وصفت مصادر نيابية بارزة في تصريحات لـ”السياسة” المشاورات التي يجريها زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري في باريس مع عدد من القيادات اللبنانية للخروج من الأزمة القائمة، بأنها “ممتازة وجدية”، كونها تعطي اندفاعة واضحة للخروج من الجمود القائم وتضع الأسس الصحيحة للشروع بحلحلة كل العقد، وفي مقدمها عقدة انتخاب رئيس الجمهورية، باعتبارها المدخل الأساس لانتظام العمل وتفعيل مؤسسات الدولة، وأن ليس هناك من قيمة لأي تحرك ما لم يبدأ بانتخاب الرئيس.
ورأت أن ظروف التوصل إلى حل في هذا الشأن أصبحت أفضل من الماضي، خاصة إثر تلقي القيادات المعنية أكثر من نصيحة بضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي وعدم ترك البلد رهينة في يد المعطلين، لأن استمرار الشغور في الرئاسة يُفقد الدولة الكثير من هيبتها، مشيرة إلى أن الحريري يتحرك بوتيرة قد تكون فاعلة أكثر من الماضي، من خلال تدشين لقاءاته باجتماع مطول مع رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية، أحد أبرز الوجوه المرشحة لرئاسة الجمهورية، بغض النظر عن ارتباطه بفريق “8 آذار” واعتباره من الشخصيات المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد، لأن حل الأزمة يفترض تنازلات من كل القوى على الساحة.
وإذا كان الحريري قادراً على تجاوز عقدة “الكتائب” والنواب المسيحيين المستقلين، يبقى عليه بذل جهود مكثفة لإقناع حليفه في قوى “14 آذار” سمير جعجع مرشح هذه القوى بالدخول في الحل الذي يسير به، خصوصاً إذا ما صدقت الظنون بأن الحريري وجنبلاط ومن ورائهم رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤيدون دعم ترشيح النائب فرنجية.
وعلى هذا الأساس، تقول المصادر إن “حزب الله” سيكون محرجاً، لاضطراره إلى التخلي عن دعم حليفه رئيس “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون الذي قد يصبح أكثر التصاقاً بجعجع، ما يجعل العقدة المسيحية تراوح مكانها، في حين أن عقدة “8 آذار” تبقى أكثر قابلية للحل إذا ما بادر النظام السوري للاتصال بعون لجعله يسلّم بترشيح فرنجية، أو لجأ إلى الضغط على “حزب الله” ليقف إلى جانب رئيس “المردة”، باعتباره حليفاً أساسياً واستراتيجياً لسورية، مع استعصاء في الجهة المقابلة في حل الخلافات، أي داخل فريق “14 آذار”، وبخاصة مع حزب “القوات” إذا لم يتمكن الحريري من إقناعه بالدخول في التسوية قبل انهيار الهيكل على رؤوس الجميع.
وفي المعلومات الخاصة التي حصلت عليها “السياسة” في شأن حراك الحريري، أنه يأتي مع بدء الحديث في الأوساط الإقليمية والدولية عن المنطقة الآمنة شمال سورية التي تقدر بنصف مساحة لبنان، من أجل إسكان اللاجئين السوريين، التي ستكون حمايتها برعاية دولية، بالتوازي مع إمكانية تقسيم سورية إلى دولتين: إسلامية وعلوية، وهذا الأمر كان محور المحادثات في طهران بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، وبين بوتين ومرشد الثورة علي خامنئي.
وفي ضوء ما تقدم، ترى المصادر أن تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على زيادة العقوبات ضد “حزب الله”، يأتي للضغط على الحزب لمراجعة مواقفه ودفعه إلى الانسحاب من سورية وإعادة لبننة قراره الداخلي والدخول في العملية السياسية من باب التسوية المرتقبة في المنطقة.