Site icon IMLebanon

مراكز “الميكانيك”.. الأزمة تتخطى عقبة المناقصات

InspectionCenter
سلام طرابلسي
تسارع الحكومة اللبنانية الى محاولة حل أي أزمة عبر معالجة نتائجها لا أسبابها. وتدخل أزمة تلزيم تشغيل مراكز معاينة السيارات “الميكانيك” ضمن هذا الاطار. فالأزمة التي تدور اليوم حول مناقصات التلزيم والشركة التي ستتولى ادارة وتشغيل المراكز خلفاً لشركة “سعودي فال” لا تقف عند حدود هوية الشركة الجديدة، والتي قد تكون الشركة الحالية نفسها، والتي تستلم المراكز الموزعة على 4 مناطق، هي الحدت والزهراني وطرابلس وزحلة، منذ العام 2002، وهو ما يعدّ احتكاراً قد يتم تجديده.

بعيداً من إرجاء موعد المناقصات الى 18 كانون الثاني المقبل، بدلاً من 26 الجاري كما كان مقرراً، لا يرى المواطنون المعنيون مباشرة بمراكز المعاينة، أي أمل بتخفيف معاناتهم مع تغيير الإدارة. لأن المشكلة ليست في الإدارة فقط، بل بغياب التطوير التقني للمراكز، وحصر انجاز المعاينة بـ4 مراكز فقط. فأزمة تطوير وتشغيل محطات المعاينة والكشف الميكانيكي على المركبات والآليات، وأعمال تصميم وتجهيز محطات جديدة، هي اللغز الأساسي الذي ستُحل بعده أزمة “الميكانيك”. وفي السياق نفسه، تبرز معضلة ملكية المراكز بعد الإنشاء والتشغيل، اذ ان الملكية مازالت “ضائعة” بين ابقائها ضمن القطاع الخاص بإشراف الدولة، وبين تحويلها الى الدولة كلياً في وقت لاحق.

محاولات الإصلاح، أو التلويح بها على الأقل في هذه الفترة، لا تقنع المواطنين. إذ يرى يحيى الخضر صاحب متجر للتحف القديمة، والذي يعاني الأمرين خلال اجراء “المعاينة” لسيارته، ان “المكان الموجود فيه مركز الميكانيك (الحدت) غير ملائم، لأن الوصول إليه يحتاج الى وقت طويل بسبب إزدحام السير، وعند الوصول يتلقفك أشخاص يعرضون خدماتهم ويشكلون إزعاجا للمواطنين”، وهؤلاء الأشخاص، هم “السماسرة” الذين ينتشرون في المركز. والمطلوب بحسب الخضر، “عدم عرقلة مرور السيارات، واقفال الباب أمام السماسرة، إضافة الى خفض رسم المعاينة وتسهيل أمور الناس عبر اعتماد الحجز الالكتروني وفق أوقات محددة”. اما المناقصة، “فلن تغيّر في الواقع الحالي إذا اعتمدت طريقة العمل نفسها”.
يوافق محمد حنبلي الذي يعمل مسؤولاً في إحدى شركات الأمن الخاصة، على ما يقوله الخضر، إذ يتشاركان المشاكل نفسها التي تواجههم في مراكز المعاينة. ويطالب حنبلي بـ “إيجاد مكان مناسب أكثر لاجراء المعاينة الميكانيكية وتوسيعه تخفيفا للإزدحام، وأن يكون هناك إتقان أكبر للعمل” فضلاً عن “وقف السمسرات والرشى”.
مشكلة المواطنين ليست بمن يُلزّم هذا القطاع، وليست في آلية إعادته الى الدولة أو بقائه بعهدة القطاع الخاص، طالما ان الخدمة المقصودة مؤمنة على أكمل وجه. علماً ان حصر التشغيل بشركة واحدة، يمنع وجود المنافسة التي تفترض خلق فرص وإنجازات أكبر.

والى جانب المواطنين، فإن أصوات “الداخل” تتفق على أن تغييراً جذرياً يجب ان يحصل في مراكز المعاينة، قبل الغرق في متاهة التلزيم. فمركز الحدت على سبيل المثال، “يستقبل ما بين 4000 الى 5000 سيارة في الشهرين الأخيرين من العام، في حين ان قدرته الفعلية، وفي حال حضور كل الموظفين في وقت واحد، هي 3000 سيارة”، وفق ما يقوله أحد الموظفين في المركز لـ “المدن”. عدد السيارات الوافدة الى المركز، يجعل عدد الموظفين الحاليين غير كافٍ، فبحسب ما يقوله الموظف لـ “المدن”، فإن المركز “يشغّل 370 موظفاً، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد السيارات التي تتوزع على 12 خطا من أصل 21 خطاً للفحص”.
الحال التقنية للمركز تجعل الموظف يعاني تماماً كما المواطن “الذي لا يعلم أن الموظف مغلوب على أمره”، وأحياناً يبدأ المواطن بإلقاء اللوم على الموظف، نتيجة البطء في العمل. الا ان البطء سببه أزمة المراكز ككل. ويرى الموظف ان بداية الحل تكمن في “توزيع مواعيد معاينة السيارات خلال العام”. وفي مسألة العمال، يلفت الموظف النظر الى ان العمال لم يطّلعوا “على دفتر الشروط، ولا تأكيدات بشأن تضمين المناقصة الجديدة للمادة 60 من شروط المناقصة، والمتعلقة بإبقاء الموظفين في حال تلزيم إدارة جديدة، لكن المعلومات تفيد بأن هناك محاولة لشطبها بذرائع مختلفة. وفي حال لم تتضمنها المناقصة، سيكون للموظفين خطة تحرك تشمل اعتصامات وتحركات وإضرابات على كل الصعد، بين وزارة العمل ومجلس العمل التحكيمي، لأن عائلات نحو 400 موظف بين إداريين وموظفين على الارض تستفيد من تلك المؤسسة، ومن يخسر عمله من الصعب إيجاد البديل، حيث أن العامل لا يكسب تطوراً مهنياً في هذا القطاع”.
يقبع المواطن والموظف في مراكز المعاينة، أسير تحاصصات التلزيم التي يتقنها أهل السياسة، والتي تجعل من تلزيم القطاعات التي تؤدي خدمات عامة، وكالات حصرية لا تراعي شرط الخدمة العامة وشرط تطوير المرافق الحيوية. وهذا النهج، أفقد المواطن ثقته بالدولة وبكل القطاعات التي تؤمن خدمة عامة، طالما ان إدارتها التزمت العمل بموجب محاصصات ومنافع. وبالتالي، فالعمل في تلك المراكز سيخضع للمحاصصات والمنافع.