يسود أوساط عدد من المصارف اللبنانية مخاوف من انسداد أفق العمل المصرفي في العراق، بعد تعرّض فروع المصارف العاملة في أربيل والسليمانية لضغوط من قبل البنك المركزي العراقي، تمثّلت بإعلامهم مؤخراً بانفصاله عن فروعه في أربيل والسليمانية إدارياً ومالياً وتنظيمياً، وربطها بوزارة مالية إقليم كردستان، وعدم اعترافه بالمبالغ المودعة لديه من قبل المصارف اللبنانية بالدينار أو الدولار.
المصارف اللبنانية العشرة التي لديها فروع في اقليم كردستان وهي فرنسبنك، بنك عوده، بنك لبنان والمهجر، بنك بيبلوس، بنك البحر المتوسط، بنك الاعتماد اللبناني، بنك بيروت والبلاد العربية، البنك اللبناني الفرنسي، انتركونتيننتال بنك، بنك الشرق الأوسط وافريقيا، تودع لدى البنك المركزي العراقي في أربيل والسليمانية نحو 90 مليون دولار، وتسعى جاهدة الى تسوية أزمة تداعيات انفصال المركزي العراقي عن فروعه في المدينتين المذكورتين، تجنباً لاضطرارها لتكوين مؤونات على المبالغ المودعة قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي قد يحدّ من ربحية المصارف اللبنانية.
السلطات العراقية لم تعلن أي حلول للأزمة التي نتجت عن إجراء هو الأول من نوعه في العالم، غير أن التطمينات أتت على لسان النائب في البرلمان العراقي ناهد الدايني، المختصة في الشأن الإقتصادي، إذ رأت في حديث الى “المدن” أن البنك المركزي العراقي وإن أعلن انفصاله عن فروعه في مدينتي أربيل والسليمانية غير أنه لن يتوانى عن تسوية أوضاع المصارف اللبنانية المرتبط تعاملها مع الفرعين المعنيين، لاسيما تلك التي تحمل سندات دين سيادية من فروع المصرف المركزي في اربيل والسليمانية.
وإذ رأت الدايني وجوب تسديد فرعي المركزي في أربيل والسليمانية (المنفصلين) متوجباتهما لحاملي سندات الدين السيادية من المصارف اللبنانية، كشفت عن دخول صندوق النقد الدولي كوسيط لحل الأزمة العالقة بين المصرف المركزي العراقي والمصارف الأجنبية المتواجدة في أربيل والسليمانية، ومنها المصارف اللبنانية، ورعايته الحل من خلال تواجد صندوق النقد في العراق في سياق مشاركته وممارسته الرقابة على وضع الميزانية العامة للعراق. وطمأنت الدايني الى أموال المصارف اللبنانية المتواجدة في العراق “لاسيما أن قرار انفصال المركزي عن فرعيه المذكورين أتى بعد درس جميع الخيارات، مع الإصرار على الحفاظ على العلاقة مع المصارف اللبنانية وتطوير التعامل معها”.
وبخلاف تطمينات الدايني يبدو أن قلق المصارف اللبنانية حول تواجدها في العراق بدأ يتضاعف، لاسيما بعد فشلها بحسب مصدر مصرفي رفيع، في إقناع السلطات العراقية بتعديل بعض الأنظمة المصرفية، بما يفتح للمصارف اللبنانية المجال لممارسة الصيرفة الشاملة، ويضاف الى ذلك الأزمة التي واجهت المصارف اللبنانية مؤخراً والمتمثلة بفرض المصرف المركزي العراقي عليها زيادة كبيرة على الرساميل خلال مهلة تنتهي في شهر حزيران من العام 2016.
وينتقد المصدر الحجم الكبير للزيادة المفروضة على رساميل المصارف الخاصة من قبل العراق، “فرغم خفضها من 70 مليون دولار الى 50 مليوناً وتوصل المصرف المركزي اللبناني خلال وساطته مع نظيره العراقي الى تسوية تقضي بزيادة رساميل المصارف على مرحلتين”، يرى أن كل تلك العقبات والتعقيدات التي تفرض على عمل المصارف اللبنانية والأجنبية عموماً في العراق يمكن أن تؤدي على المديين المتوسط والبعيد الى هروب المصارف الخاصة من البلد أو تضييق نطاق عملها، داعياً السلطات العراقية الى إعادة النظر في كافة إجراءاتها وأنظمتها التي تحكم علاقتها بالمصارف الأجنبية.