Site icon IMLebanon

قرار مرتقب في العراق يُعفي المصارف اللبنانية من مؤونات بـ90 مليون دولار

iraqi-dinar

حيدر الحسيني

يبدو أن القدر سيبتسم قريباً جداً لكافة المصارف العاملة في العراق، ومنها فروع البنوك اللبنانية المهددة بتأمين مؤونات قيمتها 90 مليون دولار، كانت ستنتج من الخلاف بين المصرف المركزي في العاصمة المركزي وحكومة إقليم كردستان العراق.

فقد كشف لـ»المستقبل» رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية، وديع نوري الحنظل، أن حكومة إقليم كردستان حسمت أمرها قبل أيام، وقرّرت اتباع توجهات المصرف المركزي في بغداد، ومن المفروض أن يصل إلى العاصمة المركزية كتاب خطي رسمي بهذا المعنى، وفي حال تلقى المصرف المركزي في بغداد هذا الكتاب، سيعود عن قراره، «فكما خاطبهم برسالة واضحة صريحة مفادها أنه إذا كنتم معنا وتتبعون قرارنا فسنكون مسؤولين عن كل معلّقاتكم، أما إذا كنتم تريدون أن تعملوا منفردين، فستكونون مسؤولين عن التزامات المصارف المتعاونة معكم».

على هامش «المؤتمر المصرفي العربي السنوي 2015» في بيروت، أوضح الحنظل أنه «قبل أسبوعين، حضرنا عدة اجتماعات على مستوى وزير التخطيط في إقليم كردستان والمحافظين ومساعدي رئيس الوزراء، وكانت الاجتماعات متواصلة».

وينسجم كلام الحنظل مع ما كشفه على هامش المؤتمر لـ»المستقبل» مصدر مصرفي لبناني مسؤول من أن «المصرف المركزي العراقي (بقراره هذا) تسبب بمشكلة لبلده ولكل المصارف، عراقيةً وغير عراقية»، وأبدى اعتقاده بأنه «سيأتي الوقت الذي سيفاوض فيه «المركزي» العراقي بما يعني التراجع عن قراره بموجب تسوية، على ما نأمل».

وكانت هذه المسألة قد كشفت عنها «المستقبل» قبل أكثر من أسبوع، بنشرها مجريات الاجتماع الشهري بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وجمعية مصارف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، حيث أثارت الجمعية هذا الموضوع على ضوء كتاب تلقته المصارف العاملة في العراق من مصرفه المركزي في بغداد، وتضمن موقفاً تراه الجمعية «غريباً ولا يحصل في أي بلد في العالم«، حيث أبلغ المصارف بأن فرعيه في أربيل والسليمانية لم تعد ترتبط به إدارياً أو تنظيمياً أو مالياً، بل أصبح مرتبطة بوزارة مالية الإقليم.

المشكلة أن المصرف المركزي العراقي قال إنه لم يعُد يعترف بالمبالغ المودعة لدى فرعيه هذين سواء بالعملة الوطنية (دينار) أو بالدولار الأميركي، بسبب خلافه مع حكومة إقليم كردستان، في حين أن المصارف اللبنانية تودع لدى الفرعين في المدينتين المذكورتين حوالى 90 مليون دولار، ما يعني أن تعميم المركزي العراقي كان سيجبرها على تكوين مؤونات بهذه القيمة لم ما تتم تسوية المشكلة قبل نهاية العام الجاري.

الرسملة و«الفوضى»

وبخصوص ما يفرضه المصرف المركزي من رسملة على المصارف العربية، يقول الحنظل إن «المركزي يهتم بمتطلبات بازل-2 وبازل-3 والاطمئنان على رؤوس الأموال، ولذلك فرض على المصارف العربية والأجنبية التي تأتي للاستثمار في العراق، أن تتعامل أسوة بما يتم التعامل به مع قسم من الدول المجاورة»، مضيفاً «نحن نعتقد بضرورة فرض 50 مليون دولار رسملة، ووافقت هذه المصارف على القرار صراحةً، ولا مشكلة حالياً حول هذا الموضوع في سوق العراق الذي يضم 30 مليون نسمة».

ولدى سؤاله عن مدى رضاه حيال مجريات تنظيم العمل المصرفي داخل العراق حالياً في ظل الحديث عن فوضى عارمة قائمة هناك، قال «تحتل الصدارة عندنا مسألة (إعرف عميلك)، والمصرف المركزي الآن يريد أن يطوّر عمل النظام المصرفي العراقي، وهذه نقطة مهمة جداً، ويجب أن نتعاون جميعاً معه لتحقيق هذا الهدف».

لكنه استدرك قائلاً «نواجه بعض العراقيل في المصرف المركزي، لا سيما على مستوى قدامى الموظفين (سمّاهم الحرس القديم)، والتوجه الجديد للمصرف المركزي الخروج من العقلية القديمة باتجاه التحديث، ولذلك نحن مستعدون لكل التعاون على هذا الصعيد».

وعن جهود مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يقول الحنظل «نحن نتبع تعليمات المصرف المركزي. الآن 6 محافظات فيها تنظيمات إرهابية، فأصدر المصرف المركزي تعميماً بعدم التعامل نهائياً مع تلك المحافظات، وقضى بإقفال فروعنا فيها، فماذا نفعل أكثر من ذلك؟».

السندات «المضروبة»

رئيس رابطة المصارف الخاصة العراقية تطرق في جانب آخر من النقاش إلى مسألة السندات «المضروبة» التي كادت تودي بالعديد من المصارف إلى قاعات المحاكم، فقال «نحن كمصارف نتعامل بالمستندات التي تبدو في ظاهرها سليمة، والمصرف المركزي عندما تعامل بمزاد الدولار بعد عام 2003، والمعروف بـ»قانون برايمر»، قُدّمت بعض المستندات المشكوك في بعضها أنها ليست سندات حقيقية، وبعد المطابقة تأكد أنها «مضروبة» سواء من خلال القنصليات الموجودة خارج العراق أو على الحدود العراقية، في حين لم تكن المصارف تتابع السندات من المنشأ، ولهذا تعرضت إلى دعاوى قضائية«.

وتابع قائلاً «أنا أعتقد أن قرار المصرف المركزي كان سليماً بأنه قضى بتغريم المصارف العراقية على السندات المشكوك فيها، لأن هذا القرار أبعدها عن القضاء والمحاكم، كي لا تحصل حالة هلع وخوف«.

وانتهى إلى القول «المصارف الآن، مثل «أتش.إس.بي.سي»، التي تبين أن لديها سندات مضروبة، فُرضت عليها غرامات مالية، ونحن كمصارف راضون بهذا القرار، وما طلبناه من المصرف المركزي هو أولاً تمديد فترة سداد الغرامة بحيث لا تقل عن 5 سنوات، وثانياً أن ينطبق القرار فقط على السندات المضروبة (أو غير الصحيحة)، وعدم تغريم المصارف على بقية السندات، علماً أن قسماً من السندات الآن يُقال أنها مشكوك في صحتها«.