كتب جورج سولاج ي صحيفة “الجمهورية”:
هجوم الضاحية الإرهابي لم يكن الأول ولن يكون الأخير، وهجوم باريس الإرهابي ليس الأول ولن يكون الأخير.
في بيروت لم ترَ الحكومة ضرورة للإجتماع، أما في باريس، فأقام رئيسها وحكومتها الدنيا ولم يقعدوها، وواصلوا الليل بالنهار، ولم يتركوا قراراً إلّا واتخذوه.
في بيروت، لولا الجيش والمخابرات والأمن العام وقوى الأمن، لانهار البلد تحت وطأة العمليات الإنتحارية والإرهابية، في ظل العجز المتمادي للسلطة والقوى السياسية المنقسمة، بين مرتهِن ومراهِن، على النزاع الإقليمي الدموي.
أجهزة الأمن اللبنانية كانت تملك معطيات ملموسة عن قرار «داعش» بتنفيذ ضربات كبيرة في لبنان. وتمكنت من إحباط كثير من العمليات وكشف شبكات وتفكيك خلايا ومطاردة إرهابيين، لكنها حرب مفتوحة فيها الكثير من الكرّ والفرّ. ويستحيل إستباق كل الخروق الأمنية مئة في المئة.
وكذلك الأجهزة الأمنية الفرنسية، كانت ترصد وتتوقع هجوماً إرهابياً لأسباب عدة أبرزها:
1- إحباط 7 محاولات إرهابية في بريطانيا منذ حزيران الماضي.
2- توقيف إرهابي على متن قطار كان متجهاً من بروكسل الى باريس قبل أن يفتح النار على المسافرين في آب الماضي.
3- قصف الطيران الفرنسي مصفاة نفط رئيسية تستفيد منها «داعش» في سوريا، ما يؤثّر في مصادر تمويلها.
4- وجود مواطنين فرنسيين وأوروبيين يقاتلون مع تنظيم داعش في العراق وسوريا.
5- تدفّق النازحين واللاجئين الى أوروبا وإمكان دسّ «داعش» إرهابيين بينهم لتنفيذ عمليات لاحقاً.
6- لم يمر وقت طويل على عملية «شارلي إيبدو» والسوبرماركت في فرنسا هذا العام.
أما كيف لم تستطع الأجهزة رصد اتصالاتهم وتعقّب حركة الإرهابيين قبل الهجوم، فالسبب أن «داعش» تستخدم أنظمة مشفّرة للتواصل بين أعضائها لا يمكن حتى لأجهزة المخابرات إعتراضها، ويتركز العمل الآن مع شركات خدمات الإتصالات والتطبيقات الرقمية على معالجة هذه الثغرة.
في بيروت، لن تكون هناك قرارات كبيرة على مستوى الحرب المفتوحة مع الإرهاب نتيجة مجزرة برج البراجنة، لكن المسألة على الصعيد الفرنسي ستكون مختلفة:
- ستعمّق فرنسا مشاركتها العسكرية في محاربة «داعش».
- ستفتح فرنسا أبواب الجحيم على مواقع «داعش» وقياداتها في سوريا بعد 5 أيام، وهو موعد وصول حاملة طائراتها شارل ديغول الى الخليج.
- ستتأثر حركة الهجرة ليس على صعيد فرنسا فحسب، وإنما الى ألمانيا والسويد وغيرها في أوروبا.
تُجمع معلومات المخابرات الغربية على أن هناك خطراً متواصلاً لتنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا، على غرار تفجيرات مدريد عام 2014 حيث قُتل 190 شخصاً وجرح 1800.
إنها حرب طويلة، غير أنه لن يكون لها تغييرات استراتيجية في مواقف الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المدى المنظور.