افتتح اتحاد المصارف العربية المؤتمر المصرفي العربي السنوي للعام 2015، بعنوان «خارطة طريق للشمول المالي» في فندق «فينيسيا انتركونتيننتال» – بيروت، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتستمر أعماله اليوم، في حضور اكثر من 800 شخصية مصرفية ومالية محلية وعربية.
سلام: يرحّب بإقرار القوانين
استهل رئيس الحكومة تمام سلام كلمته بالاشارة الى التفجير في برج البراجنة. ووجّه كلامه الى الارهابيين بالقول «فشِلتم. بيروت مازالت هيَ هيَ.. مدينةَ السلام ونافذةَ المشرق على العالم.. ولادةَ الكفاءات.. مدرسةَ الصبر والصمود.. ساحةَ التلاقي والتفاعل والعطاء.. وحضناً مفتوحاً للكرام». موجهاً التحية الى اتحاد المصارف العربية والقطاع المصرفي اللبناني. والى الدول العربية والمؤسسات والصناديق المانحة.
ورأى سلام أنه «ليس بالأمر اليسير على أي دولة أو أي سوقٍ مالية، أن تستمر عجلتُها في الدوران والإنتاج، في الوقت الذي تتعرَّضُ لأزماتٍ سياسيةٍ متوالدة، وانكماشٍ اقتصاديّ، وتهديداتٍ إرهابيّة. أقرَّ مجلس النواب في جلسة استثنائية، مجموعة من مشاريع القوانين. لقد أمّنت هذه القوانين، مظلَة قانونية شاملة لقضايا مكافحة تبييض ونقل الأموال وتمويل الإرهاب، وصادق المجلس في الجلسة التشريعية نفسها، على عددٍ من الهبات والاتفاقات مع المؤسسات الماليّة الدوليّة، تتعلق بتمويلِ مشاريعَ ضخمة للبنى التحتية. نعتقد أنها ستؤدّي إلى خلق فرص عمل، وستُحفِّز الدورة الاقتصاديّة».
السلطة التنفيذية ستقوم بواجباتها، لأنّ الاستحقاقات الداخليّة داهمة والمخاطرَ الخارجيّةَ حقيقيّةٌ وخطيرة.. فهناك لائحةٌ طويلةٌ من القرارات الضروريّة وبينها قراراتٌ تحتل أولوية قصوى مثل تبَنّي خطة معالجة النفايات وتطبيقِها. إنّ القوى السياسية جميعاً مدعوّة إلى التواضع، والتواصل، والتوافقِ على ما يسمح بتسيير العمل الحكومي وخدمة مصالح اللبنانيين.. في انتظار التسويةِ السياسيّةِ الكبرى التي يشكل مدخَلَها حتماً، انتخابُ رئيس للجمهورية اللبنانية».
واعتبر سلام أنه «آنَ الأوان لوضع حدٍّ للخلل القائم، ولإعادة الروح إلى الحياة السياسية عَبرَ تفعيل العمل بالمؤسسات الدستورية. إننا نعتبر أنّ الفرصةَ متاحةٌ للبناء على لحظةِ التضامنِ الوطني هذه، والانطلاقِ من المواقف السياسية المسؤولةِ التي أعْقَبَتْها، لتوسيع التواصل وتعميق الحوارات القائمة أملاً بالوصول إلى حلولٍ تحمي بلدَنا… وتحصِّنُه إِزاء مخاطرِ الأحداثِ الاقليميّة وتداعياتِها».
بركات: معوقات كثيرة
من جهته قال رئيس اتحاد المصارف العربية محمد بركات اشار الى «ان معظم فقراء العالم يفتقدون للخدمات المالية الاساسية، لان هناك الكثير من المعوقات التي تمنع الناس من المشاركة في القطاع المالي. ويأتي هذا المؤتمر تحت عنوان «خارطة طريق للشمول المالي» في ظل التحوّلات الاقتصادية والسياسية التي نمرّ بها، كمحاولة لتقديم الخدمات المالية بأسعار معقولة للشرائح الفقيرة في المجتمع».
وقال «38% من سكان العالم ليس لديهم القدرة على التمتع بالخدمات المالية… لذلك فإن تحقيق الشمول المالي سيؤدي الى تحسين معيشتهم، وتحسين هشاشة الانظمة المالية». لافتاً الانتباه الى التطور الحاصل في القطاع المصرفي العربي، حيث بلغت الموجودات 3.23 تريليون دولار في 2015 بزيادة بلغت 6 في المئة عن العام 2014».
القصار: توسيع دائرة المستفيدين
وتحدّث الرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان الوزير السابق عدنان القصّار فقال: عند سماع مصطلح الشمول المالي، قد يتبادر لأذهان الكثيرين فكرة تقديم الخدمات المالية لمن هم أقل حظاً. إلا أنني أعتقد أن هذا المفهوم يحمل في طياته أكثر من ذلك بكثير، لا سيما أن توسيع دائرة المستفيدين من الخدمات المالية يعزز الاستقلال المالي للأفراد، والذي يعتبر مؤشراً على التقدم الاقتصادي للأمم، لما ينطوي عليه من توسيع لقاعدة الادخار، وزيادة الاستثمارات المنتجة ومعدلات الاستهلاك، كما في رفع الإنتاجية وتعزيز النشاط المصرفي ومستوى الدخل بشكل عام، بما يجعله في صميم تطلعات الدول والشعوب لحياة أفضل.
طربيه: التشارك في القلق
شبّه رئيس مجلس إدارة «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب»، «رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية» ورئيس «جمعية مصارف لبنان» جوزف طربيه ظروف بيروت بظروف منطقتنا العربية، «حيث نتشارك جميعاً القلق وشعور عدم اليقين أمام الارهاب وضرباته العمياء على الأبرياء، وتهديداته بتوسيع رقعة نشاطه لتشمل كل المعمورة».
واورد طربيه ارقام دراسات تشير الى ان «ما يقارب الملياري نسمة لا يزالون خارج الانظمة المصرفية. و75 في المئة من الفقراء لا يتعاملون مع المصارف. ومن شأن الشمول المالي أن يساعد على مواجهة الفقر والتعاطي بصورة أفضل مع حالات المداخيل غير المنتظمة والمستحقات الكبيرة الموسمية. اما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة، فيمكن أن يوفـّر لها الشمول المالي الأموال التي تحتاجها لتأسيس مؤسسة ما وتوسيعه». مبدياً قلقه من «تأثير ظاهرة ما يسمى بتخفيف المخاطر (أو De-Risking)، اذاً، قطع العلاقات المصرفية مع قطاعات بأكملها، أو مناطق بأكملها أو دولة بأكملها، يؤدي إلى خروجها من المنظومة المالية وبالتالي الى تفاقم ظاهرة ما يسمى بالـ التهميش المالي أوFinancial Exclusion ؛ وهذا الأمر قد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الفقر وزيادة أزمة البطالة».
وتوقف طربيه عند «الجهد الكبير الذي يقوده المصرف المركزي في لبنان مع المصارف التجارية لتقديم برامج تسليف تدعم الشمول المالي»، ورأى ان «المؤتمرات والمنتديات تشكّل محاور لتبادل الخبرات في مسائل اساسية كالشمول المصرفي والمالي لفئات الشعوب المهمشة اقتصادياً، ومشكلات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب وتطبيق النظم والقوانين الدولية».
سلامه: الشمول ينطلق من الثقة
من جهته اكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «أن الشمول المالي ينطلق من إيجاد ثقة بالقطاع المالي وبالنقد الوطني. وصل عدد المقترضين اليوم إلى أكثر من 800 ألف، مقابل 60 ألف في 1993. هنالك أكثر من 100 ألف قرض سكني و50 ألف قرض للتعليم. وقد أصدر المجلس المركزي قرارات متكاملة عاماً بعد عام تتعلق برزمات تحفيزية للتسليف بلغت لغاية اليوم الـ 5 مليار دولار وأدت إلى تأمين النمو في لبنان في ظروف صعبة للبنان والمنطقة. وما قامت به الحكومة ومجلس النواب بإقرار 4 قوانين مهمة للقطاع المالي، يسمح للبنان بأن يبقى منخرطاً بالعولمة المالية وأن لا يتمّ إدراجه على أية لائحة تحذّر الآخرين من التعامل معه».
وشدد سلامة على «أن ملاءة الدولة جيدة. صحيح أن الدين العام مرتفع وهو يشكل 140 في المئة من الناتج المحلي. لكن، إذا حذفنا من هذا الدين العام ما هو مملوك من مصرف لبنان، تكون هذه النسبة أقلّ من 100 في المئة ، كما أن الأسوق اللبنانية تتعايش مع هذا الدين، إنما تطالب بالسيطرة على العجز السنوي وهذا ما نتأمله حينما يتحسن الوضع السياسي في البلد».
وقال: «أطلق مصرف لبنان مشاريع عدة وطوّر أنظمة عدة. وهذه المشاريع تتعلق بتأمين قروض مدعومة للقطاعات الانتاجية بفوائد منخفضة. على صعيد آخر، ومن خلال الأسواق المالية، نحن نحضّر لإطلاق منصة إلكترونية لتكون منصة للتداول الشفاف والمراقب للأوراق المالية اللبنانية، منها الأوراق المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة أو المؤسسات التجارية أو سندات الدين التجارية والحكومية. وقمنا أيضا بعمليات توعية ومحاضرات في المدارس وفي الجامعات وأنشأنا معهد تدريب ينظّم في كل صيف دورات تدريبية تستهدف الطلاب الجامعيين، لنؤمن صلة أكبر بين المواطن والقطاع المصرفي».