اشارت مصادر مطلعة على اجتماع الوزير أكرم شهيب وأعضاء اللجنة الإدارية في السراي الكبير لصحيفة “الجمهورية” الى ان اللجنة التي تضمّ الموظفين الكبار من ممثلي وزارتي البيئة والمال، ومن إدارة الجمارك ومجلس الإنماء والإعمار ومديرية النقل البحري وقانونيين في مجالات عدّة، ستبحث في أبرز العروض التي تسلّمَتها الوزارة بعدما بات ما هو مطروح محصوراً فقط بعملية الترحيل مهما قيل عن مبادرات قد تحيي البحث في المطامر في ضوء المتغيّرات السياسية والأجواء الإيجابية التي ظلّلت المواقفَ أخيراً.
وأضافت المصادر أنّ الحديث عن المطامر لا داعي له في هذه المرحلة، ولا فائدة منه بعدما عبَرت البلاد اليوم الأول من الشهر الخامس على المأساة البيئية التي تسَبَّبت بها طريقة تعاطي بعض السياسيين مع هذا الملف وأدّت الى تطييف النفايات ومذهبَتها، ما أفرزَ مجتمعاً يتحدّى فيه المواطنون القرارات الحكومية، وبعدما أثبَت السياسيون عجزاً مطلقاً لدى جمهورهم في مرحلة انتهى فيها البحث بما هو علمي ومنطقي لمصلحة مَن استفادوا لعقود من مليارات هي عائدات النفايات وتسبّبَت بوجود مجتمع كامل يتحدّث عن روائحهم الكريهة.
وذكرَت المصادر أنّ أبرز العقود المطروحة على الحكومة اللبنانية وأقلّها كلفةً ستُرَتّب على لبنان صرفَ مبلغ نصف مليار دولار، هو الكلفة المقدّرة لتصدير النفايات للأشهر الـ 18 المقبلة، وهو أمرٌ يقود الى بتّ هذه الكلفة الكبيرة التي ستفاجئ اللبنانيين في المرحلة المقبلة.
وبناءً على ما تَقدّم كشفَت المصادر أنّ الرئيس تمام سلام سيدعو بعد اجتماع اليوم مجلسَ الوزراء الى جلسة تُعقد قبل نهاية الاسبوع.
توازيًا، ذكرت “الأخبار”، أن رئاسة الحكومة أجرت مشاورات موسعة شملت الحكومة المصرية والتركية. وقد أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلام أن لا إمكانية لترحيل النفايات إلى بلاده، مبدياً استعداده لتقديم معونة فنية وهبات عينية مثل الشاحنات، لكن خيار الترحيل إلى تركيا ليس وارداً. في المقابل، نشطت حركة الشركات التي قدمت عروضاً جدية لترحيل النفايات إلى الخارج، سواء إلى سوريا، حيث يواجه هذا الخيار عقبة سياسية تتمثل بتقديم الحكومة طلباً رسمياً إلى السلطات السورية بهذا الشأن، أو إلى غيرها من الدول، وتحديداً قبرص التركية وأوكرانيا ولاتفيا.
وفيما ترددت معلومات عن أن وفداً رسمياً يضم وزير البيئة الأوكراني سيزور لبنان قريباً لبحث خيار التصدير، علمت “الأخبار” من مصادر مطلعة أن الخيار الأكثر جدية تقدمت به شركة مسجلة في بريطانيا طرحت ترحيل النفايات إلى إحدى الدول الأفريقية.
وقد خاضت رئاسة الحكومة مفاوضات مطوّلة مع ممثلين عن الشركة انتهت بإعداد مسودة عقد للتوقيع يشمل كافة تفاصيل العملية، بما فيها الكلفة والمهلة الزمنية والكمية، والبنود الجزائية والمحكمة المختصة بالتحكيم في حال حدوث نزاع، إضافة إلى ضمانات قانونية وعقوبات جزائية في حال مخالفة الشركة شروط العقد. وبحسب المعلومات، لا تزال الحكومة تشترط أن تؤمن الشركة موافقة البلد الذي سيستقبل النفايات، فيما ردّت الشركة بعدم إمكان ذلك قبل توقيع العقد. وخلصت المفاوضات إلى تعهد رئاسة مجلس الوزراء بالموافقة المبدئية على توقيع العقد بما يسمح للشركة بإقناع الحكومة التي ستستقبل النفايات بأن تصدر قراراً بإجازة الاستيراد. لكن هذا الإجراء لم يحصل حتى اليوم، رغم مرور أكثر من أسبوع على الاتفاق عليه.
وتضيف المصادر أن سلام بات مقتنعاً بجدوى هذا الخيار رغم كلفته العالية، لإزالة النفايات المتراكمة منذ 17 تموز الماضي وتأمين مرحلة زمنية تقدر بعام ونصف عام للتخلص من النفايات ريثما تتسلم البلديات هذا الملف.
وتحتاج هذه الصفقة إلى جلسة لمجلس الوزراء، لأن هذا العقد بالتراضي، ويلزمه عقد نفقة بما لا يقل عن 300 مليون دولار، كذلك إن بند التحكيم الوارد في العقد يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء. علماً بأن الشركة تشترط أن تحدد الحكومة مدة العقد، وأن سعر الطن سيرتفع في حال خفض مدة العقدة وكمية النفايات التي سيجري تصديرها. علماً بأن الكلفة لن تقل عن 150 دولاراً للطن، يضاف إليه نحو 80 دولاراً تشمل أكلاف الكنس والجمع والنقل إلى مراكز الفرز والكبس والعصر والتغليف، أي إن سعر الطن الإجمالي لن يقل عن 230 دولاراً على أقل تقدير، ما يعني وصول القيمة الإجمالية لكلفة هذا الملف خلال عام ونصف عام إلى نحو نصف مليار دولار!