Site icon IMLebanon

البنزين إلى 20 ألف ليرة قبل نهاية السنة إلاّ إذا تمّ “التثبيت” أو فرض رسوم جديدة

petrolprices

موريس متى

سجلت أسعار النفط عالمياً تراجعاً مستمراً منذ حزيران 2014 بلغ نحو 55 %، نتيجة سلسلة عوامل أبرزها، تخمة الكميات المعروضة في الاسواق، قرار “أوبيك” خفض سقف الانتاج، ضعف الطلب في الاقتصادات الكبرى، قوة الدولار، وغيرها.

مع استمرار هذا التراجع، شهدت أسعار المشتقات النفطية في لبنان وتحديدا سعر صفيحة البنزين انخفاضاً بـنحو 14100 ليرة منذ تموز 2014، وسجل سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان أمس 21300 ليرة، وسعر صفيحة الـ98 أوكتان 21900 ليرة، بعدما انخفض سعر الصفيحة 100 ليرة، في وقت ارتفعت فيه التوقعات بتسجيل سعر الصفيحة 20 الف ليرة في حلول نهاية السنة الجارية، في حال عدم إتخاذ الحكومة أي قرار بتثبيت السعر، أو بفرض ضريبة إضافية.

هل تفرض الرسوم؟
المستويات المتدنية التي وصلت اليها أسعار المشتقات النفطية وتحديدا سعر البنزين، قد تدفع الحكومة الى التفكير في اتخاذ قرار مشابه للقرار 2006/109 الذي صدر عام 2006 وتم من خلاله تثبيت سعر صفيحة البنزين عند 22800 ليرة، بهدف زيادة حجم الرسوم التي تجنيها الدولة عن كل صفيحة. كذلك يمكن ان تتخذ الحكومة أيضاً قراراً بفرض ضريبة إضافية على سعر الصفيحة لتمويل مشاريع معينة. في هذا السياق، تم الحديث في كواليس وزارتي المال والطاقة عن إمكان وضع دراسة شاملة للاستفادة من فرض ضريبة بقيمة 3000 ليرة على كل صفيحة بغية توفير جزء من التمويل المطلوب لسلسلة الرتب والرواتب مثلاً. وفي حال عاودت اسعار النفط ارتفاعها، من الممكن إعادة إلغاء هذه الضريبة.
وهنا لا بد من التذكير بأن معدل الاستهلاك المحلي لمادة البنزين يُقدر بنحو مليون و500 ألف طن سنوياً، اي ما يعادل مليارين و800 مليون ليتر (140 مليون صفيحة بقيمة تبلغ ما يقارب المليارين و146 مليون دولار). وفي حال فرضت ضريبة بنحو 3000 ليرة على كل صفيحة، ستتمكن الدولة من تحصيل إيرادات بـ 280 مليون دولار تقريباً خلال هذه السنة. مع الاشارة الى ان الاجراءات الضريبية المفروضة على كل صفيحة بنزين تصل قيمتها الاجمالية الى أكثر من سبعة آلاف ليرة. علماً ان قراراً مماثلاً يحتاج الى أن تقترحه وزارة المال على طاولة مجلس الوزراء كي يتم إقراره.
وتبرر مصادر مطلعة اي قرار قد يصدر حول إمكان تثبيت الاسعار أو فرض ضريبة على سعر الصفيحة، أو فرض رسم استهلاك لمصلحة خزينة الدولة ( شبيه بالرسم الذي فُرض منتصف كانون الثاني 2015 بقيمة 500 ليرة على كل صفيحة، لمرة واحدة، على ان يعتبر السعر الجديد السعر الاساس الذي يخضع لأي تعديل مستقبلا)، بأنه يساهم حتما في تعويض بعض الإيرادات التي يتم تحصيلها عبر الرسوم المفروضة على صفيحة البنزين، والتي تراجعت بشكل كبير منذ مطلع تموز 2014. فنتيجة تراجع سعر صفيحة البنزين من نحو 36000 ليرة في تموز 2014 الى ما يقارب 22000 ليرة، تراجع رسم الـ TVA المفروض على سعر الصفيحة من 3600 ليرة الى 2200 ليرة فقط، وهذا ما قد يبرر سعي السلطات المعنية الى وضع حد لهذا النزف في الايرادات.

أسعار النفط… إلى أين؟
سجلت أسعار النفط أدنى مستوياتها منذ اعوام، بعد تراجع سعر البرميل من 115 دولاراً في 19 حزيران 2014 الى 43 دولاراً حاليا، ما يعني ان الاسعار سجلت أطول فترة انخفاض منذ 20 عاماً. ومن المتوقع ان يستمر هذا التراجع في الفترة المقبلة نتيجة عوامل عدة، منها:
– استمرار ارتفاع الكمية المعروضة في الاسواق العالمية مما يشكل عاملا ضاغطا على الأسعار. وتتجه أنظار العالم حالياً الى اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبيك” الذي يعقد في 4 كانون الاول المقبل في فيينا، لتحديد السياسة النفطية المستقبلية للمنظمة، في الوقت الذي لا تبشر التوقعات بالخير في ما يتعلق بإمكان خفض سقف الانتاج المحدد من المنظمة بنحو 30 مليون برميل يوميا.
– المخاوف المستمرة من الوضع الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر إقتصاد في العالم، وثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. وقد سجل هذا الاقتصاد تباطؤا ملحوظا هذه السنة مع توقعات بإستمرار ضعف النمو في الفترة المقبلة.
– رفع الحظر عن إيران تطبيقاً للإتفاق النووي المعقود بينها وبين القوى الكبرى. وقد أكدت طهران استعدادها لزيادة إنتاجها 500 ألف برميل يومياً فور رفع العقوبات، على أن تصل هذه الزيادة الى مليون برميل بعد أشهر، ما يؤدي حكما الى فائض اضافي في الاسواق.
-توقعات بمزيد من القوة للدولار مع اقتراب موعد رفع البنك الفيديرالي الاميركي اسعار الفائدة في الشهر المقبل، في خطوة تعزّز مكانة العملة الأميركية وترفع أسعار السلع المقوّمة بالدولار، ومنها النفط، مما ينعكس سلبا على الطلب تجاه هذه السلع.
– خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لسنة 2016 بسبب خفض آفاق النمو في الصين وروسيا ومنطقة الاورو واليابان، وكذلك ضعف النشاط الاقتصادي في عدد من الدول الكبرى المصدرة للنفط بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط.
– توقعت وكالة الطاقة الدولية ان يشهد الطلب العالمي على النفط تباطؤا في النمو سنة 2016 مقارنة بهذه السنة، واشارت الى ان انتاج الدول غير الاعضاء في منظمة “اوبيك” لن يشهد اي نمو.
ولكن!
رغم كل هذه العوامل، ظهرت في الفترة الاخيرة بعض المعطيات التي قد تعيد الاستقرار الى سوق النفط، مما قد يساهم في إعطائها جرعة دعم، ومنها توقع “اوبيك” زيادة الطلب العالمي على نفطها سنة 2016، ويشكل تالياً بداية لاعادة التوازن الى السوق التي تشهد زيادة هيكلية في الانتاج على خلفية الاسعار المعتدلة. وفي حين توقع تقرير لمصرف “يو بي أس” العالمي تعافي أسعار النفط في حلول 2016، ثمة مخاوف من تطورات المرحلة المقبلة وما قد ينجم عنها من تداعيات على الامدادات عموماً، مع توسع الحرب السورية ودخول القوى الكبرى على خط الازمة عسكريا.
وتبقى الاسابيع المقبلة مفصلية لتحديد مسار الذهب الاسود، في انتظار التطورات الجيوسياسية، وقرارات “أوبيك” والفيدرالي الاميركي وغيرها من العوامل، وستكون لها في النهاية انعكاسات على أسعار المحروقات في لبنان.