لوسي هورنبي، و جيمس فونتانيلا-خان، و هنري مانس
ستيف فوربس، وريث واحدة من دور النشر الأكثر شهرة في العالم، والمرشح غير الناجح لمرتين في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ليس معروفا بشغفه، لكنه بدا غاضبا في اجتماع خاص ساخن في هونج كونج في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
قبل شهر من ذلك، كانت عائلة فوربس قد باعت أعمالها التجارية الإعلامية إلى شركة استثمارات ميديا ويل المتكاملة، وهي مجموعة من المستثمرين الآسيويين، في صفقة منحت الشركة قيمة تبلغ 475 مليون دولار، لكن بحلول وقت لقاء تشرين الأول (أكتوبر)، كان المشترون قد فشلوا في تسديد مدفوعات الفائدة التي بلغت نحو 40 ألف دولار. كانت هذه المدفوعات غير المسددة بمثابة “ازدراء للاتفاق، وازدراء لعائلتي وازدراء لي شخصيا”، بحسب ما قال فوربس لسامي وونج، ممثل شركة ويل المتكاملة، وفقا لدعوى قضائية رفعتها أسرة فوربس في ولاية ديلاوير.
وقال شخص مطلع على الوضع “كان مبلغا صغيرا لا غير، لكن العائلة استاءت جدا”. يخيم النزاع القانوني الأمريكي الفوضوي الآن بظلاله على مستقبل مجلة فوربس، “الأداة الرأسمالية” التي نصبت نفسها بنفسها، التي كانت نصيرة الأسواق الحرة لنحو قرن من الملاحقة، في كل صغيرة وكبيرة.
كما أنها سلطت الضوء أيضا على عائلة فوربس، التي أنشأت شركة النشر الرئيسية من خلال المجلة، لتصبح حَكَما على ثروات الآخرين، لكن إبقاءها على ثروتها مسألة تخمين. كانت الأسرة تعتمد منذ فترة طويلة على سمعتها الجيدة بالخبرة المالية.
في ذروة الأزمة المالية، ظهر فوربس على غلاف مجلته في محاولة لتهدئة أعصاب القراء. أما ابن أخيه، ميجيل، فشعر بحالة “فقدان إيمان عام” في مديري الصناديق التقليدية، وأطلق صندوق ائتمان عائلة فوربس لتقديم المشورة لكبار الأثرياء. الآن، تعد تعاملات العائلة المعقدة مع شركة ويل المتكاملة، بمثابة وضع لسمعتها- عماد العلامة التجارية فوربس- على المحك.
قالت شركة ويل المتكاملة في بيان لها “إن شكوى عائلة فوربس هي في الواقع تماما بلا أساس”. لم يوافق أي من الطرفين على التعليق على هذا المقال، كما أن الدعوى المقدمة منقحة بشكل كبير بالخطوط السوداء “لإخفاء الأجزاء الحساسة من النص”. مع ذلك، تقدر صحيفة فاينانشيال تايمز بأن 110 ملايين دولار- على شكل قروض وأموال موجودة في حساب ضمان – قد تكون عرضة للخطر.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تعوق الدعوى الخطط الطموحة لبناء المراكز المالية ذات العلامة التجارية فوربس في جميع أنحاء العالم.
بالنسبة إلى عائلة فوربس، يبدو أن بيع مجلتهم الرائدة كان أمرا ضروريا. اشترت شركة شركاء إيليفيشن، وهي شركة أسهم خاصة منتسبة لبونو، مغني يو تو، حصة أقلية في شركة فوربس ميديا في عام 2006، وكان لديها خيار بيعها مرة أخرى إلى مجلة فوربس، بنفس السعر بعد مرور عقد من الزمن.
لتجنب الاضطرار إلى شراء الحصة مرة أخرى، أمضت عائلة فوربس عاما في البحث عن مستثمر جديد. وتقاعست كل من شركة آكسيل سبرينجر في ألمانيا وفوسن الدولية في الصين، اللتان كانتا بالفعل قد حصلتا على ترخيص للعلامات التجارية، عن قبول السعر الذي تجاوز 400 مليون دولار لأعمال تجارية بلغت أرباحها النهائية قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والتخفيض والاستهلاك، نحو 20 مليون دولار.
إضعاف العلامة التجارية
تراجعت مبيعات النسخة المطبوعة من مجلة فوربس، شأنها شأن غيرها من المنشورات، لكن المجلة صورت نفسها للمساهمين المحتملين على أنها مبتكر إلكتروني. أثناء وجود لويس دفوركين، رئيس شركة الإنتاج الموهوب والمستقل، استخدمت أكثر من ألف من الكُتاب المساهمين الهواة – الذين كانوا يتلقون المال استنادا إلى شعبية مقالاتهم – وسمحت للمعلنين بنشر المواضيع مباشرة على موقع المجلة.
يقول كين دكتور، محلل لوسائل الإعلام “كان لدى – فوربس – صورة مزدوجة، فقد كانت الشركة من قبل رائدا رقميا في الترويج الذاتي، لكن في الوقت نفسه، عرَّضت علامتها التجارية لكثير من التساؤلات”.
بدا الاستحواذ في شهر تموز (يوليو) من عام 2014 من قبل شركة ويل المتكاملة وكأنه الرد على المشككين. كانت هنالك تلميحات بأن شركة ويل المتكاملة يمكنها توسيع العلامة التجارية لمجلة فوربس لتصبح الخدمات المالية والممتلكات الآسيوية.
وقال فوربس، الذي وافق على البقاء في منصبه كرئيس لمجلس الإدارة “يحترم شركاؤنا الجدد رسالة العائلة، وكذلك إيماننا العميق بالرأسمالية التجارية والأسواق الحرة”. في آسيا، قال الرئيس التنفيذي لشركة فوربس مايك بيرليس “بصراحة، ستيف شخص محترم”.
غير أن اختيار “ويل المتكاملة” قد يتبين أنه خيار مكلف، حيث إن المساهم المسيطر في المجموعة، الممول يام تاك تشيونج من هونج كونج، يتمتع بعلاقات وثيقة مع صاحب كازينو معروف بتقديمه القروض لشركات متقلبة ذات رسملة سوقية صغيرة في هونج كونج.
منذ الآن كشفت شكوى ديلاوير عن الحقيقة غير العادية أن عائلة فوربس أقرضت عشرات الملايين من الدولارات ليام لتمويل جزء من عملية الاستحواذ. إن مثل هذا البيع التمويلي – حيث يقرض البائع المال للمشتري لتمويل الاستحواذ – غير مألوف، لكنه ليس جديدا. يقول أحد مصرفيي الاستثمار من غير المنخرطين في الصفقة “نادرا ما تتم هذه العملية، عندما يكون البائع يائسا من إبعاد هذه الأعمال، وعندما لا يمتلك المشتري ما يكفي من المال”.
يتركز نزاع عائلة فوربس حول القرض، الذي تم ضمن ثلاث شرائح. تدعي مجلة فوربس أنه يجب على “ويل” المتكاملة تسديد المبلغ مبكرا لأنها تخلفت عن تسديد أول مدفوعات فائدة، التي تبلغ نحو 40 ألف دولار فقط بعد مرور 18 يوما على إبرام عملية البيع.
أرادت شركة ويل المتكاملة مبدئيا شراء 80 في المائة من شركة فوربس ميديا، بحسب ما قال شخص مطلع على الصفقة عن كثب، لكن شركة فوربس أصرت على أن شركة المركبات الاستثمارية المسجلة في جزر فيرجن البريطانية، تأخذ الشركة بأكملها. في النهاية، وافق الجانبان على أن شركة ويل المتكاملة قد تستحوذ على 80 في المائة نقدا، إضافة إلى 15 في المائة إضافية في هيكل يموله البائع.
يقول شخص مطلع على الصفقة “إن شركة ويل المتكاملة طلبت أن تبقي عائلة فوربس على حصة بنسبة 5 في المائة – وبالتالي تحافظ على هيبة هذه العلامة التجارية”. يصر أنصار شركة ويل المتكاملة على أنه كان بإمكانهم شراء حصة كاملة بنسبة 95 في المائة نقدا. يقول المصدر “هم لا يريدون أن يعتقد الناس أنه ليس لديهم المال، ويحتاجون إلى أموال عائلة فوربس لشراء مجلة فوربس”. دفعت “ويل” المتكاملة بالفعل مدفوعات الفوائد اللاحقة.
مشكلة الدفع
هذا قد يؤدي إلى حدوث معضلة: لو كان لدى شركة ويل المتكاملة ما يكفي من النقد، لماذا لم تقم بتسديد مدفوعات الفائدة الأولى في موعدها، ما جعلها عرضة لإعادة التسديد الفوري للقرض بأكمله؟ رفضت الشركة التعليق. تقول عائلة فوربس، في قضيتها، “إنه لم يتم تقديم أي تفسير واضح في البداية”.
بعد مرور يومين على لقاء فوربس المشحون مع وونج في هونج كونج، اجتمع الطرفان مرة أخرى في مؤتمر الرؤساء التنفيذيين العالمي لشركة فوربس في سنغافورة، وهو حدث لامع، حيث كان ضيوف الشرف فيه هم رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونج ودانين شيارافانونت، الذي يتصدّر قائمة فوربس لأغنى 50 شخصا في تايلاند. كانت شركة هانيرجي، التي كانت آنذاك شركة صينية محلقة للطاقة الشمسية، واحدة من الشركات الـ 12 الراعية. من بين الحضور أيضا كانت صاحبة الكازينو بوليانا تشو وابنها، كينجستون تشو. اصطف الثنائي بكل فخر إلى جانب لي ويام، المساهم المسيطر في شركة ويل المتكاملة، لأخذ صورة مرموقة نشرت في كتيب الاجتماع.
تساعد شركة تشو، كينجستون المالية، الشركات على إصدار أسهم في هونج كونج لتسديد القروض. تعتبر شركة كينجستون للأوراق المالية، التي تملكها تشو وشقيقتها، لاعبا فاعلا في أسهم الشركات ذات الرسملة السوقية الصغيرة في المركز المالي، وكانت مشاركة في عدد من الشركات المدرجة المرتبطة بالقسم المعلق الآن في شركة هانيرجي والمدرج أيضا في البورصة، وكذلك في سلسلة من الصفقات المعقدة مع الشركات ذات الرسملة السوقية الصغيرة، التي تتميز بتغيرات سريعة في الأسعار، وعدد صغير من المساهمين المسيطرين، وحيازات غير معلنة.
لم يستجب يام للأسئلة المتعلقة بتعاملاته التجارية مع “كينجستون”، لكن يبدو أنها تمتد على مدى عدة سنوات. في نزاع على القرض لا علاقة له بالأمر ونظرت به محاكم هونج كونج في 2009-2010، حاول يام إحالة مقترض إلى شركة كينجستون المالية، بعد أن كان هذا المقترض غير قادر على سداد القروض لشركة كابيتال المتكاملة “آسيا”، التي كان يام عضوا في مجلس إدارتها.
السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كثير من المراقبين هو: لماذا تود مجلة فوربس أن تبيع منتجها الرئيسي لممول مبهم في سوق هونج كونج؟ ولماذا قد تقرر إقراض المال للقيام بذلك، رغم التردد الواضح لشريك معروف بشكل أكبر على أنه مقرض أكثر من كونه مقترضا؟ مع ذلك، ربما كان ينبغي ألا تأتي تعقيدات التعاملات التجارية ليام كمفاجأة لعائلة فوربس. تنص دعوى ديلاوير على أن العائلة كانت قد تعاملت مسبقا مع وونج، الساعد الأيمن ليام. كما أنها تنص على أن الشركة المقترنة بمجموعة رأس المال ويل التابعة لوونج كانت قد حصلت على ترخيص للاسم فوربس منذ عام 2010، لكنها وقعت في متأخرات لمدفوعات التراخيص بحلول عام 2014. لم تكشف “فوربس” عن هذه الرابطة السابقة أثناء وقت البيع.
وهذا يعني أنه في الوقت الذي كان فيه فوربس يعلن عن عملية البيع، كانت أسرته بالفعل دائنة لمدفوعات التراخيص المتأخرة، من قبل الأطراف المرتبطة بشركة ويل المتكاملة. حتى عندما تكشف النزاع، استمر تبلور الخطط المتعلقة بمستقبل “فوربس” مع شركائها الجدد. في أيلول (سبتمبر) من عام 2015، حقق المطورون تقدما في خطة متوقفة لبناء أول برج لشركة فوربس ميديا في الفلبين – أكبر الجهود حتى الآن لنشر العلامة التجارية خارج نطاق وسائل الإعلام. في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، دخلت “فوربس” مجال الاتصالات، مطلقة بطاقة سيم منخفضة التكلفة للمسافرين.
مهمة الاسترداد
إن مثل هذه الخطط قد تكون الآن في خطر. حيث إن شركة ويل المتكاملة تعوق الإفراج عن مبلغ يعادل نحو 10 في المائة من الصفقة الموضوعة في حساب ضمان في جزر فيرجن البريطانية، بحسب ما تقول شكوى فوربس، لأنها تشعر بالقلق حيال المطالبات المحتملة المقدمة من زعيم القلة الأوكراني المهجور.
قامت مجموعة “يو إم إتش” لسيرهي كورتشينكو بشراء الشركة التي منحت ترخيصا للنسخة الأوكرانية لمجلة فوربس في شهر حزيران (يونيو) من عام 2013، لا لشيء إلا لترغم فوربس على إلغاء الترخيص في آذار (مارس) من عام 2014، بعد أن جمد الاتحاد الأوروبي أصول زعيم الأقلية.
يقول فوربس “إنه قام بحماية وحدة فوربس ميديا من أي مطلوبات محتملة جراء النزاع الأوكراني”. أشخاص على دراية بالموضوع يرون أن تلك المطلوبات ينبغي أن تكون أقل من خمسة ملايين دولار، لكن هنالك مبلغا إضافيا مقداره 35 مليون دولار في حساب الضمان إذا لزم الأمر. توقعت تقارير وسائل الإعلام أن تحاول عائلة فوربس استخدام هذا النزاع لإعادة شراء مجموعتها الإعلامية: إذا لم يتوصل كل من شركة ويل المتكاملة ومجلة “فوربس” إلى اتفاق، فإن محكمة جزر فيرجن البريطانية يمكن أن تفرض تصفية لحصة مستثمري هونج كونج.
ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان عائلة فوربس، التي كانت تقوم ببيع الأصول الثمينة لسنوات، تمويل مثل هذا الاستثمار. فوربس، الذي أنفق 70 مليون دولار من ماله الخاص أثناء سعيه وراء ترشيح الحزب الجمهوري له في عامي 1996 و2000، رفض وبشدة إعطاء تفاصيل عن ثروته. حصلت العائلة على أقل من عشرة ملايين دولار نقدا من الصفقة التي أبرمتها مع شركة ويل المتكاملة، بحسب تقديرات دكتور في ذلك الوقت. مع ذلك، يقول أناس قريبون من فوربس “إن السيطرة على المجموعة ليس هو هدفهم. ما يريدونه هو أموالهم” – وأوضحوا أنهم سيبذلون كل جهد ممكن من أجل استعادة المال. حتى إن استطاعوا فرض عملية البيع، قد لا تكون العائلة قادرة على استعادة سيطرتها على اسم العائلة فوربس.