Site icon IMLebanon

رحلة انتحاريي البرج من الحدود إلى فنجان القهوة

 

 

ماذا عن تفاصيل رواية التفجير المزدوج الذي استهدف برج البراجنة؟ وكيف توزعت أدوار المتورطين فيه؟

عند الثالثة والنصف فجر الخميس الماضي لاحقت دورية أمنية في طرابلس شابا (ابراهيم الجمل) كان يقود دراجة نارية، بطريقة تثير الشبهة، فلما حاولت الدورية توقيفه شهر مسدسه في اتجاه عناصرها، الذين لاحظوا سلكا يمتد من تحت كمّ قميصه، فسارعوا إلى الانقضاض عليه وتوقيفه، علما أنه حاول في تلك اللحظة تشغيل حلقة الحزام الناسف لتفجيره، إلا أنه لم يتمكن من ذلك. (ظهر لاحقا التطابق بين هذا الحزام وبين الاحزمة التي استخدمت في تفجير البرج).

بعد وقوع العملية الإرهابية في برج البراجنة، تَسارَعَ إيقاع التحقيق مع الجمل، فيما كانت القوى الأمنية (فرع المعلومات والأمن العام) تلاحق الخيوط الأولى التي تم تجميعها، لتتكشف سريعا المجموعة الإرهابية، من مخططين ومنسقين ومسهلين ومنفذين، بالاستناد إلى المعلومات وتحليل «داتا» الاتصالات والصور المأخوذة من المتجر الذي اشترى منه هاتفه الخلوي.

ويمكن القول إن المجموعة الإرهابية تحركت عبر ثلاث محطات هي: جرود عرسال حيث الإدارة، طرابلس حيث التجهيز، وبرج البراجنة حيث التنفيذ.

وفي المعلومات، أن المُخَطِّط هو أحد أمراء «داعش» في جرود عرسال (س. ش.) الذي يتلقى أوامره مباشرة من «أبي البراء» الذي هو على صلة مباشرة بأحد القياديين البارزين في «داعش» والمدعو «أبو ايوب» العراقي المصنف بأنه جزء من الحلقة الضيقة القريبة من أبي بكر البغدادي.

وأظهرت التحقيقات أن المحرّك والمهرّب اللبناني إبراهيم ر. أدى دورا كبيرا على صعيد التجهيز والنقل، الأمر الذي تطلب منه زيارة مدينة طرابلس قرابة خمس مرات، تولى خلالها تنفيذ المهمات الآتية: في المرة الاولى نقل 1500 صاعق، في المرة الثانية نقل 250 صاعقا، في المرة الثالثة نقل كميات من المتفجرات، وفي المرة الرابعة نقل الانتحاري الاول واسمه «عامر» من عرسال إلى طرابلس، ثم سلمه إلى أحد عناصر «داعش» في نقطة قريبة من بيروت.

أما الانتحاري الآخر فقد انتقل من الرقة إلى تركيا ومنها إلى مطار بيروت ثم عرسال حيث استلمه إبراهيم ر. الذي نقله إلى شقة الأشرفية.

وفي 10 تشرين الثاني، استلم إبراهيم ر. حقيبتَين من طرابلس، واحدة مموهة فارغة، وثانية تحوي الاحزمة والمتفجرات التي جرى تجهيزها، وقد تولى تسليمها إلى الانتحاريَّين اللذين كانا يقيمان في أحدى الشقق في الأشرفية، بالتنسيق مع شخصَين، يملك أحدهما منزلا في مخيم برج البراجنة.

وتولى شخص من آل (د.) تحضير شقة الأشرفية للانتحاريَّين، كما نقلهما إلى مطعم الساحة، على طريق المطار، مساء يوم الجريمة الإرهابية، حيث شربا القهوة ثم أقفلا هاتفَيهما الخلوي واصبحا خارج السمع، إلى أن نفذا التفجير المزدوج.

وعمد (د.) إلى استطلاع مكان التفجير المزدوج، كونه مقيما في مخيم البرج، مع الإشارة إلى أن حوالة مالية وصلته من شخص مقيم في حمانا، أُلقي القبض عليه إلى جانب ثلاثة سوريين.

وبينما أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ «السفير» أن هناك حربا إرهابية حقيقية ومفتوحة تُخاض على لبنان وتستوجب التعامل معها بأعلى قدر ممكن من المسؤولية والجهوزية، كشف المشنوق في مؤتمر صحافي أمس عن أن عملية برج البراجنة كانت تستهدف مستشفى الرسول الأعظم، لكن الإجراءات الأمنية المحيطة به جعلت الإرهابيين يغيرون الخطة.

وأوضح أن الشبكة الإرهابية التي كشفها «المعلومات» تتألف من 7 سوريين موقوفين ولبنانيَّين اثنين، لافتا الانتباه إلى أن من بينهم خمسة انتحاريين (انتحاريا البرج، وانتحاري جبل محسن الذي أوقف في طرابلس، وانتحاريان لم يدخلا الأراضي اللبنانية) ولكنّ اعتقال «المعلومات» الانتحاري إبراهيم الجمل (21 سنة) في طرابلس، وعدم قدرة انتحاريَّين آخرين على الوصول إلى لبنان، عطّلا المخّطط.

كما كشف عن أن الجيش اللبناني ضبط 10 سيارات ودراجات نارية مفخّخة في منطقة عرسال.

ووفق بيان صادر عن المديرية العامة للأمن العام، تمكن الأمن العام من توقيف كل من اللبناني إبراهيم احمد رايد، والسوري مصطفى أحمد الجرف المتورطَين في التفجير الانتحاري المزدوج في برج البراجنة.

واعترف رايد بمشاركته مع آخرين في التخطيط للعملية الإرهابية، حيث قام بنقل أحد الانتحاريين من الأراضي السورية إلى شمال لبنان ومن ثم إلى منطقة بيروت، وتسليمه المتفجرات التي جرى نقل كميات منها إلى داخل لبنان إضافة إلى صواعق وأسلحة فردية، وكان يتلقى أوامره وتعليماته مباشرة من أحد أمراء تنظيم «داعش» الامنيين في الداخل السوري المدعو «س.ش.»، ويدير شبكته الإرهابية الموزعة في طرابلس والأشرفية وبرج البراجنة.

واعترف الثاني بإقدامه على تحويل أموال لمصلحة أعضاء الشبكة المشار إليها، وضُبط بحوزته كمية كبيرة من الأموال.

وبينما أُحيل الموقوفان مع المضبوطات إلى النيابة العامة العسكرية، لا تزال الأجهزة المعنية في الأمن العام تلاحق باقي أفراد الشبكة الإرهابية لتوقيفهم.