Site icon IMLebanon

فيروز… راهبة العشق وحكاية ثورة! (بقلم رولان خاطر)

feiruz-main

 

رولان خاطر

 

يطلّ الثمانين من عمر “فيروز”، ونحن لا زلنا ننتظر بلدنا لأن يخلق من جديد. ومهما بعدت الأفكار وكثرت الاختلافات، نعود إلى الوصية “إذا نحنا إتفرقنا بيجمّعنا حبّك”.

هي راهبة المحبة ولو خارج ديرها، ومتنسّكة الثورة ولو خارج صومعتها، وعنوان “الإيحائية” المغزولة بقدسية الحب وبمعانيه العميقة ولو خارج زمانه. هي فيروز الوطن ولؤلؤة الإيمان بلبنان. أغانيها توقظ بالشيوخ رغبة العودة إلى الماضي، وتشعل في الشباب شوق الغوص في أسبار هذا الماضي.

 

 

من أوتار صوتها ما يجعل الإنسان يحيا متعلقاً بإرث قديم، وبذكريات لا تذبل، منتفضاً على الموت، متشبثاً بالإله القدير. من نغمات صوتها، تستعيد الكهولة شبابها، والأحاسيس رعشتها، ويستمد الفن في لبنان خلوده، وترتجف من كلمات أغانيها مداميك الطرب واللغة والمعاني، ويستعيد الوطن كلّيته.

فيروز هي الأغنية التي قال عنها محمود درويش إنها تنسى دائما ان تكبر، وهي التي تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر.

 

 

في زمن غياب رقيّ الأغنية اللبنانية، وسمّو الكلمات، لا بدّ من الانحناء في معبد الرحابنة، الذين حفروا في “ذهبية” صوت فيروز فأنتجوا أيقونة الطرب والغناء على امتداد التاريخ والمستقبل.

وأمام هالة تلك “الأسطورة” التي كرّست اسم لبنان حتى حدود السماء، والتي أبكت العيون في لحظات فرحها، وأفرحت القلوب في لحظات كآبتها، تنحي عظمة اللبنانيين، ويتفتت كبرياؤهم على مذبح نجاحاتها في رفع اسم لبنان. فهي عاصرت أجيال، على امتداد نصف قرن، سمعوا صوتها وتمتعوا بحنيّته، وترنّموا بسحره، واشتمّوا ورود عطره في كل صباح، وفي أمسيات العشاق، الذين يستدلّون من قاموسها درب الحب وذروة رعشته، وقدسيته.

 

 

في عيدها الثمانين، تبقى فيروز في وجدان اللبنانيين، منبع الشوق، وحاضنة العشق، ونسمة الفرح.

أعطت لبنان الكثير. حضنته في رحلاتها وأغنياتها ومسيرتها. لم تبخل على فلسطين والشام، والقدس “مهد المسيح الحي”.

عمّدت الحب والثورة والوطنية في “مغطس” تنهداتها، فغنّت آهات الروح، وأوجاع الإنسانية، وفرح الحب، وإيمان الثورة، فجعلت كل شعوب الأرض تنبض حياة وإيماناً بأوطانها.

في عيدها الثمانين، لها طول البقاء والحياة… ولنا وللبنان كل الفخر والحنين..