بقيت المعلومات بشأن صحة اللقاء الذي تردّد أنه عُقد بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية في دائرة المتابعة لمعرفة ما إذا كان اللقاء عُقد فعلاً، وما هي النتائج المترتبة عنه في حال انعقاده فعلاً.
وأشارت صحيفة “اللواء” إلى أن اللقاء عُقد فعلاً بين الرجلين في العاصمة الفرنسية، واستغرق أكثر من ساعة، وأن التحضيرات لأجل هذا الأمر بدأت منذ عدّة أشهر، من خلال زيارة قام بها مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري إلى بنشعي حيث عقد اجتماعاً مطولاً مع فرنجية تناول مراجعة المرحلة الماضية وما يمكن القيام به للتخفيف عن لبنان تداعيات الأزمة السورية.
أما التحضير للقاء بحدّ ذاته، والذي تجزم المصادر أنه انعقد، فكان من خلال المحامي جوزف عريجي والد وزير الثقافة روني عريجي والموثوق من النائب فرنجية ومدير مكتب الحريري السيّد نادر الحريري في بيت الوسط.
وكشفت المعلومات أن فرنجية انتقل إلى باريس بطائرة رجل الأعمال جيلبير شاغوري الذي يقيم في نيجيريا، وأن المداولات بين الرجلين تناولت تحديداً موضوع رئاسة الجمهورية، إلا أن معلومات عن نتائج اللقاء لم تُعرف، علماً أن سياسياً حزبياً بارزاً في فريق 8 آذار أبلغ “اللواء” أنه من السابق لأوانه إدخال رئيس تيّار “المردة” في بازار الرئاسة الأولى، طالما أن مرشّح بنشعي وحارة حريك ما زال النائب ميشال عون، مشيراً إلى أن الفريق الآخر (المقصود هنا 14 آذار) رفض تأييد عون رئاسياً، على اعتبار أنه حليف حزب الله، فكيف سيرضى في ظل الأوضاع السياسية القائمة في لبنان والمنطقة تسمية فرنجية حليف سوريا في الدرجة الأولى؟
إلا أن السياسي الحزبي البارز أقرّ من ناحية ثانية أن إيصال فرنجية إلى رئاسة الجمهورية له “ترتيب سياسي إقليمي آخر”، وله تبعات تتخطى حدود محيطنا العربي لتصل إلى ما يُحضّر في فيينا، في إشارة واضحة إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد .
من جهتها،اعلنت مصادر سياسية لبنانية مطلعة لصحيفة “الحياة” ان اللقاء الذي جمع الحريري مع فرنجية مطلع هذا الأسبوع في باريس تم في منزل رجل الأعمال اللبناني جيلبير شاغوري وبدعوة منه للزعيمين الى العشاء، بعد ترتيب قام به أصدقاء مشتركون لهما.
وأوضحت المصادر ان كلاً من النائب السابق غطاس خوري الذي كان زار فرنجية قبل زهاء شهر، ومدير مكتب زعيم “المستقبل”، نادر الحريري، حضرا العشاء أيضاً.
ومع التكتم الشديد من الجانبين على نبأ هذا اللقاء، وصدور بيان نفي من مكتب الحريري الإعلامي، ومن مستشارين لفرنجية، بعد تسرب نبأ حدوثه، فإن المناخ السياسي العام في البلاد بحثاً عن مساحة تلاقٍ، لدى كل الفرقاء، وصولاً الى إنهاء الشغور الرئاسي، كان وراء سلسلة اتصالات لاستكشاف إمكان التوصل الى تسوية لبنانية بموازاة جهود العمل لأجل حل سياسي في سورية.
وذكرت مصادر واسعة الإطلاع لـ “الحياة” ان انسداد أفق الصفقة التي يمكن ان ترجح ترشيح زعيم “التيار الوطني الحر” للرئاسة، بعد فشل مشروع ترقية عدد من الضباط في الجيش من أجل تأخير تسريح العميد شامل روكز، الذي كان يصر عليه العماد عون، دفع بعض قادة 8 آذار الى البحث عن إمكان التقدم نحو اعتماد خيار فرنجية للرئاسة، عن قوى 8 آذار، لا سيما ان الأخير أخذ مواقف متمايزة عن عون في ما يخص التظاهرة في الشارع احتجاجاً على عدم الأخذ بمطلبه في شأن الترقيات العسكرية ورفضه التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في منصبه، فضلاً عن رفضه تصعيد الموقف احتجاجاً من عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على عدم إدراج قانون الانتخاب على جدول الجلسة النيابية التشريعية التي عُقدت الأسبوع الماضي.
وأشارت المصادر الى ان انفتاح نواب من تيار “المستقبل” على فرنجيـة وامتـــداح مواقفه من قبل رئيس كتلة “المستقبل” رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وإعلان رئيس “اللقاء النيابي الديموقراطي” وليد جنبلاط استعداده للتصويت لفرنجية، كلها عوامل دفعت في اتجاه استكشاف المواقف من إمكان انتقال قوى 8 آذار الى طرح فرنجية مرشحاً بديلاً لها، لا سيما ان الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله كان أبلغ بعض الموفدين الأجانب، ومنهم نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر بوغدانوف قبل سنة، عند إلحاحهم عليه بأنه لا بد من أن يكون لقوى 8 آذار خيار ثان، ان فرنجية هو الخيار البديل.
من جهتها، قالت “الأخبار”: “لا يزال الحديث عن لقاء جمع الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في العاصمة الفرنسية، باريس، مدار حديث في الأوساط السياسية اللبنانية. فعلى الرغم من أن مصادر الطرفين كرّرت نفيها مراراً حدوث اللقاء، إلّا أن مصادر أكّدت لـ«الأخبار» حصول الاجتماع بين الحريري وفرنجية في منزل رجل الأعمال جيلبير شاغوري في باريس، مشيرةً إلى أن “التساؤل الآن يدور حول ما إذا كان الحريري قد نسق مع السعوديين حصول اللقاء، أو لا”.
وتشير مصادر أخرى إلى أن “هناك نقاشاً داخل تيار المستقبل منذ فترة حول خيار القبول بفرنجية مرشحاً للرئاسة، على قاعدة أن الأخير يرضي حزب الله ويمكن الوصول إلى تفاهمات معه بخلاف الحال مع رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي يمكن أن يقبل بفرنجية بدوره بديلاً منه في حال نضوج تسوية لبنانية”، في مقابل أصوات أخرى، داخل التيار، تحاذر السير بخيار فرنجية لقربه من الرئيس السوري بشار الأسد”.
فيما تقول المصادر إن “بعض الجهات داخل المستقبل تراهن على شقاق بين عون وفرنجية، والتسبب بإحراجٍ كبير لحزب الله”، وهو ما كانت جهات في 8 آذار قد نبّهت فرنجية إليه.
كذلك طرحت مصادر في تيار المستقبل تساؤلات عن جدوى اللقاء، وما إذا كان الحريري قد نسّقه مع السعودية، فيما جزمت مصادر في 8 آذار بأن فرنجية لا يُقْدِم على خطوة مماثلة، من دون تنسيقها مع حلفائه، وأولهم الرئيس نبيه بري، وخاصة أن الأخير تربطه علاقة وثيقة بشاغوري.
يُذكر أن في تيار المستقبل شخصيات تروّج لإمكان القبول بفرنجية رئيساً للجمهورية، فيما تؤكد شخصيات أخرى في 14 آذار، وأخرى في 8 آذار، أن المستقبل “يناور في الوقت الضائع، تماماً كما فعل سابقاً مع الجنرال ميشال عون”.