هلا صغبيني
فيما يغرق لبنان في خلافاته السياسية الداخلية، فانه مهدد بخسارة فرصة ذهبية ثمينة ليصبح منتجا مهما للغاز كما قبرص وتركيا واسرائيل التي تعتدي على ثروة لبنان من دون اي حسيب او رقيب.
هذا ما يتناقله العارفون في الشأن النفطي والمسؤولون عنه، وخصوصا بعدما كثرت التسريبات حول الاعتداءات التي تقوم بها اسرائيل وشفطها الموارد النفطية اللبنانية.
وبعد المعلومات التي اوردتها صحيفة «جيروزاليم بوست» نهاية الشهر الماضي حول لقاء تم بين الوزير الاسرائيلي للبنى التحتية الوطنية للطاقة الموارد المائية يوفال ستينيتز والمدير التنفيذي لشركة «ايني» الايطالية دسكيلازي بهدف تعزيز التعاون بين الشركة وبين اسرائيل ومصر وقبرص حول المسائل المتعلقة بالغاز وبحماية امن الطاقة في اسرائيل، علمت «المستقبل» ان هيئة ادارة قطاع البترول في لبنان رفعت في 12 من الشهر الحالي، تقريرا الى وزير الطاقة والمياه ارتور نظريان حول «خطر العدو الاسرائيلي على الموارد البترولية اللبنانية جنوب المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية»، نبهت فيه الى ان هذا التحالف الغازي يشكل تحديا للبنان للاسباب التالية:
قرار البدء بتطوير حقل «كاريش» القريب من حدود لبنان مع احتمال عال بتداخل الموارد الغازية.
الانعطاف الاستراتيجي في توجه شركة «ايني» للاستثمار في لبنان بحيث تكون قد قررت عدم العمل في لبنان واختيار اسرائيل شريكا لها.
نسج تحالف مصدري الغاز في المتوسط مع اسرائيل الامر الذي يحاصر لبنان طاقويا ويجبره في المستقبل على اعتماد حلول قد تكون مكلفة للتصدير او القبول بالتطبيع مع العدو الاسرائيلي.
وبحسب المصادر المطلعة، فان نظريان ارسل نسخة من التقرير إلى كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، في محاولة لخلق حال من الإستنفار للضغط باتجاه دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد لإقرار مرسومي النفط لاستكمال دورة التراخيص الأولى.
في ما يلي نص التقرير:
أولاً: سبق لهيئة إدارة قطاع البترول أن أعدت سابقاً تقريراً تقنياً لمعالي وزير الطاقة والمياه بتاريخ 16/7/2013 (تجدونه ربطاً) حول المكامن الجنوبية اللبنانية والخطر الإسرائيلي على الموارد البترولية اللبنانية جنوب المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وبالتحديد على الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
وقد تضمن التقرير يومها شرحاً تفصيلياً للاعتداءات التي تقوم بها إسرائيل على الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة ولا سيما عند نقطة تبعد نحو 9 كلم عن الحدود اللبنانية الفلسطينية في المياه البحرية، وما يُسمى من قبل العدو الإسرائيلي بحقل غاز «كاريش»، لجهة إمكانية شفط الموارد البترولية اللبنانية.
ثانياً: يهم هيئة إدارة قطاع البترول وبعد المعلومات الجديدة التي استقصتها الهيئة حول قيام العدو الإسرائيلي بالانتقال إلى مرحلة تطوير حقول مكتشفة من قبله في مياه فلسطين المحتلة على مقربة من الحدود البحرية اللبنانية، أن تضع هذه المعلومات بين أيديكم.
ثالثاً: ورد في صحيفة Jerusalem Post بتاريخ 29/10/2015 أن الوزير الإسرائيلي (للبنى التحتية الوطنية الطاقة والموارد المائية) يوفال ستينيتز قد التقى المدير التنفيذي لشركة ENI الإيطالية دسكيلازي بهدف تعزيز التعاون بين الشركة وإسرائيل ومصر وقبرص، حول المسائل المتعلقة بالغاز وبحماية أمن الطاقة في إسرائيل وأوروبا.
ومن أبرز ما تم تداوله في هذا الاجتماع هو الاقتراح الذي تقدم به ستينيتز لدسكيلازي حول قيام شركة ENI بالاستثمار في حقلي «كاريش» (1Tcf) و»تانين» (1.2Tcf) حيث من المحتمل أن تتجاوز هذه الحقول حدود المياه البحرية الإسرائيلية لتصل إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، وفق ما جاء في الصحيفة.
وصرّح دسكيلازي للصحيفة أن «مشاركة موارد الطاقة المستقبلية وكذلك الصادرات والبنى التحتية للنقل بين إسرائيل، قبرص ومصر ستُساهم في تشكيل محور إقليمي للغاز لدعم أمن الطاقة الأوروبي». كما أضاف أن شركات النفط العالمية لا تزال مهتمة بالتنقيب في المياه البحرية الإسرائيلية (فلسطين المحتلة) مشدداً على أن «كل من يريد أن يكون جزءاً من التعاون الإقليمي، عليه أن يكون مرتبطاً بطريقة أو بأخرى بإسرائيل».
وتابعت الصحيفة أنه بعد استقالة وزير الاقتصاد الإسرائيلي أرييل درعي أصبحت صلاحيات وزارة الاقتصاد التي من صلاحياتها إدارة ملف النفط في إسرائيل في يد رئيس وزراء العدو، وهو ينوي تطبيق المادة 52 من القانون الإسرائيلي 1988 (قانون مكافحة الاحتكار) التي ستسمح له بالتهرّب من اعتراضات مفوض مكافحة الاحتكار في مسألة العلاقات الخارجية والأمن القومي وتمرير صفقة الغاز حول حقلي «كاريش» و»تانين».
وفي ما يتعلق بخطة الغاز، أشار ستينيتز إلى أن دخول خطة الغاز حيّز التنفيذ سيؤدي إلى تطوير حقول ليفياتان، كاريش وتمار، وبعد الموافقة على خطة الغاز، ستتمكن كل من شركتي Delek Group وNoble Enerfy من البقاء في حقل ليفياتان على أن تقوم الشركتان ببيع أسهمهما في حقول كاريش وتانين خلال 4 أشهر من الإعلان الرسمي عن خطة الغاز.
إن المعلومات الواردة أعلاه تؤكد بشكل قاطع أن العدو الإسرائيلي سوف يقوم بتطوير حقلي «كاريش» و»تانين» وهذا ما دفع إلى التواصل مع العملاق الإيطالي ENI.
رابعاً: المعلومات التقنية عن حقلي كاريش وتانين: (لطفاً مراجعة الخارطة المرفقة).
1 حقل غاز تانين (Tanin) في رقعة Alon A تم اكتشافه في شهر شباط من العام 2012 على عمق 5551م (عمق المياه 1555م)، تم تقدير المخزون الغازي في هذا الحقل بـ1,2 تريليون قدم مكعب من الغاز.
2 حقل غاز كاريش (Karish) الأقرب إلى الحدود اللبنانية في رقعة Alon C: تم اكتشافه في شهر أيار من العام 2013 على عمق 4800م (1740م عمق المياه) يُقدّر المخزون الغازي في هذا الحقل بـ1 تريليون قدم مكعب من الغاز. (مرفق ربطاً خريطة تُبيّن مواقع الاكتشافات الجديدة وقربها من الحدود اللبنانية).
خامساً: في الخطر المحدق:
يتمثل الخطر المحدق بالموارد البترولية اللبنانية الآن بأن العدو الإسرائيلي قد بدأ سعيه الحثيث لتطوير هذين الحقلين من خلال جذب شركات أجنبية إلى هذا المضمار.
ويبدو أنه بدأ بتحقيق نتائج ملموسة في هذا المجال بعد لقاء نتنياهو المدير التنفيذي للعملاق الإيطالي ENI وهي شركة قد تم تأهيلها وفق دورة التأهيل المسبق التي أجرتها هيئة إدارة قطاع البترول في الربع الأول من العام 2013 للعمل في البحر اللبناني وعرض حقلي «كاريش» و»تانين» عليها بغية تطويرهما بعد تنازل شركة Noble الأميركية عنهما.
يُعدّ هذا مؤشراً خطيراً لأن شركة ENI قد تكون صرفت النظر عن الاستثمار في لبنان نظراً إلى التأخير الحاصل في دورة التراخيص وتعمل على تجميع الاكتشافات الحاصلة في بحر فلسطين المحتلة وقبرص واكتشاف زهر/ المصري وربط الانتاج بالأسواق الإقليمية عبر خطوط الغاز الطبيعي والأسواق العالمية لا سيما الأوروبية منها عبر الغاز المسال LNG والذي تسعى شركة ENI من تحويل الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى معمل دمياط المصري لتسييله والذي تملك ENI حصّة فيه تبلغ 40% (لطفاً مراجعة الخارطة المرفقة).
هذا التحالف الغازي يُشكل تحدياً وخطراً على لبنان للأسباب الآتية:
1 قرار البدء بتطوير حقل «كاريش» القريب من حدود لبنان مع احتمال عال بتداخل الموارد الغازية مع لبنان.
2 الانعطاف الاستراتيجي في توجه شركة ENI للاستثمار في لبنان بحيث تكون قد قررت عدم العمل في لبنان واختيار إسرائيل كشريك لها.
3 نسج تحالف مُصدّري الغاز في المتوسط مع إسرائيل الأمر الذي يُحاصر لبنان طاقوياً ويجبره في المستقبل على اعتماد حلول قد تكون مكلفة للتصدير أو القبول بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي طاقوياً.
وكانت هيئة ادارة قطاع البترول قد رفعت في العام 2013 كتابا الى وزير الطاقة والمياه انذاك جبران باسيل حول «المكامن الجنوبية اللبنانية والخطر الاسرائيلي»، اوصت فيه بوجوب اتخاذ الخطوات «السريعة» الاتية:
المضي قدما في اقرار مرسومي تقسيم المياه البحرية اللبنانية على شكل رقع (بلوكات) ودفتر الشروط لدورة التراخيص الاولى ونموذج اتفاقية الاستكشاف والانتاج.
استكمال الخطوات التنفيذية لدورة التراخيص الاولى وصولا الى تلزيم البلوكات لبدء نشاطات الاستكشاف والانتاج في اسرع وقت ممكن، للحد من الخطر الاسرائيلي المتربص بالموارد البترولية اللبنانية في جنوب لبنان.
التقيد بالاستحقاقات المحددة بموجب خطة العمل والموافق عليها من قبل مجلس الوزراء بالقرار 41 تاريخ 27/12/2013.