IMLebanon

“تزخيم” فرنسي ـ فاتيكاني لجهود انتخاب رئيس

 

Baabda-résidence

 

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:

هل يمكن أن تتسلل تسوية ما الى الحياة السياسية اللبنانية في غفلة من كل التطورات المحيطة بنا؟ هل يفرض لبنان نفسه كمدخل لحل أزمات كثيرة في المنطقة عوض أن يكون نقطة أخيرة مؤجلة على جدول الأزمات المتوالدة؟ هل يمكن لأوروبا، وتحديداً فرنسا المفجوعة والمصدومة، أن تذهب «أبعد من موسكو وواشنطن» وتسهم في الدفع باتجاه إنضاج تسوية؟

للتساؤل ما يبرره، ليس فقط من مناخات التهدئة الداخلية وإطلاق المبادرات وتلقفها، إنما من أجواء يتم تداولها، في أطر ضيقة، حول فرصة يتم العمل على إنجاحها.

حين أطلق الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله دعوته الى تسوية شاملة، أرفقها بشرح واضح لا يحتمل الاجتهاد. هي «تسوية بهذا الدستور، بهذا النظام، بهذا الطائف، بالآليات الدستورية المعتمدة». وجّه رسالة طمأنة مباشرة الى «تيار المستقبل» الذي ردّ بإيجابية عبر الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة. وتوالت الردود والمواقف التي توحي بإمكانية البناء عليها، وصولاً الى ما رشح من أجواء إيجابية عن الحوار.

«الحزب التقدمي الاشتراكي» لا يحتاج الى كثير طمأنة. فرئيسه النائب وليد جنبلاط يريد التسوية البارحة قبل اليوم، واليوم قبل الغد، ولو بتنازلات مؤلمة. «ففي اللعبة الداخلية لا يهم من يربح جولة او يخسرها. في المحصلة، لا أحد يمكنه أن يُخرج لاعباً من اللعبة. أما لعبة الأمم فإنها قد تطيح رؤوساً وجماعات ودولاً»، وفق ما يقول مصدر في الحزب. يضيف «من الضروري أن نستغل كل بارقة امل لنسعى الى إنجاز تسوية وتجنيب البلاد الغرق اكثر في مستنقع الصراعات».

في المقلب المسيحي، فإن التسوية بالنسبة الى «القوات اللبنانية» و «حزب الكتائب» تعني، وفق مصادرهما، «انتخاب رئيس جمهورية أولاً من دون وضع شروط وعراقيل». تلاقيهما بكركي وتتقدم عليهما لجهة اعتبار «انتخاب الرئيس أولوية غير قابلة للنقاش. أما بعد الانتخاب فكل شيء يمكن أن يُطرح على طاولة البحث»، وفق مصدر كنسي مسؤول. وهو يؤكد رداً على سؤال «نحن لسنا ضد أي تسوية شرط أن تحترم القوانين اللبنانية وتكون مدخلاً الى انتخاب رئيس تستقيم معه الحياة الدستورية والقانونية في البلد».

أما «التيار الوطني الحر» المتمسك حتى اليوم بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فلا يتوانى بدوره عن القبول بالتسوية «التي لم يتبلور منها شيء بعد»، بحسب أحد مسؤوليه. معادلته في هذا الموضوع بسيطة: «إذا تم التوافق على العماد عون رئيساً يمكن البحث لاحقاً في موضوع قانون الانتخاب والحكومة. وإلا فالتسوية المطلوبة يُفترض ان تبدأ بقانون الانتخاب بشكل اساسي ليكون ضمانة لانتخاب رئيس له حيثيته وحضوره. اما الحكومة فالاتفاق عليها وارد في كل حين».

صحيح ان نار التسوية التي سارت بسرعة في هشيم الحياة السياسية المعطلّة عبّرت عن رغبة ضمنية لدى جميع الأطراف للخروج من مآزقهم المتنوعة، الا انها بقيت محصورة في إطارها الكلامي. لكن همساً يدور في حلقات ضيقة عن رغبة خارجية، تحديداً فرنسية بتشجيع فاتيكاني، للدفع لانتخاب رئيس. وبحسب مصادر مطلعة فإن «الفاجعة التي حلت بفرنسا لن تلجمها عن القيام بدور تفترضه ضرورياً لحضورها وتأكيد سياستها في المنطقة. والكلام عن تسوية كانت تُنسج خيوطها بين الفاتيكان وفرنسا سبقت الاعتداءات على باريس. وهي ستسعيد بعضاً من زخمها في الفترة الوجيزة المقبلة. ويمكن في هذه الأثناء أن يكون اللبنانيون سبّاقون الى تمهيد الارضية للحل. فانتظار انتهاء حروب المنطقة وصراعاتها سيطول، وارتداداتها على لبنان ستكون اكثر حدّة في حال تواصل الانقسام القائم».

تضيف المصادر «كل الاطراف السياسية بحاجة الى أن تعود الى حاضنتها الوطنية. من المستقبل وحزب الله الى التيار الوطني الحر والقوات والكتائب والمردة والتقدمي الاشتراكي وغيرهم. الازمات كبيرة، سواء على مستوى الوطن او المنطقة أو حتى داخل كل حزب وطائفة. فإما الاستفادة من المناخ الإيجابي الذي بدأ يتعمم وترجمته أفعالاً، وإما الدخول في طريق مجهولة المصير».