 10 مقاتلات نفذتها بشكل متزامن دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن. وألقيت 20 قنبلة”. وأشارت الى أن المهمة جرت مساء أمس بالتنسيق مع القوات الأميركية وأصابت مركزا للقيادة ومركزاً لتجنيد المتشددين ومستودع ذخيرة ومعسكر تدريب للمقاتلين.
وقالت صحيفة “النهار”: “يتطلع الديبلوماسيون الاوروبيون الى التداعيات الامنية والسياسية للجريمة الارهابية التي ضربت فرنسا، على دول المنطقة وفي مقدمها الملف السوري، في ضوء مجموعة عوامل. ابرزها المواقف المتشددة المعروفة للرئيس الفرنسي من الرئيس السوري بشار الاسد واحتمالات بقائه في السلطة، وأزمة اللاجئين السوريين الذين “يغزون” اوروبا.
وفي هذا الاطار، شكل عثور القوى الامنية الفرنسية على جواز سفر سوري في ميدان الجريمة “عنصرا صادما” بالنسبة الى الديبلوماسيين الاوروبيين، من منطلق ان الانتحاريين غالبا ما يكونون مجردين من أي أوراق ثبوتية في عمليات مماثلة. “الصدمة نفسها” تحوط الهتافات التي اطلقت باسم الدين او سوريا خلال العمليات الاجرامية الثماني المنفذة، او في بعضها، الامر الذي يقود الاوروبيين الى الحديث عن اعتداءات “هدفت الى اصابة فرنسا في لحمها”.
في اي حال، ثمة سؤال يطرح بقوة في الاوساط اللبنانية والاوروبية، عن تداعيات العمليات الاجرامية على الجوار الاوروبي عموما والمنطقة العربية تحديدا وذلك انطلاقا من الكلام الاوروبي المتزايد عن تهديد لمنطقة “شنغن”؟ وفي هذا الصدد، تتعدد الخلاصات الاولية للديبلوماسيين، ولو انها تجمع على عنوان اساسي قوامه ان فرنسا والاتحاد الاوروبي هما امام “11 ايلول اوروبي”. ووسط تشديد غربي واضح على مخاطر هذا الواقع وتداعياته، يتزايد الكلام على مجموعة خطوات وتدابير قد تحفل بها المرحلة المقبلة.
وفي المستوى الداخلي، يتحدث الديبلوماسيون عن توجه الى تطبيق “باتريوت اكت” اوروبي لجهة التدابير والتشريعات والملاحقات. ومع صعود الخطاب السياسي المتشدد داخل البلاد، ثمة معطيات عن “وجود 4 آلاف شخص محددين كإرهابيين محتملين” على الاراضي الفرنسية، ما يعني دائما، وبحسب الديبلوماسية الاوروبية، الشروع في تدابير اكثر صرامة تتناول المقيمين والوافدين.
اما على المستوى الخارجي، فتزداد المؤشرات لاحتمال انخراط فرنسي واوروبي اكبر في سوريا، يتعدى الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي ضد “داعش”، في اتجاه اعمال عسكرية اكثر تنظيما.