بلغ الحديث عن الشركات الناشئة ذروته هذه الأيام، سيما في وادي السيليكون، إذ يتركز الاهتمام على هذا النوع من الشركات بدليل الحملات التمويلية. وبينما تدعم التغطية الإعلامية للشركات الناشئة الرياديين الشباب وعلاماتهم التجارية الشهيرة، تنتشر الشركات الناشئة الرقمية والمختصة بتطبيقات الأجهزة النقالة الجديدة والخدمات، بوتيرة سريعة.
لكن تخيب الآمال عند النظر إلى بعض البيانات، فوفقاً لتحليل البروفيسور جوش ليرنر من “كلية هارفارد للأعمال”، هناك 90% من الشركات الناشئة تنتهي إلى الفشل، حتى قبل الحصول على تمويلها الأول”. مع ذلك، فإن المدن الكبرى في العالم تمتلئ برياديين شباب ممن يدخلون عالم الشركات الناشئة بآمال كبيرة.
وقد بدأت المدن الآسيوية بتشكيل نظم شركات ناشئة خاصة بها، فكل من سنغافورة وهونغ كونغ وبنغالور تنشط فيها مجموعات ضخمة من الرياديين، أنشأ عدد منهم علامات تجارية ناجحة على المستوى العالمي. مع ذلك، يفضل العديد من خريجي الجامعات الشباب في المنطقة العمل لدى الشركات الكبرى، لأنهم يرون أن الحياة في ظل الشركات الناشئة محفوفة بالمخاطر، فضلاً عن انخفاض معدل الأجور فيها. وفي أماكن مثل هونغ كونغ، فإن ضرورات زيادة الدخل بسبب غلاء المعيشة، تؤدي إلى عدم الرغبة في الانضمام إلى الشركات الناشئة أو التفكير بإنشائها. إضافة إلى ذلك، فإن مبالغ التمويل والاستثمار الممنوحة من الجهات التمويلية في آسيا أقل من نظيرتها في وادي السيليكون.
إذن، ما هو مستقبل الشركات الناشئة في آسيا؟ وكيف سينجح رياديو هذه المنطقة بتثبيت أسمائهم في هذه السوق؟
يبدو أن آسيا تقف عند نقطة انعطاف حاسمة، إذ لديها الفرصة لتقديم وجهة نظرها الخاصة عن هذا القطاع. ومن الممكن أيضاً، أن الخبراء قد استوعبوا معنى الإحصائية التي تشير إلى فشل 90% من هذه الشركات، وأدركوا أنه ينبغي أخذ هذا التمويل الاستثماري على محمل الجد.
وينبغي القول إن هذا المستوى من التعقل هو شيء جيد، إذا كان ذلك يعني أن الرياديين الأكثر إصراراً هم من يدخلون عالم الشركات الناشئة فقط. وفي الوقت نفسه، تحتاج السوق إلى رعاية المؤسسين الأذكياء ممن يحملون أفكاراً جيدة. وفي إدارة هذا التوازن، ينبغي لمراكز الشركات الناشئة وريادة الأعمال في آسيا، تعزيز حوار أعمال أكثر وضوحاً.
وهناك 3 مسائل يجب مراعاتها من قبل مؤسسي الشركات الناشئة والمستثمرين في آسيا:
1. إنشاء ثقافة تتسم بالشفافية:
ينبغي تشجيع المؤسسين للإعلان عن الإيرادات التي يحققونها، وأن يفصحوا عن عدد الوحدات من المنتجات التي بيعت أو حصل عليها العملاء. وفي الوقت الذي ليس فيه متطلب رقابي للكشف عن هذه الأرقام، فإن كل أصحاب العلاقة في هذا النطاق يحصلون على الفائدة من نشر مثل هذه المعلومات. وسيمتلك المؤسسون الذين يقيسون ويشاركون هذه المعلومات، فهماً أفضل لأوجه الضعف المحتملة في هذا المجال. كما يمكن للمستثمرين تقديم المشورة وتوفير الحلول بسرعة أكبر، عندما تتوافر لديهم معلومات عن الأداء.
2. تطوير القطاع من خلال الدروس المستفادة:
عندما تكتسب الشركات الناشئة زخماً كبيراً وتتغلب على العقبات، فإنه ينبغي تشجيع المؤسسين على مشاركة الآخرين قصص نجاحهم. وعند ظهور المشكلات، يمكن للمؤسسين طلب النصح والإرشاد من أقرانهم، وتكوين علاقة تشاركية قوية. وهذا هو الهدف الرئيس من إنشاء مساحات العمل المشتركة.
3. التوقف عن السخرية من الإخفاقات:
يريد كل رئيس تنفيذي تحقيق النجاح لأعمال شركته. لكن أحياناً، قد تفشل الشركة لأسباب خارجة عن سيطرة الجميع. وفي أحيان أخرى، يتسبب قرار إداري واحد بفشل الشركة. وعندما يسخر الإعلام من المؤسسين بسبب أخطائهم، فإن صورتهم تتشوه أيضاً. وفي الوقت نفسه، تحصل الشركات الناجحة على اهتمام مبالغ فيه، ويعتقد الجميع أن ريادة الأعمال عبارة عن نزهة في حديقة. وفي حال كان فشل 90% من الشركات صحيحاً، إذن ينبغي علينا القراءة أكثر عن فشل الشركات الناشئة. ويمكن الحصول على صورة أكثر موضوعية عن حقيقة ريادة الأعمال في حال تم تناول هذا الموضوع من قبل وسائل الإعلام بموضوعية. وإجمالاً، لا يزال أمام آسيا فرصة لإنشاء عالمها الخاص من الشركات الناشئة وريادة الأعمال، إذا ما تنبهت إلى ضرورة نشر ثقافة إيجابية عن أهمية هذا القطاع.