Site icon IMLebanon

المغرب يحبس أنفاسه .. الإرهاب يهدد 4 ملايين سائح فرنسي

Morocco-tourism
تثير الاعتداءات الأخيرة على باريس، مخاوف قطاع السياحة المغربية، إذ تتقدم فرنسا قائمة السياح الأكثر توافداً على المملكة. وتشير بيانات رسمية إلى تراجع توافد السياح الفرنسيين على المغرب بنسبة 8% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، تأثراً بالاعتداءات الإرهابية على “شارلي إيبدو”.

عندما يُسأل الخبراء والمهنيون في المغرب في هذه الأيام حول تأثير الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت فرنسا على المملكة، يجيبون، في غالب الأحيان، بأنه من السابق لأوانه الحديث عن التداعيات حاليا، فأي استشراف يندرج في باب التخمين، وإن كانوا يبدون بعض القلق بالنظر لسوابق غير بعيدة، خاصة في قطاع السياحة.

وتبلغ أهمية العلاقات الاقتصادية المغربية ـ الفرنسية، درجة دفعت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أخيرا إلى زيارة المملكة من أجل طي صفحة القطيعة التي دخل فيها البلدان على مدى عام، وهي الزيارة التي فُسرت على أنها محاولة فرنسية للحفاظ على مكانتها كشريك رئيس للمغرب.

وتعتبر فرنسا المستفيد الأكبر من العلاقات التجارية مع المملكة التي تعرف عجزاً تجارياً سنوياً مع البلد الأوروبي، يصل إلى مليار دولار، وهو عجز تساهم فيه بشكل كبير مشتريات القمح التي تراوح بين 300 و700 مليون دولار حسب مستوى الحصاد.

ويؤكد الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت فرنسا، لا بد أن تكون لها تأثيرات على البلدان التي لها علاقات اقتصادية مع فرنسا. والمغرب معني مباشرة بالانشغال بتلك التأثيرات المحتملة.

في حالة المغرب يدعو الفينا إلى مراقبة تأثير تلك الأحداث على ثلاثة أنشطة، المتمثلة في السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في ذلك البلد والمبادلات التجارية، أما الاستثمارات فمحصّنة بما تكتسبه من سوق في الخارج والداخل.

وكما يؤكد على ذلك خبراء مغاربة، لن تتأثر الاستثمارات الفرنسية في المغرب بالأحداث الإرهابية، على اعتبار أن حضور شركات ذلك البلد راسخ في المملكة، حيث يصل عددها إلى 750 شركة.

ويأتي عدم التخوّف من تضرر الاستثمارات الفرنسية في المغرب، من كون الشركات الأكثر حضوراً في الاقتصاد الفرنسي، والمدرجة في بورصة باريس، توجد في المغرب في جميع القطاعات، وهي تدافع عن الحظوة التي تتمتع بها لاعتبارات تاريخية، حيث إن أي تراجع من قبلها، يمكن أن يشغله منافسون آخرون مثل الإسبان.

ويذهب الفينا إلى أن فرنسا ستحاول النهوض من الضربة التي تعرضت لها عبر دعم اقتصادها، وهذا ما سيفضي في تصوره إلى استفادة بلد مثل المغرب، الذي يراقب دائما الظروف الاقتصادية في البلدان الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، لما لها من تأثير سلبا أو إيجابا على الاقتصاد المحلي.

ولم تغب عن المراقبين التصريحات التي أدلى بها جاك بروست، المدير العام لمجموعة “رينو” الفرنسية، الثلاثاء الماضي، عندما أكد على أن المجموعة تطمح إلى تجاوز سقف إنتاج 230 ألف سيارة بالمغرب في العام الجاري، مشيرا إلى أن الإنجازات التي حققتها الشركة تتعدى توقعات العام الماضي.

وتعتبر فرنسا الشريك الأول للمغرب على مستوى الاستثمارات التي تصل إلى 12 مليار يورو (12.75 مليار دولار)، هذا ما دفع الرئيس الفرنسي إلى التأكيد قبل أسابيع، حين زار المغرب، على أن البلدين بإمكانهما الوصول إلى شراكة استثنائية في قطاعات مثل السيارات والفضاء والبنيات التحتية.

غير أن التساؤلات الأكثر إلحاحا بعد الاعتداءات الأخيرة تتركز حول تأثيرها على السياحة، فالمهنيون في السياحة بالمغرب أكثر استحضارا لاحتمالات وقوع عمليات إرهابية في البلدان العربية أو الأوروبية، عند الحديث عن توقعاتهم لأداء هذا القطاع. وتصريحات أحدهم عشية الاعتداءات التي استهدفت باريس، ربطت انتعاش النشاط السياحي بالمغرب فيما تبقى من العام بعدم وقوع عمليات إرهابية.

وعندما سألت “العربي الجديد” أحد المهنيين الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير ما وقع بفرنسا على السياحة المغربية، على اعتبار أن إلغاء الحجوزات لم يتجلَّ بشكل سافر في الأيام الأخيرة، لكنه يدعو إلى انتظار مدى الإقبال الذي سيبديه السياح على وجهة المغرب في الأسابيع المقبلة، التي تتزامن مع أعياد نهاية السنة.

وتأتي الاعتداءات الأخيرة، في ظل تراجع توافد السياح الفرنسيين على المغرب بنسبة 8% إلى حدود أغسطس/ آب الماضي، علما أن ذلك السوق الذي يعتبر أول مصدر للسياح نحو المملكة، تأثر بسبب الاعتداءات الإرهابية على “شارلي إيبدو” وتونس في العام الحالي.

ويرى وزير السياحة، لحسن حداد، في تصريحات حول وضعية القطاع، أنه بالنظر للاضطرابات التي تعرفها المنطقة في العام الحالي، استطاع المغرب الصمود، وإن كان يعاني من تراجع إقبال السياح الفرنسيين، ما سيساهم في انخفاض العدد الإجمالي بما بين 1 و2% في العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي.

وتجاوز المغرب سقف 10 ملايين سائح في العام الماضي، حيث يمثل الفرنسيون ما بين 35 و40% من هذا العدد، وهو ما يعزز إيرادات المغرب من ذلك القطاع، حيث وصلت، حسب بيانات مكتب الصرف، إلى 5.1 مليارات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مقابل حوالي 5.2 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي الأسابيع المقبلة سيراقب المغاربة أداء تحويلات المغتربين منهم بفرنسا وأوروبا بشكل عام، غير أن ما تجلى إبان الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم قبل ثمانية أعوام، أن تحويلات المغاربة بالخارج لم تتأثر بشكل كبير، ففي العام الماضي مثلا تجاوزت 6 مليارات دولار، علما أن الذين يقيمون منهم بفرنسا والبالغ عددهم 928 ألفا، حولوا إلى بلدهم الأصلي ملياري دولار، متقدمين على جميع المغتربين المغاربة في العالم، حسب تقرير الصندوق الدولي للتنمية الفلاحية التابع للأمم المتحدة.

وإلى حدود اليوم لم تتأثر حركة النقل الجوي بالاعتداءات الأخيرة، التي استدعت مع ذلك بعض التوضيحات والتدابير. فقد أكدت السفارة الفرنسية بالرباط، أن تأشيرات شنغن الممنوحة للمغاربة ما زالت صالحة لدخول فرنسا ومناطق شنغن، في الوقت نفسه دعت شركة الخطوط الملكية المغربية زبائنها إلى الحضور ثلاث ساعات قبل موعد الرحلات بسبب الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة في جميع مطارات العالم بعد الاعتداءات التي استهدفت فرنسا.

وفي السياق، لا يرجح مراقبون أن يستفيد المغرب من حادثة الطائرة الروسية التي انفجرت في مصر الشهر الماضي بفعل عمل إرهابي، رغم أن المغرب بات آمنا نسبيا من هجمات الإرهابيين، حيث يعود آخر اعتداء إلى أبريل/ نيسان 2011، عندما استُهدف مقهى في مدينة مراكش، وهو ما أسفر عن مقتل 17 شخصا من بينهم 11 سائحا أوروبيا.