أطلقت وزارة الصناعة والجامعة اللبنانية والجمعية اللبنانية لتقدم العلوم، في مؤتمر صحافي عقد اليوم في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية – الحدث، المؤتمر الوطني حول “ادارة وتقييم النفايات في لبنان” الذي سيعقد بين 12 و14 كانون الثاني في الكلية.
حضر المؤتمر وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن، المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور عدنان السيد حسين، مدير ال BMO – AUF البروفسور هيرفيه سابورين، عميد كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية البروفسور رفيق يونس، عمداء وممثلون عن نقابتي الهندسة في بيروت والشمال ورؤساء بلديات وممثلون عن السفارات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني ومهتمون.
عويني
بعد النشيدين الوطني والجامعة، تحدث رئيس الجمعية اللبنانية لتقدم العلوم البروفسور نعيم عويني، فقال: “يعاني اللبنانيون اليوم من أزمة النفايات، والمشكلة ليست في وجود النفايات إنما في تراكمها، والمشكلة الأكبر هي أننا دخلنا موسم الشتاء وبدأت الأمطار بالهطول والاختلاط بالنفايات المرمية على جوانب الطرقات ما سيؤدي إلى أزمات صحية كبيرة قد تكون نتائجها سامة ومميتة”.
اضاف: “صحيح أنه ليس المؤتمر الأول الذي يقام لمناقشة الحلول المطروحة لأزمة النفايات لكن أهميته أنه المؤتمر الوطني الاول الذي يجمع خبراء من مختلف الجامعات اللبنانية ومراكز الابحاث والمنظمات الدولية الذين يقومون بأبحاث حول أزمة النفايات التي تلقي بظلالها على اللبنانين. فخبراؤنا في العلوم الصحية والبيئية والهندسية والكيميائية والبيولوجية والحقوقية وغيرهم هم المعنيون بإيجاد حلول جذرية ومناسبة لأزمة النفايات”.
واكد “ان الباحثين اللبنانيين يعملون جديا لايجاد الحلول الجذرية لأزمة النفايات منذ حوالي عشر سنوات”، داعيا كل الجامعات للانضمام إلى الفرق البحثية ومشاركتهم في محاولة حل الأزمة.
وقال: “الهدف الرئيسي لمؤتمرنا هو طرح تفكير منطقي يقودنا إلى حلول ملموسة ومستدامة لأننا، منذ بداية الأزمة في لبنان، لم نسمع سوى بتقنيات من دون الحديث عن استراتيجيات تشترط تدخل المتخصصين للقيام بحسابات علمية حول حجم النفايات وطبيعتها. ولا بد لهذه الاستراتيجيات أن تكون مستدامة على الصعيد البيئي والاقتصادي والاجتماعي لجهة محافظتها على البيئة، وخلق فرص عمل وهامش وطني وهوية ثقافية جديدة؛ وهذا ما نفتقده تماما في لبنان”.
وتساءل عن عدم تبني العلماء في أبحاثهم الحل الكامن في المطامر، مشيرا الى ان المطمر هو مطمر، وعبارة “مطمر صحي” لها شروطها البيئية والعلمية المعترف بها دوليا، وقال: “كيف يمكننا اعتماد مطامر في لبنان في ظل ضيق مساحة أرضنا ودون أن يكون لها تأثير على التربة والمياه الجوفية؟
وعن المحارق، قال: “اختلفت التسميات لكن المحرقة هي محرقة ونتائجها مؤذية لا محال”.
ودعا عويني الدولة إلى “اعتماد استراتيجية وسياسة تخفيف إنتاج النفايات وزيادة نسبة التدوير بهدف الوصول إلى أقل نسبة ممكنة من النفايات التي تنتهي في المطامر، فهذه النسبة يمكن أن تكون أقل من 10% من مجمل النفايات المنتجة. وهذه هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى حل مستدام وبيئي يحافظ على طبيعة لبنان وعلى صحة المواطن”.
ورأى ان “اعتماد سياسة الفرز وإعادة التدوير ستحفز الصناعة المحلية وستوفر فرص عمل وخصوصا لليد العاملة، كما أنها ستقلص بذلك حجم النفايات المتبقي للطمر وخفض خطورتها، وما سيبقى منه يتحول إلى أسمدة عضوية (التسبيخ) وغاز (methane) للإستفادة منه كطاقة”.
وشدد على ضرورة إرساء التفاعل بين المجتمع العلمي والمجتمع المدني بهدف التوصل إلى حلول ذكية وحقيقية وعملية، وقيام المدارس والجامعات بنشر تربية وطنية تشجع على خفض الاستهلاك الضخم العشوائي، اضافة إلى تشريع قوانين تلزم الشعب وتحثه على فرز النفايات وتسهل إنشاء مراكز الفرز ومعامل إعادة التدوير”.
واخيرا، دعا عويني الى حضور المؤتمر الوطني الذي سيعقد بين 12 و14 كانون الثاني في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية والذي فيه سيعرض الباحثون من جامعات لبنان: الجامعة اللبنانية، جامعة الروح القدس – الكسليك، جامعة القديس يوسف، الجامعة الاميركية في بيروت، جامعة البلمند وغيرها، اضافة إلى نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس والبلديات من مختلف المناطق، الوكالة الجامعية للفرانكوفونية، السفارات والمنظمات الدولية ESCWA، FAO، UNIDO، UNDP ومنظمات المجتمع المدني، إلخ. ( النتائج التي توصلوا لها بعد الدراسات التي أقاموها”، مؤكدا ان هذه النتائج إن طبقت ستحل مشاكل وطنية واقتصادية.
السيد حسين
من جهته، شدد رئيس الجامعة اللبنانية السيد حسين “على ضرورة ان تقدم الجامعة دراسات علمية في امور بيئية واجتماعية واقتصادية وتنموية وتهتم بهذه الامور كجزء من مهامها الاكاديمية ورسالتها العلمية في المجتمع والدولة”.
وقال: “في العام 2010، أقرت الحكومة اللبنانية برنامجا عن موضوع النفايات وقدمت الاوراق في هذا المجال، لكن للاسف لم ينفذ منها اي شيء حتى هذه اللحظة، واتمنى على معالي وزير الصناعة الحاضر معنا النجاح في هذه المهمة، كما اتمنى للمؤتمر النجاح للوصول الى حل لهذه الازمة”.
الوزير الحاج حسن
واختتم المؤتمر بكلمة وزير الصناعة الذي قال: “شرفني ان نلتقي اليوم لنعلن عن المؤتمر العلمي الوطني اللبناني عن ملف النفايات الملتهب حاليا في لبنان، ولاننا نتحدث عن مؤتمر علمي في لبنان يجب ان نفصل بين البحث العلمي الذي سننخرط به وبين الازمة الحالية حتى يكون كلامنا علميا، ولذلك سأقسم كلمتي الى قسمين، اولا: في العلم وثانيا في الازمة”.
اضاف: “المشكلة الاولى في لبنان هي حجم النفايات، وهذا الحكم يأتي من كميات الاكل التي ترمى من البيوت والمطاعم وهذا يتطلب من المواطنين تخفيف رمي كمية كبيرة من النفايات، ولكن هذا الحل يتطلب على الاقل عشرة اعوام، ففي فرنسا يناقش قانون جديد لتغريم المطاعم التي ترمي كمية كبيرة من الاطعمة. ولكن هذا لا يطبق في لبنان وفي يومنا هذا في خضم الازمة. اما الفرز من المصدر فيتطلب وقتا كذلك ويجب وضع جدول زمني وقوانين وكيفية تنفيذها لكنها ليست الحل الحالي للازمة”.
واشار الى ان “الجميع في لبنان ضد اقامة المحارق”، وقال: “لكنني اقول انه في البلدان المتحضرة في العالم توجد المحارق، وعلى سبيل المثال في فيينا وباريس. فلماذا نعارضها في لبنان”، موضحا ان “المحارق انواع في العالم، منها ما يعمل بالبلازما، او بالتفكك الحراري، او العادية، ومنها ما يعمل بستمئة درجة او 1200 درجة ومنها من الاجيال الاولى والجيل الخامس. وهنا اتحدث علميا وليس سياسيا، وكلنا يعلم ان معايير البيئة في اوروبا هي اعلى معايير في العالم. في مؤتمرنا العلمي اطلب من الجامعات المشاركة في المؤتمر تشكيل وفد لزيارة المحارق في الخارج وأخذ العبرة منها”.
وسأل: “هل بامكان البلديات اليوم ان تدير النفايات لوحدها. في لبنان، البلديات صغيرة وعدد السكان في البلدات لا يتجاوز ال 300 شخص، فمن الطبيعي انه لا يوجد امكانات لهذه البلديات، لذا يجب اللجوء الى الاقضية والى اتحاد البلديات. كما هناك موضوع المطامر، ففي العديد من دول العالم توجد المطامر من دون المحارق ومن دون ترحيل للنفايات، ولكن يجب اقامة مطامر مدروسة بشكل علمي صحيح لا يضر بالمياه الجوفية”.
واكد الحاج حسن “ان ازمة النفايات بدأت سياسية وانتهت وطنية، ما يعني ان هناك احتكارا لشركة واحدة وهي المستفيد من كل ذلك”. وقال: “هناك اسئلة مشروعة كثيرة في هذا الاطار، ونسأل من أوقف دفتر الشروط لاقامة المحارق. الازمة انتهت وطنية، فكيف ذلك. عندما نتحدث عن عجز وتقصير للحكومات السابقة، فهذا امر صحيح، لكن الان نجد مكبا في كل ضيعة. فهذا مقبول ولكن المطمر غير مقبول، ومهما كان المطمر سيئا فهو يبقى افضل من المكبات المنتشرة في القرى والبلدات، فالفشل ليس فقط للحكومة مع انني اقر ان الحكومة عاجزة ومقصرة وفاشلة، لكن هل المتبقين من احزاب وجمعيات بيئية والمواطنين والبلديات الذين يقبلون بالمكبات وليس بالمطامر هم على حق. هذا هو الفشل الوطني، لا احد يريد في منطقته اقامة مطمر وحتى لنفايات قضائه، وعندما رفضت كل الحلول اتخذت الحكومة قرار الترحيل الذي لم يقبل ايضا، فما هو الحل اذا، هكذا اصبحت الازمة وطنية، والجميع معني بها وليس على احد ان يتخفى وراءها”.
اضاف: “جميعنا يتذكر، انه قبل الحرب لم يكن في القرى نفايات، ففضلات الطعام كانت تذهب للحيوانات الموجودة، ولم يكن يوجد اكياس من البلاستيك، بل كان يوجد اكياس من الورق حتى قناني البيبسي كانت ترد للمحل وتستبدل بغيرها. فنظام النفايات كان مختلفا عن اليوم، ولست هنا لادافع عن الحكومة، بل اقول ان المواقع التي قدمت من قبل الحكومة رفضت، فما عليها ان تفعل في هذا الاطار الا التصدير، مع ان البعض قال انه امر غير اخلاقي، لكن افضل من ان تبقى النفايات في الشوارع، وهو امر مكلف جدا ولكن علينا ان نتحمل قرارنا، مع انني اقول انه حل غير نهائي”.
وختم: “هنا لا بد لي الا ان أدعو وزير الزراعة الذي هو المسؤول عن الملف ووزير البيئة المسؤول الاصلي عن الملف، لرعاية “المؤتمر الوطني لادارة وتقييم النفايات في لبنان” بالتعاون مع رئيس الجامعة اللبنانية والمشاركة في النقاشات التي ستتم خلال المؤتمر لايجاد رؤية استراتيجية مستقبلية وللخروج من الازمة الحالية. فدور الحكومة اليوم يكمن في الخروج من الازمة، كما ان لهذا المؤتمر دورا كبيرا، واتمنى ان يكون جامعا تتم فيه نقاشات كبرة وفعالة لوضع خطة استراتيجية ورؤية علمية متكاملة لمرحلة ما بعد الخروج من الازمة”.
واقيم في الختام حفل كوكتيل للمناسبة.