Site icon IMLebanon

الرهان الإقليمي “أوهام”…وأزمة الرئاسة طويلة

Baabda-résidence

 

كتب نبيل هيثم في صحيفة “السفير”:

التمايز عن سائر القوى السياسية، بما فيها الحلفاء.. صار صفة كتائبية. اسقطها «حزب الكتائب» على نفسه منذ سنوات، منتهجًا مقاربة خاصة لكلّ الملفات، توحي بفك ارتباط مع حلفائه المفترضين في «14 آذار» على قاعدة: «لنا رؤيتنا ، لنا موقفنا.. لنا شخصيتنا.. لسنا اتباعا».

هذا التمايز الذي انتقل من الأب الى الابن، والذي فرضته الرغبة في مغادرة «الصف الثاني» والحنين لاستعادة دور «الصف الاول» على ما كان عليه الحال في السبعينيات، عاد وظهر على باب جلسة «تشريع الضرورة» في مجلس النواب. فقد تمايز «الكتائب» عن الجميع، حلفاء وخصوما، بوصف الجلسة لا دستورية ولا قانونية، نظرا لعدم صلاحية مجلس النواب بالتشريع في غياب رئيس الجمهورية صاحب الحق الحصري برد القوانين. هنا يبرز السؤال عن الصلاحيات الرئاسية التي انيطت بمجلس الوزراء نظرا لشغور موقع رئيس الجمهورية، فهل انيطت كلها بمجلس الوزراء ام استثنيت منها صلاحية رد القوانين؟

التشريع، بحسب المنطق الكتائبي، سواء كان للضرورة او غير الضرورة، «يشكل نسفا للقانون والدستور، وانقلابا على القواعد الدستورية. ودرءا لهذا الخطر الدستوري يوجب التقيد بالدستور».

ومن هنا تأتي المجاهرة المتكررة لرئيس الحزب سامي الجميل بالاجتهاد الكتائبي الذي يقول إن الدستور يمنع التشريع في غياب رئيس الجمهورية، وان المجلس منذ شغور الرئاسة الاولى اصبح هيئة ناخبة.

هذا الامر يخالفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي اكد ان للمجلس الحق في التشريع. وثمة قانونيون يؤكدون على موقف بري، لناحية عدم وجود قيود تمنع مجلس النواب من ممارسة حقه التشريعي في اي وقت.

وفي رأي هؤلاء ان القول الكتائبي بأن المجلس تحول الى هيئة ناخبة منذ الشغور، ليس مقنعا، ولو عدنا الى نص المادة 75 من الدستور نرى ان حالة تحوّل المجلس الى هيئة ناخبة، محصور تطبيقها في الجلسة المعقودة لغاية الانتخاب.

رغم ذلك، فإن الاجتهاد الكتائبي يصر على ان المجلس هيئة ناخبة، «وتم عقده على وقع التهويل الاقتصادي والترهيب بأن لبنان سيصبح على شفير السقوط والافلاس ان لم يقر مجلس النواب مجموعة من القوانين والقروض، علما ان من شأن هذه القروض ان تزيد اعباء الدين اكثر، ولا تساهم بأي شكل من الاشكال في النمو الاقتصادي الموعود، ولننتظر ونرَ النتائج بعد فترة، عندها سيعلو الصراخ من جهة، وسيصمت كل من روجوا لهذه القوانين وتباكوا على الوضع الاقتصادي، بشكل مارسوا فيه غشا وخداعا موصوفين للناس».

في اي حال، وبحسب المنطق الكتائبي، فإن كل ذلك الاهتراء السياسي، ناجم عن فشل النظام السياسي، وبالتالي لم يعد هناك مفر من ضرورة تطويره، فمما لا شك فيه ان هناك فجوات وثغرات كثيرة تعتري الطائف، بات من الضروري والملح تطويرها، تحت سقف الطائف والدستور، ومن خلال المؤسسات.

وفي الوجه الآخر للتمايز، فكما قاطع «حزب الكتائب» جلسة المجلس النيابي، فهو ماض في مقاطعته طاولة الحوار الوطني. في محاولة للضغط على الاطراف لكي يعالجوا ازمة النفايات. هنا يحاول «حزب الكتائب» ان يطلق صرخة، لمجرد الصراخ، إذ انه مدرك تمام الادراك ان هذه الصرخة لن تكون مسموعة، خاصة وانه عارف بامكانيات الاطراف كلها وبعجزها عن التصدي لهذه الأزمة المستعصية، كما انه عارف بالامكانيات المتواضعة للحكومة، التي هو جزء منها وشريك فيها بثلاثة وزراء. فلماذا يحصر ضغطه بمقاطعة الحوار، ولا يشمل هذا الضغط الحكومة فيقاطعها، وربما اكثر؟

ثمة مهمة محددة للحكومة، بحسب المنطق الكتائبي، وهي ان تؤمّن حصول انتخابات رئاسية ونيابية، لان الاولوية في هذه المرحلة يجب ان تكون لإعادة إنبثاق السلطة، في ظل الشلل المؤسساتي المتمادي الذي يسمح بتفشي الفساد وحصول تلزيمات بعشرات ملايين الدولارات من دون ان تخضع الى الرقابة.

لكن ما يتمناه هذا المنطق، يصطدم بحقيقة تشاؤمية لا تشي بامكان انتخاب رئيس للجمهورية في القريب العاجل. واما السبب، فلا يراه خارجيا، بل مرده الى توهّم فريقي «8 و14 آذار»، بأن الرهان الاقليمي لكليهما سيفوز وسيسمح له باختيار الرئيس. ما يعني ان الازمة طويلة، والانتظار اطول.

ولكن اين موقع «الكتائب» في هذا الاصطفاف؟ «الكتائب» ليس جزءا من اي محور اقليمي أو دولي، خلافا لكل الاطراف السياسيين الذين يشكلون امتدادا للخارج العربي والاسلامي والدولي.